الدور البريطاني في زعزعة العالم... كلما أوشك نظامهم المالي على الانهيار!
«عندما يكون هناك عالم تنتهك فيه أبسط المبادئ الإنسانية والعدالة واستهداف متعمد لسيادة الشعوب، حينها لا مفر من البحث عن مصدر وهيكلية تلك القوى التي تكون كالرحم الولود للشواذ الفكري والأيدلوجيات المهيمنة والمسيّرة للأحداث لأن ما يجري ليس اعتباطاً أو مصادفة بل مخطط استراتيجي ينفذ بدهاء وتعمد وإصرار لسنين أو لعقود طويلة لأجل أهداف غير معلنة»!؟.
على شفا الهاوية!
تعقيباً للمقال الذي كتبته قبل أكثر من شهرين تحت عنوان «الانهيار المالي العالمي الأرضية الخصبة لترهيب الشعوب»، أكتب لكم أدناه آخر التطورات المتسارعة لهذا الانهيار الذي سيكون غير مسبوق في التاريخ الحديث بصورة قد لا تخطر في مخيلة الكثيرين ولأسباب متفاوتة! والبدائل المطروحة والتطورات الجيوــ السياسية المحتملة، ومنها معطيات وتحذيرات متداخلة ومتسارعة مع الوضع المتنامي التي قد تبدو غريبة وغير معقولة للقارئ العادي، وغير واردة في القرن الواحد والعشرين، وهذا بالضبط ما حصل ما قبل الحرب الكونية الأولى والثانية، ولست هنا بوارد التشاؤم والمغالاة إن قلت إننا وبموجب المعطيات في ظل تسارع الأحداث «الانهيار المالي» والتصريحات السياسية المتعاقبة في الأسابيع الماضية وفي ظل غياب قيادة حقيقة في دول على جانبي «المحيط الأطلسي»، بأن عالمنا اليوم يقف على شفا هاوية الانزلاق وبسرعة في حروب إقليمية تمهيداً نحو حرب أكثر شمولية، تتورط أو تضطر أو تنجرف إليها دول مثل روسيا والصين وتكتلات دول مقابل حلف الناتو.. هذا لا يعني حتمية وقوع حرب عالمية وليس التهويل والتخويف، بل وضعكم كالعادة في الصورة عما يجري مالياً، سياسياً، استراتيجياً، ونبذة عن التاريخ البريطاني الذي نحن جميعا من ضحاياه المحظوظين على قيد الحياة، والتحذير مما قد يحصل لأن الدوافع والأرضية الخصبة لكل الاحتمالات أصبحت مهيأة في ظل أعظم انهيار مالي - اقتصادي منذ العصور الوسطى والمرتكز حاليا في أوربا وأمريكا..
عندما حذرنا «مؤسسة ليندون لاروش» في عام 2004 من حتمية الانهيار المالي- الاقتصادي الحالي والتعقيدات السياسية المتعاقبة، كان الرد لغاية 2008 من لدن أغلب المؤسسات الرسمية والشعبية والإعلامية بكلمة « «No، No! ونكران تام، وإننا نضخم الأمور، ولكن ثبت بأننا كنا محقين، والحقيقة بدأت تنجلي وبادية للعيون في هذا المضمار لأن القانون الطبيعي يفرض نفسه عند نفاد فسح الخديعة والتلاعب بالإحصائيات وزوال تأثير المهدئات المالية والتصريحات الإعلامية والسياسية المنمقة في أكبر عملية احتيال على الشعوب في التاريخ الحديث..
سأذكر ضمن المقال وبصورة متداخلة أو بعنوان منفصل بعض المعطيات والحقائق وبإيجاز حيث لا يتسع حيز المقال في ضمها هنا حول الأزمة المالية التي هي على وشك الوصول إلى نقطة اللاعودة!، وشارحاً باختصار الدور البريطاني الخفي في زعزعة الاستقرار العالمي وخلق حروب جديدة «حيث كلما أصبحت سلطتها مهددة على المسرح العالمي فإنها تذهب للحرب»، والدفع نحو «الفاشية ـــ سيطرة المؤسسات الخاصة Corporate State» للحكومات الدائرة في فلكهم «كما يحصل الآن في أوربا» لغرض إدامة الهيمنة وتحطيم الاحتجاجات الشعبية التي عادة ما تخرج عن نطاق سيطرة الحكومات نتيجة سياسات التقشف الصارمة وفرض الحلول التي تتناقض مع سيادة الأمم.
إذا ما تم إجراء استفتاء عالمي اليوم عن سبب الويلات والحروب والجيوبوليتك الخبيثة التي أسقطت الكثير من الشعوب في تخبطات دموية في العقود الخمسة الأخيرة ، حينها ستكون الأغلبية من الإجابات: إنها أمريكا أو اليهود؟! وبذا يبقى المخطط الفعلي للجريمة والأيادي الخفية تفعل فعلتها وتستمر المآسي البشرية، وتكون أجيالنا اللاحقة الضحية كما هو حالنا ومن سبقنا، بينما الإبليس قابع في صومعته مخططا ومتلذذاً للمزيد ومستهزأ بسذاجة بعض العقول، ومستخدماً الضعفات التي لا تخلو منها أية ثقافة بشرية في تنفيذ المبدأ البريطاني «فرق تسد» كمتكأ ووقود للمزيد من التخبط وهدر الدماء البريئة وتحطيم الكرامة البشرية.!
دق طبول الحرب..
يلزمنا تفحص جوهر بعض التصريحات الأخيرة ما بعد اغتيال القذافي، ومنها التصريح المبطن بالتهديد والوعيد للسيناتور الجمهوري «جون مكين» المدعوم جمهوريا ومن ثلة بعض البارزين من الديمقراطيين أمثال جوزيف ليبرمان وجون كيري.. في مقابلته مع هيئة الإذاعة البريطانية يوم 22 أكتوبر الماضي بما يلي:
«على رؤساء دول مثل بشار الأسد ورئيس وزراء روسيا بوتين، وحتى بعض القادة الصينيين أن تكون أعصابهم مشدودة نتيجة ما حصل مع القذافي، فهذا الربيع ليس محصورا بالربيع العربي».. أي أن الجميع مدعو للركوع أمام عبودية نظام العولمة (النظام النقدي البريطاني) المتهاوي وإيديولوجيات طبقة النخبة المالية ولو على حساب البشرية جمعاء! بينما صرحّ الرئيس الفرنسي بتاريخ 19 أكتوبر وبعد النقاش الحاد مع المستشارة أنجلا ميركل حول الضرورة الملحة لحزمة إنقاذ مالية إضافية لليورو والبنوك محذرا من شبح الحرب: «ان مصيرنا (أوربا) على المحك في الفترة المقبلة، وليعلم الذين سيتسببون بتدمير اليورو أنهم سيتحملون مسؤولية بروز صراعات جديدة في أوربا» ، أما سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة وهي من ضمن قافلة المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية، فتركز دوما بغطرستها الواضحة على أن للولايات المتحدة الحق في استخدام القدرة العسكرية لتحقيق أهداف إدارتها، والأخطر كان في تصريح اوباما في يوم 27 اكتوبر بتحذيره الكونغرس الأمريكي من أنه إذا فشل في إمرار ما توّده إدارته أو المماطلة في البصم على ما يفرض عليه، حينها سيذهب هو قدما وينفذ المطلوب»!
ما هو تعريف الدكتاتورية؟ لقد ثبت طبيا ومن أكثر من جهة متخصصة بأن أوباما يتميز بشخصية نرجسية وخطرة كباقي الزعماء في التاريخ أمثال نيرون الروماني، ولذا كان اوباما الاختيار المفضل للمؤسسات المالية المسيّرة من المركز المالي العالمي المتمركز في لندن في هذه المرحلة المحفوفة بالمخاطر..! إذن نحن مقبلون نحو فترات حرجة وتلفيقات واتهامات.. اتهام إيران بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، و التصريح بين الحين والأخر من أنها على وشك صناعة سلاح ذري «التقرير المرتقب في الأسبوع القادم لوكالة الطاقة الذرية سيشمل تصعيدا بهذا الاتجاه»! إدعاءات كما حصل مع أسلحة الدمار الشامل العراقية، وكما يحصل مع سورية الآن، واغتيالات ضد كل معارض ومستهدف، وحروب إقليمية مما سيؤدي لامحالة إلى خلق وضع استراتيجي مهدد للحضارة البشرية بصورة غير مسبوقة في العصر النووي، علماً بأن ثلثي القوات العسكرية الضاربة للولايات المتحدة متمركزة الآن في المنطقة الجغرافية الممتدة بين باكستان في المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط وبتقدير الخبراء أن مثل هذا التمركز الأكثر كثافة في القدرة النارية في التاريخ العسكري، ليس فقط لاستهداف سورية وإيران بل يتعداه إلى احتمال تفجر صراع أشمل..
شواهد من التاريخ!
من المفيد التمعن بالتاريخ الممتد لأكثر من أربعة قرون ومعرفة لماذا تقمصت هذه القوة «الإمبراطورية البريطانية» عوضا عن العسكرة المباشرة حلة أكثر تعقيداً وتحضراً، إمبراطورية مالية –اقتصادية، منذ خسارتها حرب الاستقلال ومن بعدها الحرب الأهلية الأمريكية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر؟ ولماذا من وراء اغتيال الكثير من الرؤساء الأمريكيين (بنيامين فرانكلين، وجورج واشنطن وجون كنيدي واخيه روبرت وماذا حصل بعد الوفاة المفاجئة للرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت عام 1944 الذي قال لونستون تشرشل في مؤتمر يالطا بأنه بعد الحرب لن يكون هناك بعد اليوم امبراطوريات) انقلبت بعدها مباشرة السياسة الخارجية الأمريكية تحت إدارة هاري ترومان إلى سياسة امبريالية رهينة للقدرة المالية المتمركزة في لندن ووول ستريت ولمؤسسة الصناعات العسكرية التي حذر منها الرئيس روزفلت، ولليوم؟
كل الذين درسوا التاريخ أكاديمياً يعلمون بأن الإمبراطورية البريطانية لها الباع الطويل في خلق أغلب الحروب والأزمات والمآسي والمذابح على المسرح العالمي، بدءاً من أوربا، وهنا لابد من ذكر حقيقة تاريخية موثقة قد تكون غائبة عن معرفة الكثيرين: في عام 1933 كان الحزب النازي الألماني بقيادة هتلر آيلاً للسقوط شعبيا وماليا، ولكن النجدة والعون جاءته سريعا من الذين يؤمنون بالفاشية كعقيدة (يوجينك) بعد فشلهم في تحقيق ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية بعد تولي روزفلت الرئاسة في الفترة ذاتها، تم تمويل الحزب النازي من قبل مؤسستين من مؤسسات طبقة النخبة المالية بشخص رئيس المصرف المركزي الانكليزي مونتغيو نورمان وربيبته مصرف هاريمان برذرز الأمريكي بشخص برسكت بوش، جد الرئيس جورج بوش، وبعدها بأسابيع قليلة افتعل الحزب النازي حريقا في الرايخستاغ، وتم اتهام الحزب الشيوعي بذلك كذريعة لإمرار قوانين ضد الإرهاب وبعدها بستة أشهر تم حظر كافة الأحزاب السياسية المعارضة والنقابات، وترسخت أسس الدكتاتورية التي دمرت أوربا وألمانيا.. لنعد إلى ما قبل الحرب التي سميت بالحرب العالمية الأولى، الذي كان من أبرز مخططيها ولي العهد البريطاني ادوارد السابع عن طريق خلق ما سمي بـ«أزمة البلقان» لمنع ألمانيا من البروز كقوة اقتصادية منافسة بعد الاستقرار التي تمتعت به نتيجة السياسات الحكيمة لبسمارك والحرب العالمية الثانية جاءت كنتيجة استقطاع أراض ألمانية وفرض عليها دفع خسائر الحرب الأولى لكل من فرنسا وبريطانيا وانهيار الاقتصاد الألماني كنتيجة لتلك الحرب، والإجحاف الذي أصاب الشعب الألماني المتعطش لقيادة وإن تكن جنونية للدفاع عن كرامة ألمانيا، مما سمح بصعود الحزب النازي ما قبل عام 1933.
اليوم يعيدون ذلك التاريخ عن طريق «بلقنة» الشرق الأوسط بدءاً بشمال إفريقيا، لغرض استهداف آسيا مما ينذر بصراع عالمي لا أحد بمقدوره التكهن بنتائجه؟ وهكذا الحال مع أغلب الحروب السابقة في الشرق الأوسط والقارة الأمريكية وآسيا، منها حرب الأفيون ضد الصين عام 1839، واللعبة البريطانية في زعزعة استقرار العالم والذهاب إلى الحرب استمرت على مر تاريخها الإمبراطوري، ومنذ انتصار وليم اوف اورنج في الثورة التي تسمى تاريخيا «الثورة الممجدة» عندما تمت الإطاحة بالملك الانكليزي جيمس الثاني عام 1688 وتكونت الإمبراطورية البريطانية بقيادة النخبة المالية التي خسرت هيمنتها بعد الانهيار المالي الأول في التاريخ بعد انهيار «نظام لومبارد المصرفي في (فينس – ايطاليا) عام 1347 ولجوء عوائل طبقة النخبة المالية إلى هولندا، ومن بعدها إلى بريطانيا التي بدأت تبرز وتصبح القوة البحرية المسيطرة عالميا (الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس)، وامتدت جغرافيا حول العالم لغاية الخمسينيات من القرن الماضي، تلك الإمبراطورية مازالت حية على عكس ما يظن أغلبنا! لأنها تقمصت في هيئة أكثر تأثيرا وخفية: إمبراطورية مالية (النظام النقدي، أو العولمة) عوضا عن الاحتلال المباشر والانتداب للدول، وحروبها اليوم تتم بالنيابة مثلما حصل في فيتنام وكوريا وأفغانستان والعراق وليبيا..! التي تستغل وتوظف ببراعة التكوينات والضعفات في ثقافة الشعوب بمختلف الاوجه (دينية، سياسية، عنصرية، إيديولوجية، طائفية، وحتى قبلية) من اجل ديمومة عجلة عدم الاستقرار وخلق الفوضى لتحقيق أهدافها الإستراتيجية.
تسارع الانهيار المالي
أثناء كتابة هذه الأسطر كان هناك اجتماع في مدينة «كان» الفرنسية لقادة الدول العشرين (ج 20)، كما جرى في الأسابيع القليلة الماضية عدة اجتماعات طارئة بين الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية واجتماع وزراء المالية في الاتحاد الأوربي وجميع هذه الاجتماعات الماراثونية هي لمجرد إعطاء وعود ثبت بطلانها في السنوات الأخيرة، لغرض تهدئة أسواق الأسهم العالمية وإلزام الدول في ضخ المزيد من السيولة في بنك النقد الدولي، ويبدو أن الاتجاه العام من الاجتماع الأخير هو إعطاء (آي م ف) في المرحلة المقبلة صلاحيات تفوق سيادة أي دولة في الخطوة التالية ليتم عبرها فرض مقاييس مالية صارمة على الدول والتي ستؤدي لزعزعة استقرار الحكومات وفوضى شعبية مثلما يحصل الآن مع اليونان وستكون ايطاليا واسبانيا والبرتغال وغيرها من الدول كالمحطات التالية في الاستهداف لاحقا..؟!.
بتاريخ 27 اكتوبر 2011 كان هناك ترقب يشوبه هلع مما ستؤول إليه الأمور بعد التحذيرات الصادرة من بعض الأوساط المالية بأن النظام المصرفي الأوربي على وشك الانهيار، مما اجبر فرنسا وألمانيا على الاتفاق فورا على حزمة إنقاذ إضافية بمقدار 1.33 ترليون دولار، أملا في تهدئة الأمور لبعض الوقت، ولكن تأثير هذا المهدئ انتهى بعد 48 ساعة فقط! في اكبر عملية من نوعها في التاريخ من ضخ السيولة ونهب خزائن الدول وسرقة أموال دافعي الضرائب وتخفيض نسب الفائدة (0.25 % في أمريكا و1.25% في أوربا) وفرض سياسات التقشف الصارمة والاستقطاع في التمويل الحكومي......الخ ومن دون جدوى.. وستفشل هذه المعايير الإضافية في الأسابيع القادمة وستتوالى انهيارات المصارف وسوق المشتقات وسوق الاحتياطات والأسهم والعقارات السكنية والتجارية وخسارة المدخرات والتضخم النقدي الشديد (فقدان العملات في قيمتها الشرائية).... ما لم يتم تبني الحلول الجذرية، ولكن وكما يبدو لغاية كتابة هذه الأسطر أن الأوربيين والولايات المتحدة بأنظمتهم السياسية أصبحوا رهينة المصارف العالمية، وينفذون سياسات ليست إلا لفائدة إنقاذ المصارف الخاصة وليس الشعوب كما الحال مع اليونان وايطاليا في أزمتيهما مع الديون السيادية
الربيع.. أم الشتاء الدموي العربي!
لقد هلل الكثيرون ابتهاجا، وعمت الفرحة العارمة، وأحلام بغد مشرق وموطن على أسس المواطنة ونهاية الآلام، والرُقي إلى مصاف الديمقراطيات بموجة التحولات التي بدت مفاجئة حتى للذين كانوا في صلب الاحتجاجات في الشارع العربي وكأنه مجرد حلم طال انتظاره لقرون؟؟ ولكن الماكنة العالمية كانت تعمل سرا وعلنا من أجل التغير وإزاحة الرفاق القدامى الذين انتهت مدد صلاحيتهم نحو مرحلة جديدة لإحلال الفوضى وخلق بؤر الصراع الداخلي وصعود دمى وأدوات أخرى لتنفيذ الاستراتيجية الجديدة ضمن المخطط البريطاني نحو «بلقنة» المنطقة.
من يتفحص التصريحات الرسمية الصادرة من اوباما وساركوزي وتوني بلير تجاه إيران وسورية والتصعيد في التلفيقات والاتهامات، سيدرك تماما بأننا أمام وضع لايختلف عما حصل مع العراق ما قبل الاحتلال؟ نعم إن ما حصل في مصر وتونس واليمن وغيرها من الدول يعود لأسباب منها داخلية والاحتقان المكبوت لعقود نتيجة تسلط الأنظمة الشمولية، ونتيجة الانهيار في المستوى المعيشي والثقافة السائدة، والعوامل التي من السهولة استغلالها من الخبير البريطاني، ولكن هناك ما يكفي من المعطيات الاستخباراتية التي تفيد بتدخلات خارجية عن طريق المنظمات غير الحكومية (NGO) المرتبطة بـ«جورج سورس» والمؤسسات المرتبطة بأجهزة المخابرات الدولية والإقليمية، ومن ضمنها الدائرة في فلك الأمير بندر بن سلطان، في مخطط معد سلفا ضمن استراتيجية بعيدة المدى للحين الحسن كما ذكر هنري كيسنجر عام 1975، وإن ما حصل في الشأن الليبي من التصعيد على المستوى العسكري وتدخل القوات الخاصة من دول الناتو لجعل ليبيا كالفتيل، ومن بعدها إيران وسورية.. ولن تقبل بريطانيا وأمريكا بأي تنازلات مهما كانت من الحكومة السورية أو الإيرانية، ولن تسمح لأية مبادرات دولية أو عربية بالنجاح، لأنهم عاقدون العزم على ضربهما في الأسابيع القادمة لتكون كالشرارة نحو حرب قد تكون الأسوأ قياسا بكل الحروب السابقة، والهدف هو آسيا!
إذا فشل مخطط المسار السوري أو تباطأ، حينها ليس مستبعدا من اللجوء إلى «زناد البندقية الإسرائيلية» لضرب إيران..
لا يسعني هنا إلا إضافة ما يلي: لنتعلم من ديمقراطية العراق من الذبح والطائفية ولعبة المصالح وفرق تسد في عراق اليوم، وبعد سبع سنين من وجود الاحتلال الأمريكي وديمقراطيته؟؟ وهل مصر أفضل حالا؟ التي يبدو خيارها الوحيد هو إما صعود العسكر أو حركات وأحزاب بإيديولوجية دينية للاستحواذ على الحكم والنتائج العكسية المرجوة لأن هذه الوصفات يسيل لها لعاب بريطانيا التي تراها من ضمن المرتكزات الجيوسياسية الرائجة لزعزعة البلد داخليا من ضرب النسيج الاجتماعي، وإقليميا لخلق بؤر صراعات آنية ومستقبلية. وإلا ماذا يعني تودد الإدارة الأمريكية للأحزاب الدينية في مصر؟! وتونس التي بدأ صراع الأحزاب فيها ولكنها أفضل حالا مؤقتا لنسيجها الاجتماعي الموحد.. والفترة المقبلة ستكشف المصير الليبي.