جائزة «الأركانة» العالمية للشعر تذهب لــِ بن جلون
تسلم الكاتب والشاعر الطاهر بن جلون، في الرباط جائزة «الأركانة» العالمية للشعر لعام 2010. الجائزة التي يمنحها «بيت الشعر» في المغرب ومؤسسة صندوق الإيداع والتدبير بدعم من وزارة الثقافة.
وقد أكد صاحب «ليلة القدر» في كلمته بالمناسبة أن «الشاعر هو من يتكلم في حضن الزمن، إنه في الزمن، مختبأ كالقناص في غابة غامضة... إن الشعر هنا في هذا الاقتضاء المطلق لا يترك مكانا لأي شيء إلا لوجع العالم الذي ينتشر كل يوم أكثر بين الناس الأكثر حاجة والأكثر إهمالا. فالشاعر يعاند قصد تغيير العالم بكلماته، وتغيير الناس بإرادته وأمنيته في الخير، غير أن الشعر لا يغير الإنسان والعالم فقط بل يندد بهفوات الذات، يعمقها ويبرزها».. وأضاف: «لا يشكل الشعر حصارا ضد الفقر، لكنه ذرة الصمت التي تثبت الكرامة في جوهرها، يعكس في أعيننا جمال السماء وبراءة نظرة الطفل الذي لا يطلب أي شيء من العالم الذي يتجاهله».
واعتبر نجيب خداري، رئيس بيت الشعر في المغرب، أن الطاهر بن جلون شكّل إلى جانب كوكبة من الشعراء، أمثال محمد خير الدين وعبد اللطيف اللعبي ومصطفى النيسابوري ومحمد الواكيرة وغيرهم، جيلاَ من الرائعين الذين منحوا التخييل العربي والمغربي فرصة العبور إلى اللغة الفرنسية، والشعرية المغربية فرصة الإقامة في التعدد اللغوي والثقافي وفي الانفتاح على آفاق شعريات العالم ومباهجها.
ومما يميز عطاء الطاهر بجلون الشعري المتمثل في أعماله الكاملة الصادرة عن «دار غاليمار»، حسب رئيس بيت الشعر في المغرب، هو تأسسه على ذلك الحوار العميق بين لغتين وثقافتين وحضارتين وشكلين إبداعيين هما الشعر والسرد، حوار يشي بمجموعة من الأسئلة القلقة، ويبقى تفاعلاً حيا متواصلاً مع الهامش ومع قضايا الهجرة وقضايا أمته العربية.
أما الشاعر محمد السرغيني، رئيس لجنة التحكيم دورة هذه السنة، فسجل ملاحظة هامة هي أن الجيل الأول من الكتاب باللغة الفرنسية وقعوا في فخ الفرانكوفونية لعدة أسباب منها تبنيهم للمعايير اللغوية الأصيلة للغة الفرنسية، أما «الأجيال التي جاءت بعدهم كالطاهر بن جلون ومحمد خير الدين وكاتب ياسين فهم مغاربة لحماً ودماً ولو كتبوا بلغة موليير».
جائزة «الأركانة» التي منحت لكل من الصيني بي ضاو (2002)، والمغربي محمد السرغيني (2004)، والفلسطيني الراحل محمود درويش (2008)، والعراقي سعدي يوسف (2009)، تشكل فضاء تتوارى فيه الانتماءات فاسحة المجال للشعر الجميل والهادف أيا كانت اللغة التي تحمله، وأيا كانت التربية التي نبت فيها، ليتألق كإبداع إنساني متميز.
يشار إلى أن «الأركانة» شجرة فريدة لا تنبث إلا في المغرب، بين الأطلس الكبير وحوض ماسة، تشبه من بعيد شجرة الزيتون لكن المقترب منها تظهر له كوناً عامضاً ومستقلاً بذاته، ولهذا التفرد في الهيئة والثمر اختار بيت الشعر في المغرب، اسم جائزة يسلمها لشاعر على المستوى العالمي، وهي تقدير مغربيّ لشعراء هم المحافظون على لغة متفردة.
ويوقّع مختارت من شعره بالعربيّة
على هامش حفل تسلم الطاهر بن جلون لجائزة الأركانة العالمية للشعر في نسختها الخامسة، وقّع الشاعر والروائي الشهير بالرباط منتخبات شعرية بعنوان «ظلال عارية»، قام ترجمها إلى اللغة العربية والتقديم لها الناقد خالد بلقاسم، وصدرت هذه المنتخبات الشعرية، التي صدرت ضمن منشورات بيت الشعر في المغرب.
يقول الناقد بلقاسم في تقديمه لهذه المنتخبات إن: «المنجز الشعري للطاهر بن جلون متعدد وحيوي شاهد على مسار مضمر لمداره وتحوله وللأوعاء الشعرية المخترقة له، ويتوزع هذا المسار إلى محطات متباينة، تتحدد بقصيدة طويلة أو بمجموعة شعرية، بل إن الحدود بينهما تضيق أحيانا، في إنجاز الطاهر بن جلون».
ويغطي هذا المنجز الشعري أكثر من أربعة عقود من الكتابة، ويطرح على القراءة أسئلة تمس، من جهة، علاقة بدايته، في ستينيات القرن الماضي، بالشعر المغربي المعاصر، وتمس، من جهة أخرى، مفهومي الهوية والاختلاف، مسألة عبور المتخيل المغربي والعربي إلى مادة الكتابة، أي اللغة التي بها تتحقق الممارسة النصية.
وتضمنت المنتخبات قصائد من مجموعات: ندوب الشمس، أشجار اللوز من جروحهم تموت، في غفلة عن الذكرى، ومارسيليا مثل صباح أرق، ومصاب بالصحراء، جنين وقصائد أخرى.