بصراحة .. المعامل تدمر مرتين... مرة بالحرب وأخرى من دون حرب
منذ وقت مبكر وبعيد سقوط السلطة ومن خلال الحكومة التي سميت مؤقته تم اتخاذ مجموعة من القرارات وتبعها إجراءات عملية على الأرض متعلقة بالموقف من القطاع العام وخاصة المعامل وعمالها حيث تم إيقاف العديد من المعامل مع صرف عمالها على أساس إعطائهم إجازات مأجورة لمدة ثلاثة أشهر وتوالت عملية الإغلاق تباعاً لأهم المعامل وخاصة النسيجية التي تعتمد في مادتها الأولية على ما ينتج من القطن وما يغزل من الخيوط.
الاتحاد العام للنقابات يؤكّدُ وجودَ الإغلاقات سواء منها الإغلاق الكامل أو الجزئي، والنقابات تعلم بالإغلاقات لكونها أحد الأطراف المفترض إخبارها قانونياً عن تلك الحالات الجارية إن أخبرت، بالإضافة إلى وزارة الصناعة وجهات أخرى.
على الرغم من هذه الإغلاقات، سواء الجزئية أو الكاملة منها يعاد بعضها إلى العمل حسب الحاجة التي تستدعي الإعادة منها مثل معمل حوش بلاس للكبلات ومعمل وسيم لصناعة الألبسة ومعمل زنوبيا في حلب وبقيت المعامل الأخرى مغلقة وعمالها في إجازة.
معامل القطاع الخاص يتم الإغلاق لها لأسباب أخرى غير إغلاقات معامل القطاع العام مرتبطة بتوفر المواد الأولية وتكاليف الإنتاج الكبيرة وغيرها، ورغم محاولات أصحابها طلب النجدة من غرف الصناعة ومن الحكومة للمساعدة على توفير ما يلزم لكي تبقى المعامل تدور بعجلات إنتاجها، ولكن كل هذا الصراخ يذهب سدىً ولا أحد يستجيب. ويمكن الاطّلاع على بعض المواقع التي تعنى بشؤون الصناعة والصناعيين لنعرف حجم المعاناة الكبيرة التي يعيشونها.
هذا يعني أنه إذا استمر الحال على ما هو عليه، لن يبقى من المعامل التي تعمل وتنتج غير كل طويل عمر، وبصعوبة وبتكاليف عالية وتسويق منخفض. وهذا الواقع الصعب الذي يضرب الصناعة السورية سيتطور نحو الأصعب طالما أنّ المسببات لا تزال موجودة، وليس في الأفق ما يشير إلى إزالتها أو التخفيف منها، على الرغم من كل الوعود التي تقدمها الحكومة للصناعيين باجتماعاتها معهم، والتي تبقى وعوداً لا غير، وتبقى الصناعة تسير نحو الهاوية بتسارع. وهذا له منعكسه السياسي والاجتماعي الخطِر، وكذلك على الاقتصاد الوطني برمته وعلى الطبقة العاملة التي يكون مصيرها في هذه الحالة هو الشارع والانضمام إلى جيش العاطلين عن العمل، حيث يكون الخيار أمامهم الهجرة المحفوفة بالموت، كما هو جارٍ الآن لآلاف من الشباب الذين دفعتهم ظروفهم إلى الهجرة بحثاً عن عمل، أيّ عمل، مهما كانت المخاطر التي سترافقهم، ما يعني مزيداً من الخسائر الوطنية للشباب القادرين على العمل والإنتاج، وهذه الخسائر لا تقدَّر بثمن ويضحَّى بها مجّاناً.
إنّ الطبقة العاملة السورية على الرغم ممّا خسرته من قوى ومن حقوق على مدار العقود السابقة والسنوات الحالية، ستشقّ طريقها الكفاحي الذي هو ممر إجباري للدفاع عن حقوقها، ولنفض الكثير من الأوهام العالقة في الأذهان حول تحسين أوضاعها المعيشية وفي مقدمتها الأجور، بالتوافق بين ممثلي العمّال المفترضين وأركان الحكومة التي خابت فيها كل الرهانات على توافقٍ كهذا، والنتائج واضحة؛ مزيد من الإفقار والتهميش والجوع للطبقة العاملة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1229