اليوان الصيني.. وتصاعد المواجهة بين واشنطن وبكين

اليوان الصيني.. وتصاعد المواجهة بين واشنطن وبكين

بعد أن أزاح رئيس وزراء الصين الضغط الأوروبي جانباً المطالب برفع قيمة العملة الصينية، أنذر وزير المالية الأمريكي، غيثنر، بحدوث «تغيرات ديناميكية خطيرة» بسبب سياسة بكين. تعززت بمخاوف من أن المنافسة بين السياسات الأجنبية لتبادل العملات قد تكبح معافاة الاقتصاد العالمي.

في خطاب مفاجئ فظ، عنَّفَ وزير المالية الأمريكي الصين بسبب المحافظة على ما اعتبرته الولايات المتحدة قيمة متدنية مقدرة لسعر الصرف بشكل متعمد، هادفة إلى مساعدة الصناعات الصينية التصديرية.

 

ترجمة: حسين علي


«عندما تعمد اقتصادات كبيرة إلى منع قيمة عملاتها من الارتفاع، تشجع بذلك بلداناً أخرى لتفعل الشيء نفسه».. قال السيد غيثنر، مستخدماً لغة تشير إلى الصين بشكل مباشر، في خطاب له أمام مؤسسة بروكينكس، مؤسسة أبحاث في واشنطن: «هذا يؤدي إلى تغيرات ديناميكية خطيرة»، بينما تتنافس الدول لإبقاء قيمة عملاتها بأخفض من قيمتها الحقيقية.

قبل خطاب السيد غيثنر، طلب رئيس الوزراء ون تشاباو من قادة الاتحاد الأوروبي، سياسيين ورجال أعمال، تخفيف حدة هجومهم على بكين، حيث قال: «لو فقد اليوان استقراره، سيؤدي ذلك إلى كوارث في الصين وفي العالم، لو رفعنا قيمة اليوان بنسبة 20% أو 40%، كما يطالب البعض، ستغلق الكثير من مصانعنا أبوابها ويسود الاضطراب المجتمع». أتى وابل النقد هذا الذي أطلقه وزير المالية الأمريكي، بينما يستعد القادة للاجتماع في واشنطن لعقد لقاء في مقر صندوق النقد الدولي، تتبعها جلستان لمجموعة البلدان الصناعية والنامية العشرين. توحي لغة السخط المتزايد بفقدان صبر المشاركين من تعدد طرق التعامل مع قضايا النقد.

في الواقع، أنذر السيد غيثنر الصين بأن دعم الولايات المتحدة لبكين في صندوق النقد الدولي يعتمد على إظهار بكين «تقدماً أكثر» نحو «سياسات تبادل وصرف العملات على أساس اقتصاد السوق».. قال فرِد بِرجستون مدير معهد بترسون للاقتصادات الدولية..

وتقول الولايات المتحدة لبكين: «سندعم لعبتكم لو تقيدتم بقواعدنا».

المواجهة بسبب قيمة اليوان الصيني هي أحد التحديات المربكة التي تواجه صنَّاع القرار على أثر الأزمة المالية. يقول المسؤولون الأمريكيون يجب أن تحدث «إعادة توازن» على المستوى العالمي مع بلدان، الصين بالتحديد، معتمدة أقل على شراء الولايات المتحدة البضائع منها. لكن ثبت أن الضغط على الصين إلى رفع قيمة عملتها وزيادة الطلب الداخلي بأن له تأثير هامشي.

تعتبر الولايات المتحدة بأن الصين تسعى إلى تطبيق استراتيجية صارمة في تنظيم كامل لاقتصادها، تحابي فيه صناعاتها الوطنية على حساب الصناعات المنافسة الأمريكية، الأوروبية والآسيوية. بينما ترى الصين نفسها أنها تسعى إلى تحقيق مصالحها الوطنية ومتابعة استراتيجية حوَّلت البلد من بلد فقير إلى بلد غني قوي.

قال السيد سيمون ديريك، محلل اقتصادي في بنك نيويورك ميلون في لندن بأن تصريحات السيد وِن «ردٌ دراماتيكي مُنْصِف» على موقف الولايات المتحدة.

لم يعلن السيد غيثنر عن مدى الزيادة في قيمة العملة الصينية الذي يرضي الولايات المتحدة، لكنه غالبا ما كان يتحدث عن نسبة مفضلة بمقدار 20% من عام 2006 إلى عام 2008.

منذ عام 2008، سعت كل من إدارة بوش وأوباما إلى الضغط على بكين من جانب واحد، وبأشكال متنوعة لكي تترك قيمة اليوان ترتفع. تراخى موقف الصين في عام 2010 قبل انعقاد قمة العشرين بوقت قصير، وقالت ستسمح بـ«مرونة» أكثر في سعر صرف وتبادل العملة.

منذ ذلك الوقت ارتفعت قيمة اليوان بمعدل 2% فقط، ما أثار غضب أعضاء في المجلس التشريعي الأمريكي، الذي أصدر تشريعاً الشهر الماضي لمعاقبة الصين بسبب سياساتها النقدية. تدخلت حديثاً كل من كوريا الجنوبية، البرازيل، واليابان في أسواق العملات.

خلْقِ نظام مستقر لتبادل العملات الأجنبية لا يعطي أفضلية لبلد على آخر «هو التحدي الرئيسي الموجود أمام التعاون الدولي».. قال السيد غيثنر. الدول التي تطبق سياسات نقدية منافسة تخاطر «بإحداث التضخم وفوران أسعار الأصول والموجودات في الاقتصادات الناشئة أو بطريقة أخرى كبح النمو الاستهلاكي وزيادة حدة التشوه الاقتصادي قصير الأجل من أجل تعزيز سياساتها التصديرية».

أعدَّت قمة العشرين العام الماضي إجراءات تهدف، من جملة ما تهدف، إلى تشجيع تغيرات في السياسة الصينية. في إطار الاتفاق، وافقت بلدان بميزان تجاري كبير فائض، بالتحديد الصين، بتقليل الاعتماد على التصدير، ووافقت بلدان بعجز كبير في ميزانها التجاري، بالتحديد الولايات المتحدة، على زيادة مدخراتها وتقليل الاعتماد على الاستيراد. الهدف هو تحفيز الاقتصاد العالمي.

لكن ليس للاتفاق آلية تنفيذية، لذلك يتخوف المسؤولون الأمريكيون من أن البلدان لن تنفذ تعهداتها دون أي خوف من ردة فعل صندوق النقد الدولي.

■ وول ستريت جورنال