أندرو غريفن مارشال أندرو غريفن مارشال

استراتيجية إمبريالية لنظام عالمي جديد: أصول الحرب العالمية الثالثة 1\2

في مواجهة انهيار اقتصادي عالمي معمم، تتزايد مظاهر حرب عالمية شاملة. تاريخياً، تميزت فترات الانحطاط الإمبريالي والأزمة الاقتصادية بتصاعد العنف الدولي والحرب، حيث وسمت الحربان العالميتان الأولى والثانية انحطاط الإمبرياليات الأوروبية، وترافق ذلك مع الكساد الكبير الذي استشرى في الفترة التي فصلت بينهما.
حالياً، يشهد العالم انحدار الإمبراطورية الأمريكية، وهي نفسها وليدة الحرب العالمية الثانية. بعد هيمنتها الإمبريالية ما بعد الحرب، أدارت أمريكا النظام النقدي الدولي، وتولت الدفاع عن الاقتصاد السياسي العالمي ولعب دور الحكم فيه.

ترجمة قاسيون

النهاية الوشيكة
لإدارة الاقتصاد السياسي العالمي، أقامت الولايات المتحدة الأمريكية قوةً عسكريةً منفردةً هي الأقوى والأعظم في تاريخ العالم، وواصلت سيطرتها على متطلبات الاقتصاد العالمي مثلما واصلت حضورها العسكري وما يرتبط به من أعمال. في الوقت الراهن، ومع انحدار الاقتصاد السياسي العالمي والإمبراطورية الأمريكية وانهيارهما، يتصاعد مظهر النهاية العنيفة لعصر الإمبراطورية الأمريكية على نحوٍ مفرط.
تنقسم هذه المقالة إلى ثلاثة أقسام منفصلة. يغطي القسم الأول الاستراتيجية الجيوسياسية للولايات المتحدة ـ حلف الناتو منذ نهاية الحرب الباردة، مستهل النظام العالمي الجديد، حيث يوجز الاستراتيجية الإمبريالية الغربية التي أدت إلى الحرب في يوغوسلافيا و«الحرب على الإرهاب». أما القسم الثاني، فيتصدى لتحليل جوهر «الثورات المخملية» أو «الثورات الملونة» في الاستراتيجية الإمبريالية للولايات المتحدة، مركزاً على السيطرة الممأسسة على أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى. أما القسم الثالث، فيحلل جوهر الاستراتيجية الإمبريالية لإقامة نظام عالمي جديد، مركزاً على تزايد النزاعات في أفغانستان وباكستان وإيران وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وإفريقيا، وما تشتمل عليه هذه النزاعات من إمكانات الشروع في حربٍ عالمية جديدة في مواجهة الصين وروسيا.

تعريف الاستراتيجية الإمبريالية الجديدة
في العام 1991، ومع انهيار الاتحاد السوفييتي، توجب على السياسية الخارجية للولايات المتحدة ـ حلف الناتو إعادة النظر في دورها في العالم. ساعدت الحرب الباردة كوسيلة لتبرير التوسع الإمبريالي للولايات المتحدة على صعيد الكوكب بهدف «احتواء» التهديد السوفييتي. كان الغرض الوحيد من خلق حلف الناتو ووجوده تلفيق حلفٍ معادٍ للسوفييت. مع انتهاء الاتحاد السوفييتي، لم يعد هنالك سببٌ لوجود حلف الناتو، وكان على الولايات المتحدة إيجاد هدفٍ جديدٍ لاستراتيجيتها الإمبريالية في العالم.
في العام 1992، كان لدى وزارة الدفاع التي كان يرأسها وزير الدفاع ديك تشيني [لاحقاً نائب الرئيس جورج بوش الابن]، وكيل للشؤون السياسية يدعى بول ولفوفيتز [لاحقاً نائب وزير الدفاع ورئيس البنك الدولي في عهد بوش]، وقد كتب وثيقةً لتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية في فترة ما بعد الحرب الباردة، عادةً ما يشار إليها باسم «النظام العالمي الجديد».
كانت وثيقة التوجيه المعدة قد سربت في العام 1992، وكشفت أنّه «في توضيح سياسة جديدة واسعة تؤكد، في طورها النهائي، وزارة الدفاع أنّ مهمة أمريكا السياسية والعسكرية في فترة ما بعد الحرب الباردة ستكون ضمان عدم ظهور قوة عظمى منافسة في أوروبا الغربية أو آسيا أو أراضي الاتحاد السوفييتي سابقاً»، وأنّ «الوثيقة السرية تضع إطاراً لعالمٍ تهيمن عليه قوةٌ عظمى وحيدة يمكن تخليد وضعها من خلال سلوكٍ بنّاءٍ وقدرةٍ عسكريةٍ تكفي لمنع أية أمة أو مجموعة أمم من تحدي التفرد الأمريكي».
وكذلك، «يخطط المشروع الجديد لعالمٍ يقتصر على قوةٍ عسكرية مهيمنة وحيدة على قادتها (أن يصونوا آلياتٍ لردع المنافسين المحتملين عن مجرد الارتقاء إلى دورٍ إقليمي أو دولي أكبر)». من بين التحديات الضرورية للتفوق الأمريكي، وفق الوثيقة، «التسليم بحروبٍ إقليمية ضد العراق وكوريا الشمالية»، كما أنها تضع روسيا والصين على قائمة التهديدات الكبرى. بل تمضي أبعد من ذلك «بافتراض أنّه بوسع الولايات المتحدة أن تأخذ بعين الاعتبار تعزيز التزاماتها الأمنية في بلدان أوروبا الشرقية والوسطى كما هو الحال مع التزاماتها تجاه السعودية والكويت والدول العربية الأخرى المتاخمة للخليج الفارسي».

حلف الناتو ويوغوسلافيا
ساعدت الحروب في يوغوسلافيا خلال التسعينات على تبرير الوجود المتواصل لحلف الناتو في العالم، وتوسيع المصالح الإمبريالية الأمريكية في أوروبا الشرقية.
هيأ البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المسرح لزعزعة استقرار يوغوسلافيا. بعد عمرٍ مديد، توفي زعيم يوغوسلافيا جوزيف تيتو في العام 1980، ونشبت إثر ذلك أزمة زعامة. في العام 1982، رتّب مسؤولو السياسة الخارجية الأمريكية مجموعة قروضٍ من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في إطار برامج إعادة التكييف الهيكلي المستحدثة لمعالجة أزمة دينٍ أمريكي قيمته 20 مليار دولار. كان تأثير القروض في ظل برامج إعادة التكييف الهيكلي «إحداث خرابٍ اقتصادي وسياسي... هددت الأزمة الاقتصادية الاستقرار السياسي... كما هددت بمفاقمة التوترات العرقية بالغة الشدة».
في العام 1989، تبوأ سلوبودان ميلوسوفيتش منصب الرئاسة في صربيا، أكبر جمهوريات يوغوسلافيا وأقواها. كذلك توجه رئيس الوزراء اليوغوسلافي في العام نفسه إلى الولايات المتحدة للاجتماع بالرئيس جورج بوش الأب بهدف التفاوض على رزمة أخرى من المساعدات المالية. في العام 1990، بدأ برنامج كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وانصبّ إنفاق الدولة اليوغوسلافية على سداد الدين. نتيجةً لذلك، تم تفكيك البرامج الاجتماعية وانخفضت قيمة العملة وتجمدت الأجور وارتفعت الأسعار. «أثارت الإصلاحات النزعات الانفعالية التي تتغذى على العوامل الاقتصادية إضافةً إلى الانقسامات العرقية، مؤكدةً فعلياً انقسام الجمهورية بحكم الواقع»، مؤديةً إلى انفصال كل من كرواتيا وسلوفينيا في العام 1991.
في العام 1990، أصدرت وكالات الاستخبارات المركزية في الولايات المتحدة الأمريكية التقييم الاستخباري القومي (NIE). تنبأ التقرير بتقطع أوصال جمهورية يوغوسلافيا، واندلاع حرب أهلية، ثم وضع مسؤولية التزعزع القادم على عاتق الرئيس الصربي ميلوسوفيتش.
في العام 1991، اندلع نزاع بين يوغوسلافيا وكرواتيا، حيث أعلنت الأخيرة استقلالها. تم التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار في العام 1992. مع ذلك، واصل الكروات شن هجمات عسكرية صغيرة حتى العام 1995، إضافةً إلى مشاركتهم في حرب البوسنة. وفي العام 1995، شرعت كرواتيا بعملية العاصفة في محاولةٍ لاسترداد إقليم كرايينا. أحيل جنرال كرواتي لاحقاً إلى محكمة في لاهاي لارتكابه جرائم حرب خلال هذه المعركة، التي كانت حاسمةً في طرد الصرب من كرواتيا و«عززت استقلال كرواتيا». ساندت الولايات المتحدة العملية وزودت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية القوات الكرواتية بتقارير استخبارية بالغة الأهمية، ما أدى إلى تهجير ما بين 150 و200 ألف صربي، غالباً من خلال وسائل القتل والنهب وإحراق القرى والتطهير العرقي. قام المستشارون العسكريون الأمريكيون بتدريب الجيش الكرواتي، وكانت وكالة الاستخبارات المركزية تساند على نحوٍ خاص الجنرال الذي تمت إحالته إلى القضاء.

تقاطعات أخرى في البلقان
أعطت إدارة كلينتون «الضوء الأخضر» لإيران لتسليح مسلمي البوسنة و«من العام 1992 إلى شهر كانون الثاني 1996، تدفقت الأسلحة العسكرية الإيرانية برفقة المستشارين العسكريين الإيرانيين إلى البوسنة». أكثر من ذلك، «ساعدت إيران ودول إسلامية أخرى على جلب مقاتلي المجاهدين إلى البوسنة ليقاتلوا مع المسلمين ضد الصرب ـ (مجاهدون) من أفغانستان والشيشان واليمن والجزائر، هنالك شكوى حول ارتباط بعضهم بمعسكرات التدريب الخاصة بأسامة بن لادن في أفغانستان».
كان «تدخلاً غربياً في البلقان، فاقم التوترات وساعد على تعزيز العداوات، بالاعتراف بمطالب الجمهوريات والمجموعات الانفصالية في 1990-1991 قوضت نخب الغرب الأمريكية والفرنسية والبريطانية والألمانية البنيان الحكومي في يوغوسلافيا، وزادت من انعدام الأمن وأضرمت نيران النزاع وفاقمت التوترات العرقية. وبتقديم الدعم اللوجستي لشتى الأطراف أثناء الحرب، غذى التدخل الغربي النزاع وسط التسعينات. وينبغي أن يتم النظر من هذه الزاوية إلى خيار كلينتون بالدفاع عن قضية مسلمي البوسنة ليكون بطلاً على الساحة الدولية، ومطالب إدارته برفع حظر التسلح الذي فرضته الأمم المتحدة كي يتمكن المسلمون والكرواتيون من التسلح في مواجهة الصرب».
أثناء حرب البوسنة، «كانت هنالك قناة واسعة سرية لتهريب الأسلحة عبر كرواتيا، وكانت وكالات سرية في الولايات المتحدة وتركيا وإيران تدير هذه العملية بالتعاون مع مجموعات إسلامية متطرفة ومن ضمنها المجاهدون الأفغان وحزب الله الموالي لإيران». كما كانت وكالات سرية من أوكرانيا واليونان وإسرائيل منشغلةً بتسليح صرب البوسنة. وكذلك، كانت وكالة الاستخبارات الألمانية (BND) تمرر شحنات أسلحة إلى مسلمي البوسنة وإلى كرواتيا لقتال الصرب.
أثّرت الولايات المتحدة على حرب المنطقة بطرقٍ متنوعة. وكما ذكرت صحيفة الأوبزرفر في العام 1995، فقد كان المظهر الرئيسي لتدخلها عبر «شركة MPRI، وهي شركة أمريكية خاصة مقرها في فرجينيا، يديرها جنرالات وضباط استخبارات متقاعدون. اعترفت السفارة الأمريكية في زغرب بتدريب الشركة للكروات، بترخيص رسمي من الحكومة الأمريكية». وكذلك كان الهولنديون «مقتنعين بأنّ قواتٍ خاصةً أمريكية متورطةٌ في تدريب الجيش البوسني وجيش الكروات البوسني».

التواطؤات السرية.. والهيرويين أيضاً!
بالعودة إلى العام 1986، اجتمع زعيم كرواتيا مع المستشار الألماني هيلموت كول لإنشاء «سياسة مشتركة لتفكيك يوغوسلافيا»، وضم كرواتيا وسلوفينيا إلى «منطقة الاقتصاد الألماني». إذاً، كان ضباط الجيش الأمريكي يرسلون إلى كرواتيا والبوسنة وألبانيا ومقدونيا «كمستشارين» ويحضرون القوات الخاصة الأمريكية للمساعدة. أثناء أشهر وقف إطلاق النار التسعة في الحرب في البوسنة والهرسك، اجتمع ستة جنرالات أمريكيون مع قادة الجيش البوسني لإعداد هجوم بوسني بهدف نسف وقف إطلاق النار.
في العام 1996، سيطرت المافيا الألبانية بالتعاون مع جيش تحرير كوسوفو، وهو منظمة حرب عصابات، على مسالك تجارة الهيرويين البلقانية الضخمة. وقد ارتبط جيش تحرير كوسوفو بمقاتلي المجاهدين الأفغان سابقاً في أفغانستان، ومن ضمنهم أسامة بن لادن.
في العام 1997، شرع هذا الجيش في قتال القوات الصربية. وفي العام 1998، رفعت وزارة الخارجية جيش تحرير كوسوفو من قائمة المنظمات الإرهابية الخاصة بها. وقبل العام 1998 وبعده، تلقى هذا الجيش أسلحةً وتدريباً ودعماً من الولايات المتحدة وحلف الناتو، وكانت لوزيرة خارجية كلينتون، مادلين أولبرايت، علاقات سياسية وثيقة مع زعيم جيش تحرير كوسوفو هاشم تاشي.
كما أنّ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والاستخبارات الألمانية ساندت إرهابيي جيش تحرير كوسوفو في يوغوسلافيا قبل أن يقصفه الناتو في العام 1999 وبعد ذلك الوقت. كان للاستخبارات الألمانية اتصالات مباشرة مع جيش تحرير كوسوفو من مطلع التسعينات، في الفترة نفسها التي كان فيها ذلك الجيش ينشئ علاقاته مع القاعدة. درّب أسامة بن لادن عناصر هذا الجيش في معسكرات التدريب في أفغانستان، بل إنّ الأمم المتحدة أعلنت أنّ معظم العنف الذي يحدث مصدره عناصر جيش تحرير كوسوفو، «خاصةً أولئك المتحالفين مع هاشم تاشي».
سوغ حلف الناتو قصفه لكوسوفو في آذار 1999 بزعم وضع حدٍّ لاضطهاد الصرب لألبان كوسوفو، والذي اعتبر إبادةً جماعية. أطلقت إدارة كلينتون مزاعم مفادها أنّ 100 ألف من ألبان كوسوفو على الأقل كانوا من المفقودين و«ربما قتلوا على يد الصرب». شبّه الرئيس بيل كلينتون نفسه الأحداث في كوسوفو بالهولوكوست. من جانبها، صرّحت وزارة الخارجية الأمريكية أنّ ما يزيد على 500 ألف ألباني في عداد الموتى. أخيراً، انخفض التقدير الرسمي إلى 10 آلاف، مع ذلك، وبعد تحقيقاتٍ مضنية، ظهر أنّ عدد القتلى بيد الصرب لا يتجاوز 2500 ألباني. أثناء حملة قصف حلف الناتو، قتل ما بين 400 و1500 مدني صربي، كما ارتكبت قوات الناتو جرائم حربٍ تتضمن قصف محطة تلفزيون صربية ومستشفى.
في العام 2000، عقدت وزارة الخارجية الأمريكية مؤتمراً بالتعاون مع معهد المشروع الأمريكي (AEI) حول التكامل الأوروبي ـ الأطلسي في سلوفاكيا. وكان من بين المشاركين العديد من رؤساء الدول ومسؤولي الشؤون الخارجية وسفراء العديد من الدول الأوروبية، إضافةً إلى مسؤولي الأمم المتحدة وحلف الناتو. أظهرت رسالة متبادلة بين سياسيٍّ ألماني حضر الاجتماع والمستشار الألماني حقيقة جوهر حملة حلف الناتو على كوسوفو. طالب المؤتمر بإعلانٍ عاجل لاستقلال كوسوفو، وقال إنّ الحرب في يوغوسلافيا قد شنّت بغرض توسيع الناتو، وينبغي استثناء صربيا على نحوٍ دائمٍ من التنمية الأوروبية لتبرير الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، والتوسع مصممٌ أساساً لاحتواء روسيا.
كان لافتاً للنظر أنّ «الحرب خلقت علة وجودٍ لبقاء الناتو في عالم ما بعد الحرب الباردة، كما أنّه حاول جاهداً تبرير استمرار بقائه ورغبته في التوسع». بل أكثر من ذلك، «افترض الروس أنّ حلف الناتو سينحل في نهاية الحرب الباردة. بدل ذلك، لم يتمدد الناتو فحسب، بل مضى إلى الحرب في نزاعٍ داخلي ضمن بلدٍ سلافي أوروبي شرقي». تمّ إظهار ذلك بوصفه تهديداً هائلاً. هكذا، «فمعظم العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة وروسيا خلال العقد المنصرم يمكن اقتفاء آثارها في حرب 1999 على يوغوسلافيا».

 

الحرب على الإرهاب ومشروع القرن الأمريكي الجديد PNAC

حين أصبح بيل كلينتون رئيساً، شكّل صقور المحافظين الجدد من إدارة جورج بوش الأب مجموعة خبراء دعت إلى مشروع قرنٍ أمريكي جديد. في العام 2002، نشرت المجموعة تقريراً أطلقت عليه تسمية (إعادة بناء دفاعات أمريكا: الاستراتيجية والقوات والموارد من أجل قرنٍ جديد). بناءً على وثيقة توجيه سياسة الدفاع، أعلنت المجموعة أنّه «يتوجب على الولايات المتحدة الاحتفاظ بقواتٍ كافية قادرة على الانتشار سريعاً والظفر بحروبٍ متعددة ومتزامنة وعلى نطاقٍ واسع». وكذلك، هنالك «حاجةٌ للاحتفاظ بما يكفي من القوات للقيام بالقتال وتحقيق النصر في ميادين حروب واسعة متعددة ومتزامنة». وأنّ «البنتاغون يحتاج البدء بحساب القوة الضرورية لحماية مصالح الولايات المتحدة في أوروبا وشرق آسيا والخليج على نحوٍ مستقل وفي الظروف كافة».
تعلن الوثيقة على نحوٍ بالغ الأهمية أنّ «الولايات المتحدة تسعى منذ عقودٍ للعب دورٍ أكثر ديمومةً في أمن الخليج الإقليمي. وفي حين يقدّم عدم حلّ النزاع مع العراق تبريراً فورياً، فإنّ ضرورة تواجد قوةٍ أمريكيةٍ أساسيةٍ في الخليج تتجاوز قضية نظام صدّام حسين». مع ذلك، ودفاعاً عن زياداتٍ هائلة في نفقات الدفاع وتوسيع الإمبراطورية الأمريكية في طول الأرض وعرضها، وضمن ذلك التدمير الفعال لبلدانٍ متعددة عبر ساحات حروبٍ رئيسية، يعلن التقرير أنّه «علاوةً على ذلك، فمسار التحول، حتى لو أدى إلى تغيراتٍ جذرية، سيكون على الأرجح طويلاً بغياب حدثٍ كارثي أو محرّضٍ مثل بيرل هاربر جديدة». أتى هذا الحدث بعد عامٍ واحد بأحداث الحادي عشر من أيلول.
كثيرون من مؤلفي التقرير وأعضاء المشروع أصبحوا مسؤولين في إدارة بوش، وكانوا قريبين من تفعيل «مشروعهم» بعد أن حصلوا على «بيرل هاربر» جديدة تخصهم.


*أندرو غيفن مارشال: باحث مساعد في مركز أبحاث العولمة CRG. يقوم حالياً بتدريس الاقتصاد السياسي والتاريخ في جامعة سيمون فريزر.

معلومات إضافية

العدد رقم:
430