خصخصة النفط العراقي!!
أقرّ الكونغرس الأمريكي يوم 24 أيار 2007 استمرار الحرب في العراق. سمّاه الأعضاء «دعم القوات» وهو في الحقيقة سرقة نفط العراق- ثاني أكبر احتياطي نفطي مؤكد وجوده في العالم. أما الهدف الذي كانت تعمل من أجله إدارة بوش بشكل مُكثّف منذ الغزو/ الاحتلال فهو خصخصة نفط العراق. والآن لديهم برلمان عراقي يمكنهم التعاطي معه على أساس الابتزاز مع التهديد: عدم الموافقة على خصخصة نفط العراق، يعني حرمانهم من المساعدات التمويلية لـ «إعادة الإعمار».
هذا التهديد لا يمكن أن يكون أكثر وضوحاً. إذا رفض البرلمان العراقي تشريع الخصخصة (قانون النفط المقترح)، يمتنع الكونغرس عن تمويل «إعادة الإعمار» الذي وعدوا به العراقيين لإعادة بناء ما دمرته الولايات المتحدة في بلدهم!
كُتبت مسودة قانون خصخصة النفط من قبل مستشاري شركات النفط الأمريكية بتكليف مدفوع الثمن من قبل إدارة بوش. وسيترك لشركة النفط الوطنية العراقية (الملغاة من قبل الاحتلال، والمنوي إعادة تشكيلها وفق القانون المقترح) فقط 17 حقلاً من مجموع 80 حقل نفطي عراقي مُكتشف وجاهز للإنتاج بدون مخاطر! أي أن أكثر من ثلاثة أرباع الحقول النفطية العراقية المكتشفة، عدا الحقول النفطية الأخرى التي ستُكتشف، ستكون عرضة للانتزاع والاغتصاب من قبل الشركات النفطية الخاصة في العالم: ولكن خَمّنْ كم منها ستؤول للشركات الأمريكية- مُعطاة لها من حكومة الاحتلال الدُميّة!؟
لا توجد دولة منتجة رئيسة للنفط في الشرق الأوسط قامت بخصخصة حقولها النفطية. تتعامل فقط مع عقود استخدام محدودة مع شركات النفط العالمية لمدة عام أو عامين. إن التشريع الذي صادق عليه الكونغرس بالموافقة على إنفاق 120 بليون دولار لـ «دعم القوات» يتضمن بالنسبة للعراق: من أجل الحصول على مساعدات مالية من الولايات المتحدة لـ «إعادة الإعمار».يجب خصخصة الثروة النفطية العراقية ووفق عقود طويلة الأمد بحدود 20- 30 عاماً.
ماذا يعني هذا التشريع «دعم القوات» لجنودهم؟ لا علاقة لدعم قواتهم بمشروع قانون النفط عدا إبقائهم ثلاثين سنة أخرى لحماية مصالح الشركات الأمريكية. إنها تعني أن كل عضو في الجيش سيحتاج إلى التدريب لإتقان اللغة العربية. إنها تعني لكل جندي في مشاة البحرية أنه سيقضي فترة أطول من حياته في العراق. إنها تعني أن الـ 14 قاعدة عسكرية دائمة في العراق ستبقى قائمة! لماذا؟ لأن على الجيش الأمريكي حماية حقول نفط الشركات الأمريكية بإخضاع وإذعان حكومة العراق.
وهكذا سيتحول جنود الاحتلال إلى حراس لحماية مصالح الشركات الأمريكية في العراق على مدى فترة العقود المبرمة، أي على مدى الثلاثين سنة القادمة.
مع إدارة بوش وقد أمسكت بيدها قانون «دعم القوات» وما يتضمنه من الهدف رقم1، أصبح أخيراً سبب احتلال العراق مكشوفاً: تسهيل السيطرة على النفط العراقي الرخيص التكلفة والنوعية العالية لصالح شركات النفط الأمريكية!
والآن لأفراد القوات الأمريكية الخيار، ولعائلاتهم أن تقرر القبول بما سيصيب (أحباءهم) من إصابات جسدية وعقلية من أجل حماية- ليس الأمن الوطني الأمريكي- بل ضمان أرباح البارونات أصحاب الشركات النفطية الأمريكية الكبرى في بلدنا.
إن الخيار يخص فقط عائلات أفراد الجيش، لأن غالبية العائلات ممن ليس لديهم أعضاء في الجيش لا يُبالون، في الواقع، حتى لو قضى الجنود الأمريكيون حياتهم لحماية مصالح الشركات النفطية.
منذ بداية تطبيق الخطة الجديدة في كانون الثاني بإضافة المزيد من الجنود لقوات الاحتلال في العراق، قُتل أكثر من 500 أمريكي (و) 15 ألف عراقي. ولغاية أيلول القادم من المتوقع أن يُقتل 400 أمريكي.
إلى أي حد ستتمكن قوات الاحتلال وعائلاتهم تحمل المزيد!؟
لعبة «السيطرة» على نفط العراق من الأبواب المغلقة إلى الباحات المكشوفة
«أما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض»..
تقدر الاحتياطيات النفطية العراقية بـ(112) مليار برميل والمحتملة بـ(214) برميل.. والاحتياطي النفطي في تصاعد، ويمتلك العراق حقولاً نفطية غير مستثمرة لأغراض الإنتاج. في 14/4/1995 تبنى مجلس الأمن الدولي القرار 986 الذي سمح للعراق ببيع نفطه بقيمة مليار دولار كل 3 أشهر لتمويل مشتريات بضائع إنسانية وتمويل النشاطات المختلفة للأمم المتحدة. وفي 20/5/1996 وقعت مذكرة التفاهم بين العراق والأمم المتحدة لتنفيذ القرار على مراحل ، مرحلة كل 6 أشهر.
عقوبات دولية مجحفة
مع الفوائد التي جناها الشعب العراقي من مذكرة التفاهم بسبب الحصار الاقتصادي والعقوبات الدولية فان واقع الحال أكد سرقة ثروات العراق باسم الأمم المتحدة ووصاية دولية غير مسبوقة بعد أن تحول هذا البرنامج المنقطع النظير في تاريخ الأمم المتحدة من النفط مقابل الغذاء إلى مقابل كل شيء.
• توزيع غير منصف للعائدات النفطية.
• تعليق وإلغاء العقود والتعامل معها انتقائيا من لجنة العقوبات 661 وتأخير وصول المواد الإنسانية إلى العراق.
• يمر العقد بسلسلة من المراجع من مرحلة إبرامه مع الشركات المجهزة ولغاية وصول البضائع إلى العراق.
• الإجراءات الطويلة المعقدة لفتح خطابات الاعتماد بشكل مقصود، وتأخير تسديد مبالغ العقود للمجهزين بعد وصول البضائع.
• تخصيص النسب المستقطعة لدفع التكاليف الإدارية التي تتحملها الأمم المتحدة ولجنة التفتيش الخاصة.
• المبالغة في استقطاعات التعويضات، وأغلبها غير حقيقية وملفقة بشكل تعسفي على حساب تلبية الحاجات الإنسانية للشعب العراقي.
وفي 14/5/2002 صادق مجلس الأمن بالإجماع على قرار 1409 لإقامة نظام عقوبات معدلة يحافظ فيها على فرض العقوبات الدولية غير انه يخفف الإجراءات ليتيح للعراق استيراد منتجات الاستعمال المدني. كانت العقوبات المعدلة صيغة لفظية ثانية للعقوبات الذكية (Smart Sanctions) التي كانت موضوع مناقشات مستفيضة في أروقة الأمم المتحدة قبل الاحتلال الأمريكي ومركز ثقل المفاوضات الثنائية المكثفة بين الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين في مسعى عن سبل تخفيف المعاناة عن أبناء الشعب العراقي، مع تشديد القيود المؤثرة المباشرة على الحكومة العراقية وقدراتها في صنع أسلحة الدمار الشامل!. واحتجزت نفقات الأمم المتحدة وحدها 30% تقريبا من حساب العراق بالأمم المتحدة، ولم يستلم العراق من بضائع وتجهيزات سوى ما قيمته 25% من هذا الحساب.
حولت قرارات الأمم المتحدة وبالأخص – 986- و-1409- بيروقراطية الدولة العراقية إلى قوة تجارية نشيطة باتجاهين:
الاتجاه الأول: تجارة السوق السوداء والتهريب وتحول سلطة الدولة إلى مافيا منظمة في السوق الدولية.
الاتجاه الثاني: التجارة الخارجية بموجب القرارات الدولية والحصول على العملات والرشاوى عبر التعاقدات التجارية.. واكتسبت هذه البيروقراطية السمات الطفيلية، وازدهرت إلى شريحة كومبرادورية قائدة تسير في ظلها فئات الكومبرادور في القطاعات غير الحكومية. تحولت السلطات العراقية إلى الوكيل التجاري الحارس المنسجم مع المصالح العولمياتية والرأسمالية وخلق الأنماط الطرفية التي تتشابك فيها الوظائف التجارية للدولة والسلطات المحلية مع الشركات والمؤسسات الدولية تنفيذا لتوصيات الثالوث الرأسمالي المقدس البنك الدولي (W.B) وصندوق النقد الدولي (I.M.F) ومنظمة التجارة العالمية (W.T.O)... وتواصل التهميش الطبقي والتطور المتفاوت الإقليمي في إطار الوحدة الجغرافية للدولة الوطنية ولتستمر الوصاية الدولية بمباركة القانون الدولي دون جدول زمني.
ضمان بقاء أبواب الاقتصاد العراقي مشرعة أمام الرساميل الأمريكية.
سعت أمريكا إلى ضمان الهيمنة على النفط العراقي وفرض نظامها الأمني في الخليج العربي وان يكون العراق جزءا من عملية التسوية العربية- الإسرائيلية وتأمين إسهام الاستثمارات والاحتكارات الأمريكية في عملية إعادة بناء الاقتصاد العراقي الذي تبقى أبوابه مشرعة أمام الرساميل الأمريكية وحتى الإسرائيلية. وتتجسد في مشاريع القوانين الجديدة للهيدروكاربونات واستثمار النفط والتي يفترض للبرلمان العراقي المصادقة عليها حقيقة الأطماع الأمريكية لأنها توفر للاحتكارات الغربية ما حلمت به منذ شروعها استغلال النفط العراقي إبان تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 بالاتفاقات الطويلة الأمد المربحة جدا، وأيضا تمنع الحكومة العراقية مستقبلا من تأميم الصناعة النفطية. اتفاقيات ذات طبيعة ابتزازية تستهدف بلادنا لتحقيق أقصى الأرباح وبصورة خيالية لها، وتنزل في الوقت نفسه أكبر الخسائر بالاقتصاد العراقي طيلة النصف الأول من القرن الحادي والعشرين.وكأن الابتزاز بات قدر الشعب العراقي هذا القرن.. بعد أن تحول إلى طقس حياتي يومي يمارسه أصحاب الضمائر المتعفنة في ظل الفوضى والعماء العارم. وتحول الفساد إلى سمة ملازمة للبيروقراطيات المترهلة والتجار إلى جانب الكسب غير المشروع والتدني المرعب في تقديم الخدمات العامة وأعمال الغش والتهريب.هكذا تقوم الولايات المتحدة الأمريكية وشركات النفط المتعددة الجنسية وبعض المسؤولين وكبار ومتوسطي الموظفين في وزارة النفط العراقية وفي مجلس الوزراء والنواب بالضغط من أجل القيام على عجل بإقرار القوانين الجديدة حول الاستثمار الأجنبي في اقتصاد النفط العراقي والموقف من الثروة النفطية.... اتفاقيات استفزازية لمصالح الشعب العراقي وسيادته الوطنية الحقة تنتقم بها لقوانين النفط الوطنية التي أقرتها حكومات الرابع عشر من تموز 1958 لترجع بالعراق القهقرى إلى عهود التخلف السياسي والاقتصادي.
العنف المفتعل.. والمفاوضات السرية لتقسيم الإنتاج النفطي
تؤكد فحوى التقارير الدولية على نوايا شركات النفط الأمريكية والبريطانية من استغلال العنف الدائر في ظل الأوضاع السائدة في العراق لكسب المفاوضات السرية التي تجري خلف الأبواب المغلقة حول تقسيم الإنتاج النفطي من خلال فرض عقود طويلة الأمد لا تقل مدتها عن( 25- 40 سنة) مع الحكومة العراقية وربط العراق بها بالشروط المجحفة المعروفة سلفا مع سبق الإصرار!. في هذا الإطار وفي هذه الظروف السياسية القلقة والمضطربة تناور حكومات الائتلاف العراقي الموحد لتمرير صفقاتها المشبوهة مع الغرب. وتعكف الشركات العالمية من مسافة آمنة على دراسة البيانات الواردة من حقول النفط العراقية الواعدة وبعض حقوله المنتجة الأقدم للتفوق على منافساتها عندما يبدأ تقديم العروض. ستهيمن الشركات الأجنبية هيمنة كاملة على اقتصاد النفط العراقي بغض النظر عن التغيرات التي يمكن أن تحصل في هذا المجال الحيوي والمتغير باستمرار، ويفقد العراق الكثير من سيادته على النفط الخام وقدرته على التحكم باقتصاد النفط الخام أو حتى اتجاه تطوره الاقتصادي والسياسي.
والعراق ليس قصة نفطية فقط فهو الجسر الضروري لاتصال شبكة القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في آسيا الوسطى مع تلك الموجودة في الخليج العربي.
بدأت لعبة السيطرة على نفط العراق مع موقف الحكومة العراقية الهزيل في رفع أسعار وقود السيارات ووقود الدور السكنية من نفط وغاز، بالقرار الخاص بزيادة أسعار الوقود بعد انتهاء عملية التصويت لانتخاب مجلس النواب في ضوء الدستور «الدائم» أواخر 2005، استجابة للضغوط الدولية المتعلقة بموضوعة الديون التي يراد لها الشطب وموضوعة الخصخصة الموعودة التي ستحرق بنارها الأغلبية، وتوفر بذات الوقت الربح الوفير غير المعقول للبورجوازية البيروقراطية والطفيلية والنخب المتنفذة السياسية الحاكمة في بلادنا اليوم. وبسلوكيتها الديماغوجية المتسترة بالعباءة الدينية، تقوم حكومات الائتلاف الحكومي الموحد عن عمد وسبق إصرار بتغطية الجوهر اللصوصي للعولمة الرأسمالية والتستر على عسكرة الاقتصاد العراقي وتعبئة الموارد للتسلح والإعداد للحروب الجديدة بحجة القضاء على الإرهاب! ولتتحول الغزوات والاعتداءات الاحتكارية الدولية في العرف العولمياتي الرأسمالي إلى تمهيد لتنظيم السوق العالمية والرأسمالية المخططة، ولتتحول الخصخصة في نهاية المطاف إلى إعادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل أصولها الإنتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته.لقد انخفض الدعم الحكومي المقدم لاستيراد المشتقات النفطية بصورة حادة خلال عام 2007 ليصل إلى 300 مليون دولار فقط لدعم استيراد النفط الأبيض، بينما وصل عام 2005 الى 4.5 مليار دولار، وعام 2006 إلى 2.5 مليار دولار. وتتوقع وزارة النفط الشهرستانية زيادة أسعار المشتقات النفطية، بحلول شهر آذار 2007، إلى ما يصل إلى 15 %.
واعترف وزير النفط نفسه بحقيقة أن هذا الإجراء يأتي نتيجة لضغوط صندوق النقد الدولي.المالكي وعد وزير الطاقة الأمريكي بفتح قطاع النفط للشركات الأجنبية مع استكمال مشروع قانون الاستثمار الجديد.. اي ان الامر خرج من الأبواب المغلقة إلى الباحات المكشوفة!! كما جرى إقرار قانون استيراد المشتقات النفطية لمعالجة ظاهرة نقص المحروقات في السوق المحلية بتحريض سافر من وزير النفط (حسين الشهرستاني) الذي تعهد بإنهاء أزمة الوقود في حال شجعت الحكومة القطاع الخاص على استيراد المشتقات النفطية، وينطلق من القناعة بأن قطاع الدولة عاجز عن أن يعالج مشكلة المحروقات، فلابد من إشراك القطاع الخاص!. ومن المثير للقلق، أن تترافق الإجراءات المتعلقة بخفض دعم المشتقات النفطية مع خفض قيمة مخصصات البطاقة التموينية،وارتفاع سلطة المال السياسي الفضائحي ، وبقاء سلاح الميليشيات.
من العقوبات الذكية إلى الشراكة الذكية
ومثلما أسهمت الولايات المتحدة وبريطانيا بفعالية في إصدار القرار 1409 عام 2002 (العقوبات الذكية) والذي وصفه ( جون نيكروبونتي) السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة بالإنجاز فنيا وسياسيا بينما اعتبره (سيرغي لافروف) السفير الروسي لدى الأمم المتحدة آنذاك خطوة على تسهيل نظام استيراد المواد الإنسانية والمدنية ، فانهما يحاولان التملص من تبعية معاناة ومآسي الشعب العراقي هذه الأيام باتفاقيات الشراكة الذكية في الإنتاج النفطي والتي تعني أن الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تقوم الشركات المتعددة الجنسية باستخراجه بموجب عقود وتبقى نشاطات الدولة، من ناحية عملية، مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود (عقود مشاركة الإنتاج Production sharing agreements (PSAs.
وتعتبر عقود مشاركة الإنتاج إعادة تصميم جذرية لصناعة النفط العراقية، تنقلها من الملكية العامة إلى الخاصة، والدافع الاستراتيجي لهذا الأمر هو سعي الولايات المتحدة وبريطانيا لتحقيق "أمن الطاقة" في سوق مضطرب ، وحاجة شركات النفط متعددة الجنسية «لحجز» احتياطيات جديدة تؤمن لها النمو في المستقبل. ورغم ما فيها من عيوب بالنسبة للاقتصاد العراقي والديمقراطية في البلاد، يجري فرضها في العراق دون طروحات ومناقشات عامة وصريحة. وتعتبر نظم المشاركة انتزاعا لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على أراضيها، ولكن بأسلوب ملطف هذه، بالشراكة في العائدات وسيطرة الدولة على الثروات تحت الأرض ، في الواقع لا يعني سوى أدوات حرفت لصالح الشركات النفطية الأنجلو- أميركية لدرجة أنه ليس لها نظير في عالم النفط اليوم. في اتفاقيات الشراكة في الإنتاج، تقوم الشركة الخاصة بتوفير الاستثمار، أولا في التنقيب ومن ثم الحفر وبناء البنية التحتية... ثم يتم تخصيص الحصة الأولى من النفط المستخرج إلى الشركة، التي تستخدم مبيعات النفط لاسترداد تكاليفها وقيمة الاستثمار الرأسمالي، والنفط الذي يستخدم لهذا الغرض يسمى (نفط التكلفة). وهنالك عادة قيود على الحصة من إنتاج النفط في كل عام التي ستحسب (كنفط تكلفة). وحالما يتم تحصيل التكاليف، تقسم (أرباح النفط) المتبقية بين الدولة والشركة في نسب متفق عليها. وعادة يتم تحصيل الضرائب من الشركة على أرباحها النفطية. وقد تكون رسوما معينة ترفع على كميات النفط المنتج. وفي جميع الأحوال تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على التخاريف الاجتماعية من مشايخ إقطاعية ومدينية وأصوليات دينية من أصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية، على أساس إيجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات والمحتل، وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة السلاح والإرهاب والقمع!..
■ المهندس الاستشاري
سلام عطوف كبة