النقابات وعمّال القطاع الخاص

النقابات وعمّال القطاع الخاص

خاضت الطبقة العاملة نضالات وتضحيات عديدة وكبيرة من أجل تكوين نقاباتها المستقلة عن أرباب العمل، سواء الدولة أو غيرها، ومن أجل الدفاع عن حقوق ومطالب العمال المختلفة التي تضيق بها صدور أرباب العمل. وفي المقدمة من هذه الحقوق تحسينُ شروط وظروف العمل، بما في ذلك الأجور والأمن الصناعي والسلامة والصحة المهنية، وقوانين العمل.

تكوّنت النقابات بإرادة العمال، وهي لجميع العمّال بكلّ انتماءاتهم السياسيّة. وينبغي على العمّال أنْ يختاروا ممثّليهم النقابيّين بكلّ حرية، ومن ذلك تأتي أهمية وضرورة استقلالية النقابات عن أجهزة الدولة. وهذا يسهم في تقوية النقابة في التفاوض نيابةً عن العمّال. ومن واجب الدولة أن تؤمّن للنقابات الحماية الدستورية والقانونية المعبَّر عنها في التشريعات الدولية. تشكو الحركة النقابية اليوم من ضعف عدد المنتسبين إليها من عمّال القطاع الخاص رغم أنّ تعداد العمال في هذا القطاع يزيد عن نظيرِه في قطاع الدولة بكثير.
والأسئلة التي تطرح نفسها: لماذا هذه الشريحة الكبيرة من الطبقة العاملة بعيدةٌ عن الحركة النقابية؟ وما هي الطرق والأساليب التي تجذب هؤلاء العمال للانضواء في ظل الحركة النقابية التي من المفترض أن تكون صوتهم العالي من أجل حقوقهم؟ ومن المعروف أيضاً أنّ عمال الدولة لا ينتسبون إلى النقابات طواعيةً بل بحكم العرف؛ فعند دخول العامل إلى أيّ موقع إنتاجي لدى الدولة، يُعتَبَرُ تلقائياً منتسباً للنقابة، رغم أنه قد لا يعرف عن النقابة حتّى بعض الخدمات التي تقدّمها، كصناديق المساعدة الاجتماعية، مثل أيّ جمعية خيريّة تقدم بعض المساعدات، وساهم هذا بطبيعة الحال في تهميش دور العمال وأضعف العلاقة بين العامل ونقابته، وانعكس بدوره على مجمل العمل النقابي وخاصة في القطاع الخاص.
الحركة النقابية اليوم في خواتيم دورتها السابعة والعشرين، وعلى أبواب دورة نقابية جديدة في ظلّ ظروف وواقع جديد من حياة البلاد. فكيف تعيد الحركة النقابية ثقة العمال بنقاباتهم؟ وكيف تضع القطار على السكّة الصحيحة، وخاصة بالنسبة لعمال القطاع الخاص؟
يقول أحد النقابيين الجدد الذي وصل إلى موقع رئيس لجنة نقابية في إحدى شركات القطاع الخاصّ، لقد تم تعيني في اللجنة النقابية مع زملائي الآخرين، من قبل إدارة الشركة التي أعمل بها، وما زالت هذه اللجنة غير مكتملة من حيث العدد المطلوب، وننتظر استكمالها من قبل صاحب العمل بالتوافق مع مكتب النقابة المعنيّ. وهذه أول تجربة لي في هذا المجال، وليس لدي أيّ خلفيةٍ عن العمل النقابي. وأضاف أنّ عدد العمال المنتسبين إلى النقابة محدود جداً مقارنةً بعدد العمال في الشركة، فهؤلاء العمّال الذين انتسبوا للنقابة هم فقط من سمح لهم صاحب العمل بالانتساب للنقابة.
والسؤال الدائم: كيف يشعر العامل بأن النقابة هي المُدافِع الحقيقي عنه أمام صاحب العمل، وأنها تمثله تمثيلاً حقيقياً، فمَثَلُ النقابة بالنسبة للعامل كمَثَل الشَّخص الموثوق به، يلجأ إليه عندما تتصرف الإدارة بشكل غير لائق مع العامل، فتعمل على احترامه وصون كرامته في مكان العمل، وكذلك تعمل على حماية العمّال وصحّتهم وسلامتهم من الأخطار والأمراض وإصابات العمل، من خلال الضغط المستمر لتحسين وتطوير قواعد الأمن الصناعي والصحة والسلامة المهنية. النقابات العمّالية هي شبكة مترابطة عبر البلد من خلال الاتحاد العام لنقابات العمال، ويمكنها استخدام ترابطها هذا عبر تضامن العمال كافةً من أجل أيّ حقٍّ من حقوق العمّال، وحلّ أيّ مشكلة من مشاكل العمال الكبرى باستخدام أدواتها النضالية الفعّالة. بذلك يتم إعادة الثقة لعمال القطاع الخاص، وتبنّي مطالبهم المشروعة وعدم الانحياز إلّا لصالح حقوقهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1204
آخر تعديل على الأربعاء, 11 كانون1/ديسمبر 2024 14:26