«السترات الصفراء» لا تتلاشى... المنظومة خاوية وغير عادلة
بعد أنّ تجاهلهم الرئيس ماكرون، وشوههم الإعلام السائد، وانقسم اليسار واليمين بين متودد وزاجر لهم، باتت الحركة التي نظمت نفسها بنفسها، والمعروفة باسم «السترات الصفراء» تشكل تحدياً سياسياً جديّاً للنظام الاقتصادي في فرنسا.
في باريس، صباح الأول من كانون الأول، وبينما تجمّع الآلاف من متظاهري «السترات الصفراء»، في محاولة للتعبير عن مظالمهم، في تظاهرة سلميّة مخطط لها في الشانزيليزيه، هاجمت شرطة مكافحة الشغب في باريس بشكلٍ وحشي الناس بالقنابل المضيئة، وبالغاز المسيل للدموع، وبمدافع الماء. وفي نهاية اليوم، كانت السيارات تحترق قرب قوس النصر، وكامل باريس غارقة في فوضى، وقد عبّر الجميع عن سـخطهم على النظام ودعوا إلى استقالة الرئيس ماكرون.
إنّ هذا الردّ العسكري المبالغ فيه على تظاهرة جماهيرية سلميّة قد خالف التقليد الطويل من التسامح مع تظاهرات الفلاحين الغاضبين الصاخبة، ونقابات العمّال المنظمة الحاشدة. وهو التسامح الذي كان ماكرون يلقي خلاله باللّوم، في خطاباته، على الحكومات السابقة لفشلها بتمرير إصلاحات مضادة للسياسات المحابية لرؤوس الأموال.
ألقى ماكرون- وهو الذي أمر غالباً بالهجوم العنيف على المتظاهرين غير المسلحين الذين وصلوا إلى المسيرة المخطط لها- باللائمة على الضحايا. فكما قال: «ما حصل اليوم في باريس لا علاقة له بالتعبيرات السلميّة عن الغضب المشروع. فلا شيء يبرر مهاجمة قوات الأمن وتخريب أماكن العمل سواء الخاصّة أو العامّة، أو تهديد المارّة أو الصحفيين، أو تشويه قوس النصر».
وفي هذه الأثناء، كان ما لا يقل عن 75 ألف مُحتجٍ من «السترات الصفراء» على طول فرنسا- تبعاً لتقديرات الشرطة- يسدّون مداخل الطرقات السريعة والمفارق المرورية ومراكز التسوق في المدن، وكلّ ذلك بأقلّ قدر ممكن من العنف وبموافقة عامّة واضحة-80% تبعاً للاستطلاع الأخير.
لماذا أغلبية فرنسا الصامتة
غاضبة حدّ الجنون؟
مثل جميع الانتفاضات العفوية التي غيّرت التاريخ الفرنسي منذ العصر الإقطاعي، فإنّ انتفاضة «السترات الصفراء» قد أشعلتها الضرائب. وكانت القشّة التي قصمت ظهر البعير هنا هي: قرار ماكرون زيادة الضرائب على محروقات البنزين والديزل، وهو القرار الذي أضرّ بالعمال العاديين، والطبقة المتوسطة الدنيا، من الذين يعتمدون على السيارات في كسب رزقهم. ارتدى المتمردون السترات الصفراء التي يجب عليهم بحكم القانون أن يحتفظوا فيها بسياراتهم للطوارئ، وهم لم يهدؤا إلّا لوقت قليل منذ انطلاقتهم.
لكن لماذا أيام السبت؟ تشرح إحدى النساء الأمر: «لا يمكنني الإضراب عن العمل. أنا أربي ثلاثة أطفال وحدي، وعملي هو مصدر رزقي الوحيد. ولهذا فيوم السبت هو الوحيد الذي يمكنني فيه التعبير عن سخطي».
تقول جيسيكا مونيير البالغة من العمر 28 عاماً، والتي تعمل في معملٍ لساعات في منطقة الألب الفرنسية: «نحن جياع وقد طفح بنا الكيل». تكسب جيسيكا من عملها 970 يورو شهرياً، وتقول: «ما أن أدفع فواتيري، لا يتبقى لديّ ما آكل به. نحن نعيش لنكون جياعاً فقط، هذا كلّ ما في الأمر».
دعونا نبدأ باللامساواة: فمِثلما فعل دونالد ترامب في الولايات المتحدة، وَهَبَ إيمانويل ماكرون الشركات والمليارديرية تخفيضات هائلة على الضرائب ليخلق فجوة في الموازنة، والتي عوّض عنها عِبر تقليص الإنفاق على الخدمات العامّة (المشافي والمدارس والنقل والشرطة)، وزيادة الضرائب على الناس العاديين (وصلت إلى 40% من دخلهم)، الذين يصارع جلّهم لتأمين رزقهم حتى آخر الشهر، والغارقين في الديون.
إنّ هذا الغضب يتفاقم منذ الربيع الماضي، الذكرى الخمسين لانتفاضة العمّال والتلاميذ عام 1968، لكن تمّ إحباطه بفوز ماكرون في المواجهة مع العمّال، حول إصلاحاته النيوليبرالية المحابية لأصحاب المال. والذي سهّل هذه الهزيمة هي قيادة الاتحاد العام للعمّال «CGT» وغيرها من النقابات، وهم الذين لعبوا الدور السلبي ذاته في 1968 الذي أوصل الأمر لشارل ديغول. والآن وبعد نصف قرن على ذلك قامت النقابات الفرنسية الراغبة بالإبقاء على موقعها على الطاولة السياسية في فرنسا (والإبقاء على المال الحكومي المتدفق إليها)، بتجنب المواجهة الكبرى. فالتقت مع الحكومة في الكواليس وخرجت فقط باقتراحات للقيام بإضرابات تتمّ على أشهر يُنهك فيها العمّال.
كما أنّ ماكرون مكروه أيضاً بسبب عجرفته الملكيّة، فهو يحكم وحده كما لو كان لويس السادس عشر، فيفرض إرادته بمراسيم، ويتجاهل خصومه ويعامل الناس العاديين بأسلوب يهينهم ويغضبهم. كشف ماكرون، بتجاهله لـ«السترات الصفراء» وبرفضه معالجة مشاكلهم بغطرسة- وثمّ محاولة قمعهم رغم شعبيتهم- عن الهوّة العميقة بين نظامه النيوليبرالي المتسلط وبين حشود الجماهير الفرنسية. لقد انتخبه الفرنسيون عام 2017 في الدورة الثانية بعد انهيار الأحزاب التقليدية اليمينية واليسارية في الدورة الأولى. وكان ماكرون بالنسبة للشعب الفرنسي هو الجدار الذي يمنع انتخاب اليمينيّة المتطرفة ماريان لوبان من «الجبهة الوطنية» العنصريّة بشكل صريح. ليس لديه لا تمثيل ولا حزب سياسي وراءه، رغم وجود أغلبيّة برلمانية غير منظمة.
لقد كان المتظاهرون حانقين ويهتفون ضدّ شبكات التلفزة وهم محتشدون في ساحة كونكورد في باريس. كانوا غاضبين على تقديمهم ونعتهم بالمخربين، وأطلقوا على الصحافة صفة: «المغتصبين». لقد وصّف الأمر خمسيني ضمن «السترات الصفراء» قائلاً: «كلّ ما أردناه هو المجيء والتظاهر بشكل سلمي. أتيت بالقطار ومعي بطاقة هويتي وقطعت تذكرتي. ثمّ رموا علينا الغاز المسيّل للدموع والقنابل الضوئية» وقد علّقت امرأتان كانتا إلى جانبه: «من هو المخرّب في ما حصل بربكم؟».
العدو واحد
لقد حدث أوّل تفاعل بين مختلف أقسام هذه الحركة الشعبية اليتيمة بشكل عفوي وتحت سحابة من قنابل الغاز. فقد التقت في شوارع باريس مجموعة من مرتدي السترات الصفراء، مع مجموعة من النقابيين الذين كانوا يتظاهرون بشكل مخطط له مسبقاً، مع مجموعة من النسويات من حركة «أنا أيضاً» المناهضة للتحرّش، وغيرهم. لقد أبعدتهم الشرطة عن الشانزليزيه ليتجولوا في شوارع باريس نصف الفارغة.
وبشكل يزدري الأحزاب السياسية القائمة، قامت حركة «السترات الصفراء» بتنظيم نفسها على مواقع التواصل الاجتماعي وبشكل محلي. ورغم أنّ وسائل الإعلام المحليّة كانت ناقدة لهم بشكل رهيب، فقد نُشرت الأخبار على الصعيد الوطني، لتنتشر معها الحركة على طول فرنسا، وتسد المعابر وتتجمع للتظاهر، وتحتشد أكثر، وتتنظم أكثر فأكثر بأيام السبت المتتالية.
نساء وعمّال وعاملات استقبال ومضيفات مطاعم وممرضات ومدرسات وعاملون غير ثابتين... إلخ يكونون جميعهم حاضرين بأعداد كبيرة ضمن هذه الحشود، وجميعهم غاضبون بشأن الكثير من الأمور بما يتخطى الضريبة على الوقود بكثير.
ورغم أنّ العمّال قد نشطوا ضمن حركة «السترات الصفراء»، وهي التي تكافح لتحقيق أهداف تقليدية، مثل: رفع الحدّ الأدنى للأجور وتعزيز الخدمات العامة... إلخ، فإنّ قادة النقابات الفرنسية قد تجنبوهم وكأنّهم برجوازيون وفاشيون محتملون. لكي نكون دقيقين، يرى بيروقراطيو النقابات هؤلاء بأنّ «السترات الصفراء» تمثّل تهديداً للوضع القائم باعتبارهم ممثلين رسميين عن العمّال، وخاصة بعد «تنازلات» ماكرون.
ثمّ في السادس من كانون الأول، وفي ردّ مباشر على طلب التهدئة من ماكرون، قام قادة الاتحاد العام للعمّال وجميع قادة الاتحادات النقابية باستثناء «سوليداريته Solidarite» بتوقيع إعلان تضامن. لكن لا يذهب فكركم بعيداً، فليس التضامن مع المتظاهرين المعتقلين والجرحى، بل مع حكومة ماكرون كممثلٍ للنظام الجمهوري المسالم!
وفي مقابل ما وصفه الكثيرون بأنّه خيانة، قام هؤلاء المفاوضون المحترفون بقبول دعوة ماكرون «لمتابعة الحوار الاجتماعي»، والحوار هنا يعني ببساطة الجلوس إلى طاولة معه للتفاوض على «إعادة المزيد» من حقوق العمّال. ثمّ في اليوم التالي وفي تناقض مع أنفسهم، دعا زعيم الاتحاد وبقيّة قادة النقابات إلى مظاهرة عمالية وطنية في 14 كانون الأول، من أجل المطالبة بالمطالب الاقتصادية الأساسية ذاتها التي تطالب بها «السترات الصفراء»، ولكن ليس في يومهم ذاته وهو 15 كانون الأول.
لا يصعب علينا تصوّر أنّ هذه المظاهرة التي سمسر لها رئيس الاتحاد لم تجلب أكثر من قلّة من الأشخاص الشجعان. مع أنّه من الواضح بأنّ مشاركة نشطة لعمّال فرنسا المنظمين في هذه الحركة الشعبية هي الضامن الوحيد لإنجاحها، وذلك على سبيل المثال عبر إضراب عام يركّع الطبقة الرأسمالية على ركبتيها ويوجد نظاماً اجتماعياً جديداً.
الحراك الشعبي ومحاولة تحجيمه واختزاله
في القرن التاسع عشر وعندما انفجرت الثورة الفرنسية الدامية، كان تطور الطرقات وخدمات البريد هو الذي مكّن لجان الاتصال الثوريّة من التنسيق وتنظيم السخط على مستوى وطني. اليوم لعبت وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الأخبار دور الطرقات والبريد ذاته في ذلك الزمن.
ودائماً ما يكون فتيل الثورات عبئاً ظالماً شديداً. فمثلما أشعلت شرارة انتفاضة «السترات الصفراء» زيادة الضرائب على الوقود، فإنّ الثورة الفرنسية قد أشعلتها ضريبة العشر التي فرضتها الكنيسة على الفقراء، وضريبة غابيل على الملح وأيام العمالة المجانية لصالح النبلاء والحكومة والكنيسة.
وللذين يبحثون عن مؤشرات تاريخية أخرى، فإنّ «السترات الصفراء» كما مثيلتها الثورة الفرنسية قد حدثتا في ظلّ استياء عالمي ممّا يسمّى اليوم «بالطبقة السياسية»، وهي الطبقة التي باتت تضمّ اليوم بالإضافة إلى مكوناتها التقليدية، الإعلام السائد، وقادة معظم النقابات والأحزاب «اليسارية» الذين باتوا جزءاً لا يتجزأ من «مؤسسة النظام الفرنسي القائم».
لقد حاولت الحكومة والإعلام السائد وما يسمي نفسه باليسار (الأحزاب المارقة وقادة النقابات) أن تظهر «السترات الصفراء» وكأنّها حركة مؤلفة من الرعاع والمخربين، وذلك في الوقت الذي حاولوا فيه اختزال مطالبهم في مسألة الضرائب على الوقود. حتّى أنّ إحدى المذيعات استمرّت وهي تغطي الحراك بالقول: إنّهم يثورون ضدّ الضرائب على الوقود، لكنّ المرأة المتظاهرة استمرّت بالاقتراب منها حتّى صاحت: «لقد فاض بنا الكيل من كلّ شيء، من كلّ شيء».
ماذا بعد؟
من الواضح بأنّ حركة السترات الصفراء «لا تتلاشى». فبعد أسابيع طويلة من إغلاق الطرقات والشوارع في كلّ زاوية في فرنسا، وبعد عدد كبير من التظاهرات الحاشدة لمئات الآلاف في باريس والضواحي، تمّ حشدها بعفوية وبتنظيم ثوري ذاتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبعد أن تمّ قمعها بعنف، فإنّها لا تزال تتحدى النظام السياسي والاقتصادي في فرنسا بقوّة.
وليس الأمر في أنّ الحركة مستمرة رغم وحشية الشرطة غير المسبوقة والتشويه الإعلامي ورفضها من قبل مسؤولي النقابات، بل في كونها حافظت على شعبيتها وعمّقت أهدافها، لتبدأ من رفض زيادة الضرائب على الوقود وتمتد إلى الرفض الصريح للنظام السياسي- الاقتصادي القائم، وللدعوة بشكل شبه إجماعي على استقالة ماكرون، وخلق نوع جديد من الديمقراطية عبر الاستفتاء أو المؤتمرات الدستورية.
علاوة على ذلك، لقد انضمّ التلاميذ الفرنسيون إلى الانتفاضة ليتظاهروا على طرائق القبول الجامعي غير الديمقراطية التي قدمها ماكرون، حيث عطّلت 170 مدرسة ثانوية كاستجابة لنداء «الثلاثاء الأسود» الذي أطلقته نقابتهم. كما بات هنالك إحياء للإضرابات والاحتجاجات بين موظفي الخدمة العامة والممرضات والمدرسين، وجميعهم حصلوا على إلهامهم من نجاح «السترات الصفراء» في الحصول على تنازلات من ماكرون، الذي بات عاجزاً عن الاستمرار في سياساته النيوليبرالية المحابية لأصحاب الأعمال على حساب العمّال والموظفين. وهنالك مسألة التعرّف على العدو الواحد، فقد سمعنا هتافات مثل: «نفس القضيّة، نفس العدو» التي رفعتها الحركة بعد انضمام النسويات إليها.
وقد رأينا عدوى «السترات الصفراء» تنتقل لتلهم الانتفاضات في بلجيكا وبريطانيا والبرتغال وهولندا وهنغاريا والعراق ولبنان ومصر وغيرها. حتّى في ألمانيا، ولكن بأعداد أقل، رأينا عمّال شركة «أمازون» الألمانية وهم يرتدون السترات الصفراء في عيد الميلاد في محاولة للإضراب، لتهديد أرباح الشركة في أكثر وقت مزدحم في العام، وتبعه جهدٌ لضمّ عمّال شركة «أمازون» البولنديّة.
لقد حققت الحركة دون شك أقصى نجاح ممكن من انتفاضة عفوية منظمة بشكل ذاتي، وعلى الـ99% أن يتّحدوا على المستوى الوطني ثم الدولي لمناهضة الـ1%، وللاستمرار بالنمو والتعمّق. إنّ المستقبل وحده قادر على إخبارنا بما سيحدث للحركة، لكنّ ما حققته مذهل ودائم:
فقد نجحت «السترات الصفراء» في نزع القناع عن ماكرون وفي تكذبيه، وهو النيوليبرالي اللطيف الذي كان يسعى «لَتتْشرَة» فرنسا. فهو الآن مكروه لما سيتبقى له من وقت في السلطة.
كما عرّت وأظهرت كذب الإعلام السائد، وتحديداً شبكات التلفزة التي كانت تنوّم الجماهير والتي باتت تراهم مجرّد فاسدين يقبضون المال من أجل تمرير أجندات أصحاب المليارات الذين جعلوا منهم طبقة ملحقة بطبقتهم. فقد بات الإعلام القوي والفاعل، ولكن المهيمن عليه من قبل أصحاب المال والمصالح الكبرى، محلّ شكّ المزيد والمزيد من الجماهير.
نجحت «السترات الصفراء» أيضاً، وهنا عجيبة العجائب، في ازدراء ونزع القناع عن الأسطورة المهيمنة حول ما يسمّى «بالديمقراطية» التمثيلية المملوكة «للطبقة السياسية» التي لا تمثّل إلّا نفسها، إنّه هذا الطَّيف من العاملين بالسياسة من كلا يمين ويسار الوسط، ولم يعد اليوم بالإمكان إعادة الجِنِّي الذي خرج إلى قمقمه. لقد تعاقبت على السلطة أحزاب تقليدية من يسار ويمين الوسط جعلت المشهد يبدو سمجاً. ويبدو بأنّ أحزاب اليسار الراديكالية (مثل جماعة ميلانشون)، ومعها أحزاب اليمين المتطرفة (مثل جماعة ماريان لوبان) لم تخطّ بعد معاركها الداخلية لتتمكن من لعب دور أكبر.
إنّ هذه الحركات الجماهيرية العفوية والتي تتواصل مع بعضها اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي «تجد طريقها بعد أن تمشي» موجودة في جميع مراحل التاريخ والكفاح الثوري. فهي يمكنها أن تجد لوحدها قادتها الطبيعيين (المفكرين الجيدين والمتحدثين الجيدين) الذين سيدفعونها قدماً بأفكارهم من أجل إعادة تنظيم المجتمع.