بصراحة ... الواقع العمالي يحتاج إلى سياسات أخرى لتغييره
من تقاليد الحركة النقابية أن تقدّم في مؤتمراتها النقابية تقارير عن أعمالها خلال عام، تضمنها رؤيتها للواقع النقابي والعمالي، ويجري التركيز أكثر على الجانب الاقتصادي من حيث تحليل أداء الشركات والمنشآت الصناعية، ونتائج أعمالها إن كانت رابحه أم خاسرة، أو بين بين، وتأثير كل ذلك على مستوى معيشة العمال، ومدى حصولهم على حقوقهم ومكتسباتهم التي يجري الاعتداء عليها أما الآن فيجري التركيز أكثر تقريباً على الأجور والوضع المعيشي وهذا موضوعياً صحيح.
ما نود أن نقوله بهذا الصدد إن الحركة النقابية تملك من المعرفة والدراية لواقع الطبقة العاملة من حيث حقوقها ومطالبها، ولواقع القطاع العام الصناعي والخدمي وما يجري فيه من تراجع في الأداء الاقتصادي بشكل عام، بسبب الفساد والنهب وسوء الإدارة التي تشرف على تسيير أموره، ما يجعله غير قادر بشكل فعلي على تأمين متطلبات النمو الحقيقي، الذي لو تحقق فإن تأثيره سينعكس بكل وضوح على مستوى معيشة الفقراء، ومنهم الطبقة العاملة السورية التي تعاني كثيراً من السياسات الليبرالية، وهنا لا فرق في حجم وقسوة المعاناة بين عمال العام والخاص، إلا نسبياً. وهذا يعني أهمية النضال المشترك لعمال القطاع العام والخاص دفاعاً عن الحقوق والمطالب العامة الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة.
إن استمرار الحركة النقابية بموقفها (التشاركي) مع الحكومة وسياساتها الليبرالية، يعني المزيد من التراجع في إمكانية انتزاع حقوق العمال والدفاع عن القطاع العام وتخليصه من ناهبيه، على طريق إصلاحه. والمزيد من تمادي الحكومة وإدارتها في الهجوم على مكاسب العمال وحقوقهم، ويمكن أن نرى الصورة واضحة في المؤتمرات المنعقدة حالياً، حيث المطالب السابقة يعاد طرحها وهذا يعني أن الحكومة ليست بصدد تأمين أو تحقيق ما يطلبه العمال بالرغم من الوعود الحكومية وهي وعود خلبية تتبخر مع انتهاء أعمال المؤتمرات.
والأنكى من ذلك فإن الحكومات المتعاقبة لا ترى بالعمال سوى أنهم سبب مهم من الأسباب التي أوصلت المعامل والشركات إلى حالتها الراهنة من ضعف الأداء والخسائر التي تتكبدها، ولا بد أن نتساءل: من يدير المعامل والشركات، العمال أم الحكومة؟ من يضع الخطط الإنتاجية والتسويقية والصيانة وغيرها، العمال أم الإدارات؟ من يعين المدراء الفاشلين والمشكوك في نزاهة الكثيرين منهم، العمال أم الحكومة؟
إن الإجابة عن تلك التساؤلات سيضع العربة على سكتها الصحيحة، والإجابة هنا تعني وضع إستراتيجية للعمل النقابي المستند إلى قوة الطبقة العاملة وإرادتها الصلبة في الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى، التي بحمايتها ستتعزز العلاقة الكفاحية بين الطبقة العاملة وحركتها النقابية، التي هي حجر الأساس في مواجهة قوى السوق والسياسات الليبرالية التي تنتهجها الحكومة، فالإجابة عن ذلك إذاً برسم الحركة النقابية التي في حال استطاعت أن تجيب، فإنها سترفع من سوية مواجهة السياسات الليبرالية التي تتبناها الحكومة، والتي تحتاج مواجهتها أولاً إلى الصلابة التنظيمية المستندة إلى القرار النقابي المستقل المستند إلى أوسع حريات نقابية وديمقراطية في أن يختار العمال ممثليهم الحقيقيين.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1107