الكوريتان والانقسام الأمريكي الداخلي
مُذ قسّمت الولايات المتحدة شبه الجزيرة الكورية في عام 1945، كان على كوريا الشمالية أن تتعايش مع تحدي العدوانية الأمريكية تجاهها. يمكن اعتبار كوريا الشمالية بمثابة علامة حدودية تفصل ما بين الإمبراطورية الغربية، حيث تتركز القوة البحرية للولايات المتحدة من جهة، والقوى الأرضية لكلّ من روسيا والصين من جهة أخرى. لكنّ الوضع الدولي الجديد الذي يلقي بظلّه ثقيلاً على المسرح العالمي يؤثر في كوريا الشمالية كما يؤثر في بقيّة العالم، وقد أراد الظرف لها أن تكون في هذه المرحلة على تماسِّ مباشر مع الانقسام الداخلي الأمريكي. وهو ما يجعل من كوريا الشمالية شاهدة على تغييرات سريعة متباينة الشدّة تجعل من الصعب على الصور النمطية التقليدية أن تخدم في فهم ما يجري فيها، وفي الإقليم الذي يحتويها.
بقلم: تيم بيل
تعريب وإعداد: عروة درويش
حدود الأمر الواقع
استفادت كوريا الشمالية من الوضع الدولي في عام 1945 لتتمكن من إنشاء دولة ذات سيادة بعد التقسيم الأمريكي للكوريتين: جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية. فلا موسكو ولا بكين قد رحبتا باستقلالها، لكنّهما تسامحتا مع الأمر، لأنّ البديل كان دولة عميلة تمتصها الإمبراطورية الأمريكية. واشنطن لم تستطع وهي التي تحاول الهيمنة على العالم أن تتسامح مع هذه الدولة المستقلة التي فرضتها عليها قيود لم تعد قادرة على تخطِّيها، ولهذا ومنذ البدء انتهجت تجاهها سياسة عدائية سِمتها الدبلوماسية الصارمة والحرب الاقتصادية بشدات متباينة بحسب المرحلة، لتتوقف العدائية عند عدم شنّ حرب فعليّة، ولكن لم تقف أيضاً بعيداً عنها.
أسقطت الولايات المتحدة الخيار العسكري المباشر من حساباتها مع كوريا الشمالية مراراً بسبب عدم ضمانها للعواقب، وهو ما شكّل إهانة لغطرستها وهيمنتها. لكنّ الوضع من الجانب الكوري أكثر خطورة وجديّة: فالحرب المباشرة مع الولايات المتحدة قد تعني تدميرها، بينما تعني العدائية الدبلوماسية والاقتصادية إفقارها- في ظلّ شحّ المعلومات، حيث تعلن البيانات الغربية وفقاً لمؤسسة هيونداي للأبحاث بأنّ الناتج القومي الإجمالي مقاساً بالفرد في كوريا الشمالية هو 1013 دولار عام 2016، وهو ما يشكل فقط 3,7% من نظيره في كوريا الجنوبية الذي يصل إلى 27195 دولاراً في ذات العام.
الأخطبوط المؤذي
يركز الإعلام الغربي والساسة الغربيون منذ البدء، وقد تكثّف الأمر في العقدين الماضيين، على إظهار كوريا الشمالية كمصدر تهديد للولايات المتحدة، لكنّ الحقيقة أنّ كوريا الشمالية بحدّ ذاتها لا يمكنها تبعاً لأكثر السيناريوهات سوداوية سوى أن تقوم بردّ فعل انتحاري. إنّ أهميّة كوريا الشمالية بالنسبة للأمريكيين تنبع من كونها خدمت وتخدم حاجة جيو- سياسية كنقطة توتر في شرق آسيا ضمن الصراع مع روسيا/الاتحاد السوفييتي والصين.
لكنّ مشكلة الولايات المتحدة في هذه الأيام أنّها قد تحوَّلت من سمكة قرش إلى أخطبوط. والفرق بينهما أنّ سمكة القرش كجميع الحيوانات «وكذلك البشر» لديها دماغ يتحكم ببقية الجسد، أمّا الأخطبوط فجهازه العصبي لا يتيح التفريق بين دماغ وجسد وكلّ ذراع تتصرف على هواها بشكل غير مركزي، وذلك مع الحفاظ على أنّ هذه الأذرع خطرة.
توضّح الإدارة الأمريكية الحالية عدم قدرتها على ضبط أحداث الطبيعة الأخطبوطية غير المتناسقة وغير الفاعلة وظيفياً للدولة الأمريكية. وبعيداً عمّا تناوله الإعلام عن جنون ترامب، فليس هناك رئيس أمريكي عانى من انقسام النخب السياسية والبيروقراطية الأمريكية كما ترامب. والانتقاد الأكبر الذي يوجهه ذراع الشؤون الخارجية المتحالف بقوة مع مجمع الصناعات العسكرية لترامب، أنّه لا يفهم بأنّه يدير إمبراطورية وليس دولة.
وفي سياق التوتر مع كوريا الشمالية، فالدور الإمبريالي للولايات المتحدة يعني بأنّ السلام مع كوريا الشمالية ليس بالأمر الوارد على الإطلاق. ورغم أنّ احتمالية وصول ترامب إلى هكذا سلام منخفضة جداً، فمجرّد الجدِّية في طرح «حلّ الأزمة الكورية الشمالية» تعني بأنّ التيار الذي أوصل ترامب إلى السلطة راضٍ بوضع حدود للهيمنة الجيوسياسية للولايات المتحدة على شرقي آسيا.
سيؤول والمدّ والجزر الأمريكي
فشلت كوريا الشمالية بالتحادث المباشر مع ترامب في 2017، ما جعل كيم جونغ أون يتجه بنوع من المناورة إلى مون جي- إن رئيس كوريا الجنوبية، متجاهلاً الولايات المتحدة وترامب.
وصل مون إلى السلطة بعد اندلاع مظاهرات «ثورة الشموع»، لكنّ رغم خطابه بدا واضحاً بأنّه لن يستطيع تحقيق الكثير من التقدم في عملية السلام في شبه الجزيرة الكورية. فمون ليس قوياً كفاية للوقوف في وجه تكتل المحافظين/الجيش المتحالفين مع الولايات المتحدة. فهذه القوى النافذة في السياسة الكورية الجنوبية لا مصلحة لها في تحقيق السلام. ولهذا وعندما أعلنت كوريا الشمالية رغبتها في المشاركة في الألعاب الأولمبية التي أجريت في كوريا الجنوبية في عام 2018، قبل هؤلاء الدعوة على مضض لأنّه لم يكن بوسع لا للمحافظين ولا للولايات المتحدة أن يرفضوا علنياً هذه المبادرة. وهو ما أدّى إلى اللقاء بين كيم ومون في نيسان 2018.
لكن ورغم أنّ كوريا الجنوبية ذات أهمية كبرى لكوريا الشمالية، فالولايات المتحدة هي الطرف المهم بالنسبة لهم. فالولايات المتحدة لا تزال تهيمن على القرار الكوري الجنوبي، والقوة العسكرية الأمريكية هي التي تهدد استقلال كوريا الشمالية، والعقوبات الدبلوماسية والاقتصادية الأمريكية هي التي تفقر البلاد. ولهذا فإنّ تحسين العلاقات مع الجنوب لوحده لا يضيف الكثير إلى كوريا الشمالية. فمون يحتاج للموافقة الأمريكية حتّى يقوم بأيّة خطوة هامة مع الشماليين.
دراما الأسلحة النووية الشمالية
تعتبر كوريا الشمالية بأنّ تطويرها للأسلحة النووية هو الرادع لهجوم أمريكي عليها. والقضية الكبرى هي إن كانت قد توصلت لتطوير تكنولوجيا تسمح للصواريخ بعيدة المدى أن تعود لتدخل في مدار الأرض دون أن يدمرها ارتفاع الحرارة الهائل الذي تولده. ورغم أنّ كيم قد أعلن تحقيق هذا فلا يزال بعض الخبراء الغربيين يشككون في الأمر.
لكن حتّى لو كان لدى كوريا الشمالية مجموعة من الصواريخ النووية البالستية العابرة للقارات فاعلة وجاهزة، فلا تزال تشكل خطراً ضئيلاً على الولايات المتحدة. فالتهديد بالانتقام شيء، والقيام بهجوم عدواني شيء آخر تماماً. إنّ أسطورة التهديد الكوري الشمالي هي منتج سياسي أمريكي بامتياز تمّ خلقه وإعادة إنتاجه على طول عقود. فمثل هذا الخطر يعطي للسياسيين شعارات ورايات لحملها، شعارات ورايات تخدم تحقيق الأجندة.
لكنّ استخدام أسطورة التهديد لخدمة أجندة التوسع العسكري شيء، واستخدامها للذهاب للقاء كيم شيء آخر. أدّى قبول ترامب للدعوة للقاء كيم لقلق وانزعاج المؤسسة الإمبريالية الأمريكية. وبدأت أذرع الأخطبوط على إثر عدم موافقتها على ذلك بالتضخُّم والتحُّرك. إنّ مؤسسة الخارجية الأمريكية، العسكرية منها أو المدنية، لا سبب مقنع لديها لدعم الوصول لأية تسوية مع كوريا الشمالية، وستعارضها علانية وسراً بحسب الحاجة.
إنّ الصراع القائم في واشنطن هو المفتاح لفهم المشهد السياسي المسرحي في لقاءات كيم- ترامب.
قاطنوا المنطقة الآخرون
للدول المختلفة الموجودة في شرق آسيا مصالح متباينة في بقاء التوتر أو زواله من منطقة شبه الجزيرة الكورية. فاليابان، وخاصة تحت قيادة شينزو آبي، تسعى إلى الإبقاء على هذا التوتر مرتفعاً- مع حرصها على عدم ارتفاعه لمرحلة نشوب نزاع يصل إليها- حيث تسعى إلى تعزيز إعادة عسكرة اليابان وإلى تشتيت انتباه الناخبين اليابانيين عن الفضائح المحلية.
أمّا الصين وروسيا، ورغم التباين فيما بينهما، فلديهما قواسم مشتركة كبرى هنا. تواجه كلتا الدولتين عدوانية الولايات المتحدة، وكلتاهما تسعيان جاهدتين إلى تجنب حرب معها، أو على الأقل تأجيلها بقدر الإمكان. لكن ومع تسارع الأحداث وتراكمها: روسياغيت «محاولة الطعن بوصول ترامب إلى المكتب الرئاسي بإثارة فضيحة تواطئ روسيا معه وتلاعبها بالانتخابات، وقد اكتسبت اسمها من فضيحة الرئيس نيكسون ووترغيت»، وتوتير الأوضاع في بحر الصين الجنوبي، ونشر منظومة الدفاع في المناطق ذات الارتفاعات العالية الطرفية «ثاد»، والحرب التجارية المستمرة، وسورية وهواوي... إلخ- تجبر كلّ هذه القضايا والتراكمات روسيا والصين على الأخذ في حسبانهما إمكانية إجبارهما على الدخول في حرب مباشرة أو غير مباشرة مع الولايات المتحدة.
عبّر مسار الأحداث حتّى وقت قريب عن الضعف النسبي في مواقف الصين وروسيا في مواجهة الهيمنة الأمريكية في شبه الجزيرة الكورية. فبدلاً من الوقوف بصلابة ضدّ فرض الولايات المتحدة عقوبات على كوريا الشمالية في مجلس الأمن، وهي العقوبات التي تبدو بدون أدنى شك أنّها تخالف ميثاق الأمم المتحدة وأعراف القانون الدولي، فقد ساومتا في الأمر عبر اتباع إستراتيجية تخفيف القرارات ثمّ عدم تنفيذها بدقة، مثل التنسيق بين روسيا وكوريا الشمالية بخصوص العمالة الكورية في روسيا والإبقاء عليها رغم عدم فاعليتها الاقتصادية. لكن علينا أن نكون واقعيين في هذه المقاربة، فهذا الأمر ليس ساكناً وغير قابل للتغيير. تكتسب روسيا والصين بازدياد القدرة على تحقيق مكاسب ضمن إطار مجلس الأمن والأمم المتحدة برغم معارضة الولايات المتحدة ومحاولاتها الفاشلة للتعطيل.
بات على الدول حول العالم، سواء بسعادة أو بانزعاج، تطبيق قرار الولايات المتحدة بتجويع كوريا الشمالية وإخضاعها بسبب تحوله من قرار أمريكي إلى قرار دولي صادر عن مجلس الأمن. وكما ورد في تقرير تابان ميشرا، منسق الأمم المتحدة لاحتياجات كوريا الشمالية، في آذار 2019: «حوالي 40% من شعبها يعانون من انعدام الأمن الغذائي ونقص التغذية وعدم القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية». وكلّ هذا باسم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. ولهذا فالتعويل على الدور المتزايد لروسيا والصين في مواجهة هيمنة الولايات المتحدة على المؤسسات الدولية ليس بالأمر غير الواقعي في سياق ما ستؤول إليه الأحداث.
كوريا الجنوبية بين الاستقلال والخضوع
إنّ كوريا الجنوبية حالة خاصة جداً. فقد تمّ إنشاؤها من قبل الولايات المتحدة عام 1945 كدولة تابعة من مخلفات الإمبراطورية اليابانية، كانت حصناً يحمي اليابان من العدوى القادمة من البرّ الأوراسي. وأصبحت ركيزة أساسية لإستراتيجية الولايات المتحدة في شرق آسيا، واستفادت من نواح كثيرة من المساعدات الضخمة والسماح لها بالوصول إلى أسواق الولايات المتحدة. لكنّ هذه المساعدات كبّلتها. فرغم النمو الاجتماعي والاقتصادي الذي يؤخذ في الاعتبار، فلا تزال بعيدة جداً عن الاستقلال. جيشها يصبح تحت سيطرة الولايات المتحدة في أوقات الحرب، لكن أيهم الجيش في الأوقات الأخرى حقاً؟ ومن الأمثلة التي تظهر أنّ الولايات المتحدة تضحي بأمنها لصالح أهدافها الإستراتيجية هي نشر منظومة ثاد الموجهة نحو الصين، والتي لن تحميها من صواريخ كوريا الشمالية حال نشوب الحرب. لكنّ تاريخ كوريا الجنوبية يظهر بأنّها غير ساكنة وبأنّها في حالة صراع دائم بين انتزاع الحكم الذاتي والاستقلال في نهاية المطاف من الولايات المتحدة. يعتبر الرئيس مون تجسيداً لهذا الصراع بين الخضوع والتمرد.
ويبدو ذلك واضحاً بين النزوع للاستقلال عند اللقاء مع كيم وكوريا الشمالية، والذي لم يحقق الكثير بسبب ضعف الكوريتين في فرض إرادتيهما، وذلك رغم تفاؤل البعض من أمثال دافيد كانغ بأنّه سيكون أهم من أيّ لقاء مع الولايات المتحدة. وبين النزوع للمساومة الجلي في محاولة مون لعب دور الوسيط بين واشنطن وبيونغ يانغ، وهي الوساطة الضعيفة منذ البدء والتي تزداد ضعفاً باستثناء وجودها على صفحات الصحف الليبرالية الكورية.
بيونغ يانغ ومركز الصراع
في تحضيره لانتخابات 2020 الرئاسية، احتاج ترامب لشيء يستخدمه كورقة نجاح في السياسة الخارجية. الصراع مع الصين ينتج كما هو متوقع جميع أنواع العواقب غير المحمودة. محاولة الانقلاب في فنزويلا قد توقفت. تفجير الأوضاع مع إيران سار ويسير بشكل حسن، لكنّ ترامب يخشى وهو محق بذلك من جره إلى حرب برِّية أخرى في الشرق الأوسط، وهذه المرة مع خصم أصعب بكثير من العراق وأفغانستان. عندما كان على وشك الوقوع في فخّ مهاجمة إيران تراجع في اللحظات الأخيرة وسجل نصراً ضدّ التيار المؤيد للحرب. وقد بدا كيم من كوريا الشمالية بانفتاحه على الحوار خياراً ممتازاً لإنقاذ الموقف.
في أيار عام 2019، وبعد بدء الجولة الأولى من التدريبات العسكرية الأمريكية الكورية الجنوبية المشتركة، اختبرت كوريا الشمالية بعض الصواريخ البالستية قصيرة المدى. لم يخرق هذا تعليق الأنشطة الذي فرضته على نفسها بعدم اختبار الصواريخ بعيدة المدى، لكنّه شكل تحذيراً بأنّ هذا الوقف مشروطٌ بالتحرك الأمريكي نحو السلام. ثمّ في حزيران بدأ كلّ من كيم وترامب تبادل الرسائل الشخصية، الأمر الذي تناوله الإعلام كثيراً وتم التركيز عليه بشكل مفرط.
في هذه الأثناء كان كيم مستمراً في حملاته لتحسين العلاقات مع روسيا والصين وكان يلقى نجاحاً جيداً، على الأقل في الجوانب الرمزية السياسية. لهذا الأمر أهمية كبرى، لكن يصعب التنبؤ بما سيؤول إليه الأمر على المدى الطويل فيما يتعلق بهذه اللقاءات. مثال: في اللقاء الذي جمع بين كيم وبوتين في فلاديفوستوك في نيسان 2019، تمّ الحديث عن «ضمانات أمن دولية» تكون روسيا فيها أحد الضامنين وعن كون أمن كوريا الشمالية ذا أهمية حيَويّة وشديدة بالنسبة لروسيا، وبالتبعية للصين. أرسل هذا تحذيراً لواشنطن، لكنّ التيارات المتحاربة داخلها تعيق قدرتها على الاستماع. لكنّ مثل هذا الحديث عن الضمانات الروسية والصينية لأمن كوريا الشمالية ومصداقيته سيعتمد على مدى تهديد هجوم الولايات المتحدة حال حدوثه لهما بشكل مباشر.
كما أنّ زيارة تشي جينغبينغ إلى كوريا الشمالية أضافت الكثير من الثقل لموقف كيم، وصدت كوريا الجنوبية التي تحدثت كثيراً عن كونها أول تراب كوري سيزوره رئيس صيني قبل أن تؤجَّل الزيارة. وقد زاد في أهمية الحديث الحنق الصيني المتزايد من الحرب التجارية الأمريكية ومن الهجوم على هواوي. ورغم أنّ اللقاء الصيني- الكوري الشمالي لم يصل بعد إلى المستوى الوجودي الذي تسوق له كوريا الشمالية، فهو دليل يذكرنا بأنّ كوريا الشمالية ومشاكلها يجب أن تُفهم ضمن سياق صراع الهيمنة الأمريكي على الصين.
كما أنّ التقارب بين بيونغ يانغ وسيؤول، رغم عدم قدرته على أن يكون كافياً بذاته، فقد وضع الولايات المتحدة أمام أزمة حلفاء جديدة. فالمشكلة التي تؤِّرق سيؤول هي مع اليابان، والتي تمظهرت بالتعويضات عن العمل القسري خلال الفترة الاستعمارية اليابانية، الأمر الذي قاد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إلى الانتقام عبر فرض ضوابط على المدخلات الحيوية لصناعة الإلكترونيات في كوريا الجنوبية. وفي حال اشتداد الخلاف الكوري الجنوبي- الياباني، سيكون على الولايات المتحدة في مرحلة ما أن تختار واحداً فقط من عملائها الآسيويين، وهو الأمر الذي قد يضعف أو يقوي واحداً منهما، ولكنّه سيغير دون شك من الخارطة الجيو- سياسية للمنطقة.
ويستمر التراجع الأمريكي أمام القوى الصاعدة والتخبط الداخلي في واشنطن، في كونه حجر الأساس في منح المنطقة متسعاً لإعادة تشكيل نفسها ولإعادة تشكيل الشراكات الشرق آسيوية والخارطة الجيوسياسية للمنطقة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 943