جرم ترك العمل في القانون السوري
نتيجة لانفجار الأزمة السورية واضطرار ملايين السوريين للنزوح والهجرة، ونظراً لربط الحكومة الاستقالات بموافقات أمنية وتعقيد الحصول عليها اضطر الآلاف من الموظفين لترك أعمالهم دون تقديم استقالاتهم وبشكل غير قانوني مما عرضهم للمساءلات والملاحقات القانونية، ومن أسباب ازدياد هذه الحالات في الآونة الأخيرة هو تدني نسبة الأجور والرواتب مما دفع مئات من الموظفين لترك أعمالهم والبحث عن فرصة عمل أخرى، لذلك كان لا بد من الإضاءة على موقف القانون السوري من جريمة ترك العمل.
فقد نص قانون العقوبات السوري على جريمة ترك العمل في المادة 364 منه والتي نصت على ما يلي:
اعتبر القانون الموظف بحكم المستقيل عند عدم وجود أسباب في الحالات التالية:
إذا لم يباشر وظيفته خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تبليغه مرسوم أو قرار التعيين أو النقل.
2- إذا ترك وظيفته دون إجازة قانونية ولم يستأنف عمله خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تركه عمله.
3 – إذا لم يستأنف عمله خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتهاء إجازته.
وقد عاقب القانون بموجب المادة 364 بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن الراتب الشهري مع التعويضات لمدة سنة كاملة كل من ترك عمله أو انقطع من العاملين في الوزارات أو الإدارات أو المؤسسات أو الهيئات العامة أو البلديات أو أي جهة من جهات القطاع العام أو المشترك قبل صدور الصك القاضي بقبول استقالته من المرجع المختص، وكذلك كل من اعتبر من هؤلاء بحكم المستقيل لتركه العمل أو انقطاعه عنه مدة خمسة عشر يوماً.
ويعاقب أيضاً بنفس العقوبة كل من امتنع عن أداء التزامه بالخدمة في الجهات المبينة أعلاه سواء أكان الالتزام نتيجة للإيفاد ببعثة أو منحة أو إجازة دراسية وتصادر أمواله المنقولة وغير المنقولة، وفي الأحوال كافة يحرم هؤلاء من حقوقهم لدى الدولة ويلزمون بالإضافة إلى ذلك بجميع الأضرار الناجمة عن ترك العمل أو الانقطاع عنه.
ولا تطبق الأسباب المخففة التقديرية على الجرائم المعاقب عليها بموجب حكم هذه المادة «168» وما يليها من قانون العقوبات في حين أعفى القانون هذا العامل أو الموظف ولمرة واحدة من العقوبة إذا عاد إلى الخدمة أو وضع نفسه تحت تصرف الدولة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تحريك الدعوى العامة بحقه.
القضاء الجزائي يستطيع في جريمة ترك العمل المنصوص عليها في المادة 364 المكرر من قانون العقوبات المنوه عنه أعلاه التحقق من وجود أعذار مشروعة للغياب من مرض أو عجز أو توقيف أو حجز حرية، وإذا وضع المدعى عليه بهذا العذر أمام محكمة الموضوع تعين عليها النظر فيه، حتى إذا صح لديها قيامه فلا يبقى وجه للمسائلة القانونية لهذا الشخص لأن فعله يكون قد توافر له المبرر الذي يجعله خارج نطاق العقاب، وهذا ما استقر عليه اجتهاد الهيئة العامة لمحكمة النقض ويمكن عرض مبررات غياب العامل أو الموظف أمام المرجع القضائي ليقول كلمته بشأن تطبيق أحكام المادة 364 المكرر من قانون العقوبات والمعدلة بالمرسوم التشريعي رقم 46 تاريخ 23/7/1973 المتعلقة بعقاب من يترك عمله لدى الدولة أو مؤسساتها قبل صدور الصك القاضي بقبول استقالته بالقرار الصادر باعتبار العامل بحكم المستقيل.
وأن نتيجة الدراسة والإيفاد والتدريب في المعاهد والجامعات السورية يعتبر بمنزلة الإيفاد الوارد ذكره بالمادة 364 المكرر من قانون العقوبات وكل من أمتنع عن أداء التزامه بالخدمة يعاقب بالحبس من 3 إلى 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن الراتب الشهري مع التعويضات لسنة كاملة إذا كان الالتزام نتيجة للإيفاد ببعثة أو منحة أو إجازة دراسية.
إن جريمة ترك العمل من الجرائم الآنية لا المستمرة وتسقط بمرور ثلاث سنوات على تاريخ وقوع الجرم وهي من جرائم الجنحة وحينما يعود العامل إلى عمله لدى الدولة للالتحاق بعمل آخر لديها لا يشكل جريمة ترك العمل لأن الوحدة المفترضة في شخصية الدولة تحتم عودته إلى العمل في إحدى مؤسساتها واستمراره في العمل لديها وتنفي عنه جرم ترك العمل.
وإذا أصدرت المؤسسة أو الإدارة صكاً بقبول استقالة العامل لديها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تحريك الدعوى العامة بحقه يعني هذا أنها لا تود استخدامه ولا فائدة من وضع نفسه تحت تصرفها ويتعين بالتالي إعفاؤه من العقاب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1134