العمّال وبرامج القوى السياسية
أديب خالد أديب خالد

العمّال وبرامج القوى السياسية

في هذه الأيام نسي السوريون جميعاً وخاصة من بقي منهم في الداخل جميع التناقضات والانقسامات والثنائيات الوهمية التي تم حصرهم بها في مختلف محطات الأزمة من كلا الطرفين الموالاة والمعارضة، بدءاً من موالٍ/ ومعارض إلى انقسامات طائفية وقومية عديدة، ومازالت هذه القوى تصنف السوريين تبعاً لمصالحها الفئوية الضيقة، لعلها تنجح في حرف أنظار السوريين عن تحقيق هدفهم الحقيقي والواقعي في التغيير الجذري والشامل.

سياسات واحدة في مختلف مناطق النفوذ

ولكن اليوم وبسبب السياسات الاقتصادية الليبرالية المتبعة والتي تتماشى مع العقوبات والحصار، ظهر على السطح الانقسام الحقيقي في المجتمع بين ناهبين ومنهوبين، وبدا ظاهراً تماماً للشعب السوري أنهم جميعهم وبجميع فئاتهم وطوائفهم من أصحاب الأجور فقراء، وكيف تتشابه معيشتهم في كل المناطق وتحت أي نفوذ كان، فالسياسات الاقتصادية في مختلف مناطق النفوذ واحدة وهي النهب المستمر للمجتمع، والذي يتقاطع مع العقوبات الغربية والأمريكية، خاصة وهؤلاء الناهبون جميعهم اليوم يقفون ضد الحل السياسي لمنع أي تغيير حقيقي لصالح السوريين من خلال الانتقال إلى العمل الجدي والملموس ضد المصالحة السورية التركية التي يجري تحضيرها تحت نار هادئة من خلال دول مجموعة أستانا، والتي من المفترض أنها ستمهد لحل سياسي يوقف انهيار الدولة والمجتمع في سورية ويحافظ على وحدتها.

الحل السياسي والمجتمع

ولأن الحل السياسي يعني بجوهره استعادة السوريين للسلطة التي اغتصبت منهم منذ عقود وحيدتهم ونهبتهم وأفقرتهم، فإن الحل السياسي سيعيد القطار إلى سكته الصحيحة وسيعيد للمجتمع كلمته الفصل، وفي اختبار جدية كل القوى السياسية وبرامجها خاصة الاقتصادية منها، لأن الأوضاع الاقتصادية الحادة التي يواجهها السوريون اليوم علمتهم أن الاقتصاد ورقة عباد الشمس لكشف برامج القوى السياسية ومَن منهم يمثلهم حقيقة، ومن يمثل عليهم ويتاجر بدمائهم.

الانقسام الحقيقي

فقضية الأجور مثلاً تحولت اليوم إلى قضية سياسية بامتياز، ومن خلال الموقف منها تظهر حقيقة موقف القوى السياسية من طريقة توزيع الثروة في المجتمع، ومن يقف مع أصحاب الأجور، ومن يقف في صف أصحاب الربح وقوى الفساد، من يريد إبقاء الاقتصاد السوري تابعاً للغرب وعقوباته، ومن يريد التوجه شرقاً واستبدال الدولار، من سيقوي الليرة السورية ومن يسعى إلى انهيارها، ومن يبث الروح بعجلة الإنتاج، لأنه من دون وجود برامج اقتصادية مختلفة كلياً عمّا هو متبع اليوم لا يمكن بتاتاً البدء بإعادة الإعمار أو ترميم أو إعادة بناء المجتمع ومعالجة المشكلات التي يواجهها من البطالة والفساد والفقر وهجرة للشباب وتفكك أسري وانتشار للجريمة والمخدرات والمسكرات وتكاثر العشوائيات وأحزمة الفقر حول المدن.
ووحدهم أصحاب الثروة الحقيقيين من عمال وفلاحين ومن خلال نضالهم يستطيعون تعرية القوى السياسية أمام المجتمع، ففي هذه المعركة السياسية الحاسمة والتي لا تقل أهمية وشراسة عن المعارك والعمليات المسلحة، سيستطيع العمال إنجاز عملية التغيير الجذري والشامل من خلال الدفاع عن مصالحهم فهم أصحاب الأجور ومصلحتهم تتطلب الوقوف ضد قوى النهب والفساد والتي تغير من جلدها حسب كل متغير وتنهب ثروتهم التي ينتجونها.
لذلك لا بدّ في هذه المرحلة من الدفاع عن نقابات العمال ومؤسساتهم، والعمل على لمّ شمل العمال حول نقاباتهم لمنع تقسيمها أو تقزيم دورها لمجرد جمعيات خيرية كما تسعى قوى الفساد، لتكون رأس حربة في هذا الصراع المنتظر والآتي حتماً عاجلاً أم آجلاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1107
آخر تعديل على الثلاثاء, 31 كانون2/يناير 2023 09:07