أربع عصابات مافيا عالمية تتحدى روسيا
حدَّد الرئيس بوتين العقوبات وأسعار النفط، كعوامل خارجية تؤثر على الاقتصاد الروسي. ومن الواضح أن هذه هي الأدوات. ولكن من الذي يستخدمها للضغط على روسيا؟ ناقش راديو «سبوتنيك» هذه القضية مع المحلل السياسي الألماني، كريستوف آر.هورستيل.
ترجمة: جيهان الذياب
اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في حديثه عن الاقتصاد الوطني خلال المؤتمر الصحفي السنوي، قائلاً: «لقد فشلنا في تحقيق العديد من الأشياء التي تم التخطيط لها، والتي نحتاج للقيام بها لتنويع اقتصادنا خلال العشرين عاماً». ولكنه أصر على أن «عوامل خارجية كانت السبب في إثارة الوضع الحالي».
مافيا المال والطاقة والإعلام
يقول المدير التنفيذي لشبكات «هورستيل» الحكومية واستشارات الأعمال، كريستوف آر.هورستيل: «من وجهة نظري، هناك أربع أو خمس من عصابات الشركات المنظمة من المافيات العالمية التي اقترفت جرائم متعددة. وقد جندت أربع منها للعمل ضد روسيا. المنظمة الأقوى بينها والقوة الرئيسية هي المافيا المالية. إذاً، لدينا هنا تكهنات ضخمة ضد الروبل، وبالطبع، مشاركة كاملة ضد أي نوع من التمويل قد تحتاجه روسيا. لذا، استدعى الأمر الوصول إلى فكرة تأسيس بنك من دول «البريكس»، ومن أعضاء «منظمة شنغهاي للتعاون» وآخرين، ليقف في وجه «البنك الدولي» المسيطر عليه من الغرب، وهي خطوة ذكية وحكيمة للغاية.
على سبيل المثال الآن، نرى أن مافيا الطاقة تنشط في أوكرانيا. وهذا يعني أن هناك الكثير من عقود المقالع والتي سعى السيد «يانوكوفيتش» أن يضع القليل من ملياراتها في جيبه، بعد أن مضى تلك العقود مع شركة «شيل» وغيرها من أجل استثمار نشاطات المقالع في أوكرانيا، وبالطبع، يهتم أولئك الناس بشكلٍ كبير جداً بإيقاف أي تدفق للغاز أو النفط من روسيا للدول الغربية، لأنهم يريدون أن يقوموا بذلك العمل بأنفسهم، ويريدون تجفيف الاقتصاد الروسي.
لقد تم تعزيز ودعم هذين العاملين إلى حد كبير، ودعمها بشكل منظم ومنسق من زعماء المافيا الإعلامية، والتي تعمل ضد بوتين، وروسيا أيضاً، والذيم يحاولون تقويض سلطة الرئاسة في روسيا. السبب في ذلك بسيط للغاية، فالسيد بوتين يقاوم كل جهد للدول الغربية ومجموعة شركات المافيا الخاصة بهم للتحكم بروسيا ومواردها الخام كالنفط والغاز.
بالطبع، تلك المافيا الاقتصادية، امتدت وخلقت فقاعة اقتصادية كبيرة لا يمكن تصورها من قبل المطلعين على حقيقتها. ولكي يتسنى لتلك الفقاعة أن تعيش لمدة أطول، ولكي يتم الحفاظ على استمرار عملية الدفع الإضافي لأكثر من 100 مليون في السنة لكبار المصرفيين، كان عليهم إضفاء خلفية أكثر صدقاً لمثل هذا النوع من الفقاعات الاقتصادية. والسيطرة على مساحات النفط والغاز الروسي يمكن أن تكون مفيدة للغاية في تلك العملية.
لذا، ما الذي يريدون فعله؟ في ألمانيا، يحاولون إعادة تهيئة والدفع بعيداً باثنتين من أهم المؤسسات السلمية الصديقة لروسيا وطرد زعمائها خارج البلاد، الأولى هي منظمة «حوار بيتسبرغ» المؤسسة من الرئيس بوتين والمستشار الألماني شرودر، ومنظمة «المنتدى الروسي الألماني» والذي يملك سجلاً طويلاً من الصداقة والتعاون والنقد الودي لروسيا (والضروري في بعض الأحيان)، وهناك بالطبع النقد الروسي لألمانيا والذي يعد مفيداً جداً بين الأصدقاء.
المحاور: إذا، هل أفهم منك أنك فعلياً تشير إلى مافيا المال ومافيا الطاقة والمافيا الإعلامية؟
كريستوف هورستيل: والمافيا الرابعة ستكون صناعة السلاح. لأن ما لدينا هنا من حالة خلق لصورة بوتين المرعب وروسيا إرهابية وكيفية أن روسيا عدوانية جداً، لدرجة أنهم يصرون على إنقاذ شعب القرم من عدوان نازيي كييف، كيف يمكن لروسيا أن تقوم بذلك! لذا، بالطبع، نحن بحاجة للمزيد من الأسلحة. وهذا مايقومون به. واليوم تحديداً وصلنا خبر مفاده أن الولايات المتحدة اعترفت، بأنها تقوم بالعديد من مهمات التجسس في الجو ضد روسيا، وتضع الكثير من الأشياء مثل الدبابات والمدفعية وصواريخ كروز على الحدود الروسية.
وهكذا، هم يعترفون بتدعيم القطاع العسكري. ومن الذي يكسب هنا؟ حسناً، بقدر فهمي للأمر، إنه مكسب لصناعة الأسلحة. وكما نعلم، هم على نفس التسلسل، فهذه العصابات تجلس على نفس الطاولة، وهم يؤكدون على ذلك. ويمكن قراءة ذلك والتحقق منه في استراتيجية الجيش الأميركي الرسمية للـ «الرؤيا المشتركة 2020»، حيث تجري كل هذه الانشطة بانسيابية تامة، بما في ذلك وسائل الإعلام وحتى المنظمات غير الحكومية. لذلك، فإن ماتقوم به السيدة ميركل في ألمانيا يتماشى إلى حد كبير مع مشروع رؤيا الجيش الامريكي الناشئ.
المحاور: ولكن حسب فهمي للأمر، تحتاج هذه المافيات الأربع إلى أدوات معينة، ماهي الأدوات التي يستخدمونها؟
كريستوف هورستيل: جميع أنواع المنظمات التي لديها سجل طويل في تنفيذ هذه السياسات. لدينا كل هؤلاء المشتبه بهم المعتادين، مجلس العلاقات الخارجية واللجنة الثلاثية، سمها ماشئت. لدينا أيضاً مؤسسسات الفكر والرأي، التي تدخل في هذه اللعبة بمستويات مختلفة، بعضها كثير والأخرى بشكلٍ أقل. فإذا كانوا أكثر تحفظاً فهم «أكثر تشدداً» وإذا كانوا أكثر ميلاً إلى المجال الديمقراطي فهم ليسوا «متشددين». نواجه الآن وضعاً مثيراً للاهتمام، وهو حقيقة أن باراك أوباما ليس سعيداً للغاية بشأن فرض المزيد من العقوبات، ولكن الكونجرس يقوم بذلك من أجله.
لذلك، تدور السجالات الداخلية في الولايات المتحدة بشأن ذلك، مثلما يحصل في ألمانيا تماماً. ثم يحاول أوباما استخدام نفوذه على الأوروبيين، بحيث يتحملون جزءاً من العبء واللوم بسبب فرض المزيد من العقوبات. ولكن في الواقع، هناك من يدفعه لذلك. ليس هو، كما نعرف، من يحكم أميركا. إنها عصابات الشركات التي تحكم أميركا منذ نشوئها.
يمكننا قراءة التاريخ الأميركي، لكي نوضح ذلك، مثل تاريخ الصراع بين القطاع السياسي والقطاع المالي المتعطش للسلطة. وقد فشلوا في عام 1913، تحت قيادة السيد ويلسون، في وضع البنك الفيدرالي في أيادي المصارف الخاصة.
المحاور: هل لديهم الكثير من المؤيدين أو الوكلاء؟
كريستوف هورستيل: نعم، لديهم أنصارهم. وهم أجزاء من المجتمع التجاري وأجزاء أخرى، من الذين كانوا عرضة لمثل هذا النوع من النفوذ. ومع ذلك لديهم وكلاء. وهم المئات، أكثر من 600 منظمة مما يسمى المنظمات غير الحكومية، وهي بالطبع كذبة في حد ذاتها. تتغذى هذه المنظمات غير الحكومية على المال الحكومي بنسب متفاوتة مع أنهم ينغمسون في أنشطة مناهضة للحكومة. وهم يتفاخرون بذلك. لقد تحدثت إلى بعضهم. هم فخورون جداً ومقتنعون تماماً أنهم يقومون بعمل جيد يخدم الديمقراطية، وكما فهمت، إن بعضهم من الغباء بدرجة أنهم يعرفون حقيقة ما يفعلون. فهم ينفذون الأوامر بشكل أعمى.
يوجد بالطبع اضطرابات مبررة أحياناً وغالباً. نحن لا نناقش ذلك الآن. نحن نناقش التدخل الأجنبي، وهو، في واقع الأمر، سياسة مستخدمة لتقويض روسيا، وإضعاف الحكومة المنتخبة فيها. وهذه مسألة مختلفة كلياً. ويصعب أحياناً تحديد ذلك، ولكن وجود نشاطات المنظمات غير الحكومية المناهضة لروسيا والتدخل الأجنبي والأموال الاجنبية داخل روسيا هو أمر مؤكد بنسبة 100%.
ماتريده هذه العصابات هو دفع روسيا للخضوع، ومن ثم استغلال الفوائد الناتجة عن ذلك. يريدون السيطرة عليها. وإذا لم تخضع روسيا واستمرت في «عصيانها»، كما يبدو الآن في عهد الرئيس الحالي، ستدفع هذه العصابات روسيا إلى حرب محدودة. علينا أن نعي ايضاً أن هذه العصابات، في نفس الوقت، وبتهديدها لروسيا فهي تهدد أوروبا. لأنهم يريدون الحصول على أموال دافعي الضرائب مقابل مشتقاتهم وأوراقهم المغشوشة التي قيمتها صفر.
هذا هو الخط الذي يتوجب مراقبته بعناية، هذا ما سيحصل، إن لم تخضع روسيا، ستكون هناك حرب في أوكرانيا وسيتم استجرار روسيا إلى صراع لا تريد المشاركة فيه.
المحاور: ولكن قد لا يكون الأمر كذلك، إن لم تخضع الحكومات الأوروبية والروسية، سيتم تحميلهم المسؤولية عن بدء الحرب.
كريستوف هورستيل: تماماً، عليك أن تعلم حقيقة تاريخية مذهلة ومثيرة للاهتمام، فالروس والأوروبيون يخضعون لنفس التهديد من قبل نفس الجهة. وكلما أسرعنا في استيعاب ذلك، تحسنت استراتيجيتنا المضادة لمواجهة ذلك.
*عن موقع «SputnikNews.com» بتصرف