بصراحة .. لقمة الفقراء في طاحونة الناهبين الكبار

بصراحة .. لقمة الفقراء في طاحونة الناهبين الكبار

عدم الرضا الواسع والمزاج والوضع العام لدى الفقراء هو في أسوأ حالاته، بسبب الوضع المعيشي المتدنّي جداً، والذي يسوء يوماً بعد يوم، فالجميع واقع في حيرة من أمره، كيف سيتدبر معيشة يومه وكيف سيدفع أجرة منزله الذي يُؤويه وأطفالَه، سواء كان يعمل بأجر أو حِرفيّاً أو عاطلاً عن العمل؟ والأخير وضعُه لا يحسَد عليه!

عند النزول إلى الأسواق وتريد شراء بعضٍ مما تحتاجه -وهو عمل يومي لتأمين الحاجات وبكميات قليلة جداً، أي الحاجة اليومية الضرورية فقط- تُصدَم بما هو معلَن من الأسعار، وعندما يريد الفقير الحصول على حقه من الخبز أيضاً، يُصدم للوقت الذي سيمضيه وقوفاً في الصف حتى يأتي دوره، والدور يعني ساعات طوال من الانتظار، ليحصل على ما قرَّرته له الحكومة من كمية قد لا تكفي حاجة عائلته، وفي حال أراد شراء الخبز من خارج الفرن فتلك الطامّة الكبرى حيث السعر عشرون ضعفاً للربطة الواحدة، وإن أراد راكب السرافيس الوصول إلى عمله إنْ وجَد سرفيساً، فإن الانتظار لوقت طويل سبيله الوحيد كي يصل إلى عمله، وقد يكلّفه الكثير من المال.
الأحاديث التي تدور بين الفقراء في هذه الازدحامات اليومية كثيرة ومتنوعة، ولكن القاسم المشترك بينها هو: أزماتهم المستعصية على الحلول منذ أمد بعيد، والتي يجري تعميقها وتوسيع دائرتها لتشمل كل شيء، وما يزيد الطين بلة، أو بشكل أدق ما يشعل الغضب أكثر، ويرفع مستوى التذمر وعدم الرضا الكلّي عند أغلبية الشعب السوري المكتوي بالنار الحارقة التي يعيشها، هو سلوك الحكومة اليومي تجاه ما يحتاجه من مواد، وجملة التصريحات التي يدلي بها أركان الحكومة والمعنيون مباشرة بحقوق المواطنين المعيشية والخدمية والصحية والتعليمية وغيرها من القضايا التي يصعب تعدادها، والتي تستفز السامعين لها وتوترهم أكثر.
تلك التصريحات التي يُحمِّلون فيها الفقراء مسؤولية فقرهم، وأنّ سلوك الناس هو المسؤول عن كل ما يحصل لهم من أوجاع، كالقول مثلاً: «الناس يستهلكون الخبز أكثر من حاجتهم، وقد يقوم بعضهم ببيع ما لديه من خبز زائد».
التقنين الطويل للكهرباء سببه، مرة الأحوال الجوية بمختلف أوقاتها صيفاً أو شتاءً، أو تأخر وصول شحنات النفط بسبب الحصار الجائر والعقوبات، ومرة أخرى أن الناس يستهلكون الكهرباء «فوق حاجتهم الطبيعية».
الوقوف لساعات بانتظار السرفيس أو الباصات، لأنّ أصحابها يقومون ببيع المازوت، وبالتالي يقلّ عددها وينتظر الناس.
ما نود قوله: إنّ الحكومات المتعاقبة جميعها لا حلول لديها تقدّمها للناس، هَمّها الأساس هو: جمع مواردها عبر المراسيم والقرارات التي تحمّل الفقراء المزيد من الظلم وتقهرهم أكثر، حيث تنهب تلك الموارد بأشكال مختلفة من جيوب الفقراء، مهما اختلفت المسمّيات، بينما أولئك في الطرف الآخر العزيز على قلب الحكومات، فيعيثون فساداً في لقمة الفقراء عبر الاحتكار والنهب والفساد!
فهل يبقى الفقراء على حالهم أم سيغيّرون واقعهم؟ إنَّ غداً لناظره لقريب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1187