استعادة ثقة العمال بالنقابات

استعادة ثقة العمال بالنقابات

تواجه الطبقة العاملة حول العالم ظروفاً قاسية منذ بداية جائحة كورونا، ومن الهجوم المستمر على أجورهم. وبعيد انحسار جائحة كورونا، تفاجأ العمال بجائحة جديدة وكبيرة، وهي التضخم الذي أصاب أجورهم في مقتل وجرفت الكثير منهم إلى ما تحت خط الفقر. وهذا التضخم ساهم بارتفاعات كبيرة لأسعار السلع الضرورية وخاصة الغذاء. ويخوض العمال مفاوضات شاقة لأجل تحصيل جزءٍ من حقوقهم المسلوبة، من خلال الإضرابات التي تقودها النقابات.

وفي بلادنا تكونت النقابات بإرادة العمال نتيجة نضالات وتضحيات عديدة وكبيرة قدمتها الطبقة العاملة من أجل تكوين نقاباتها، من أجل الدفاع عن حقوق ومطالب العمال المختلفة التي يسلبها أرباب العمل من أجور عادلة، وتحسين شروط وظروف العمل. والنقابات ليست حكراً على حزب سياسي وليس لها انتماءات قومية أو دينية خاصة، فهي لجميع العمال بكل انتماءاتهم، وهي بطبيعة الحال ليس من أهدافها الوصول إلى السلطة. والعمال يجب أن تختاروا ممثليهم بكل حرية ومن هنا تأتي أهمية استقلاليتها عن أجهزة الدولة، مما يساهم في تقوية النقابة في التفاوض نيابة عن العمال، ومن واجب الدولة أن تؤمن لها الحماية الدستورية والقانونية المعبر عنها بالتشريعات الدولية.
الحركة النقابية اليوم في حالة من الضعف لأن الأعداد الكبيرة من الطبقة العاملة بعيدة عن الحركة النقابية. ولكن كيف السبيل إلى جذب هؤلاء العمال للانضواء في ظل الحركة النقابية التي من المفترض أن تكون صوتهم العالي من أجل حقوقهم. ومن المعروف أيضاً أن عمال الدولة لا ينتسبون إلى النقابات طواعية بل بحكم العرف فعند دخول العامل إلى أي موقع لدى الدولة اعتبر منتسباً للنقابة وهو قد لا يعرف عن النقابة أكثر من أنها مثل أي جمعية خيرية تقدم بعض المساعدات، فما بالكم بعمال القطاع الخاص. بطبيعة الحال ساهم هذا في تهميش دور العمال وأضعف العلاقة بين العامل ونقابته وانعكس بدوره على مجمل العمل النقابي. إضافة إلى احتواء أجهزة الدولة هذه النقابات وتحديد أطر عملها بما فيها هيكليتها التنظيمية بحيث تكون جزءاً من جهاز الدولة تعبر عن مصالحها في إطار الطبقة العاملة عبر خطوط مرسومة لا يمكن أن تتجاوزها، وهذا نراه من شكل ومضمون مطالبها لحقوق العمال وخاصة حقها بأجور مناسبة تلبي احتياجاتها المعيشية. والسؤال المفروض اليوم في ظل ظروف وواقع حياة البلاد، كيف تعيد الحركة النقابية ثقة العمال بنقابتهم وكيف تضع القطار على السكة الصحيحة. إن الإجابة عن هذا السؤال لا تتم إلا من خلال ما تقوم به النقابات من مواقف عملية، تثبت من أنها المدافع الحقيقي عن حقوق العمال والتي في مقدمتها الأجور، وذلك من خلال المفاوضات الجماعية وتحصيل أفضل الأجور التي لا يقل حدها الأدنى عن متوسط الحياة المعيشية وضمان الزيادات الدورية.... إلخ. وذلك باستخدامها أدواتها النضالية الحقيقية والفعالة. أن يشعر العامل بأن النقابة هي المدافع الحقيقي عنه أمام صاحب العمل أياً كان، دولة أو قطاع خاص وأنها تمثله تمثيلاً حقيقياً. أن تكون النقابة بالنسبة للعامل تلك الجهة الموثوق بها، يلجأ إليها العمال عندما تتصرف الإدارة بشكل غير لائق مع العمال، وتعمل على احترامه وصون كرامته في مكان العمل، وكذلك تعمل على حماية العمال من الأخطار والأمراض وإصابات العمل. من خلال الضغط المستمر على تحسين وتطوير قواعد الأمن الصناعي والصحة والسلامة المهنية. النقابات العمالية هي شبكة مترابطة ومتضامنة عبر كل البلاد ويمكنها استخدام ترابطها هذا عبر تضامن كافة العمال، من أجل أي حق من حقوق العمال، وحل أية مشكلة من مشكلات العمال الكبرى باستخدام أدواتها النضالية الفعالة والتي منها الإضراب. هكذا يتم إعادة ثقة النقابات للعمال واحتضانهم وحمايتهم وتبني مطالبهم المشروعة وألّا يكون الانحياز إلا لصالح حقوق العمال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1086
آخر تعديل على الثلاثاء, 06 أيلول/سبتمبر 2022 17:26