الانقسامات الوهمية تتلاشى
بعد كل الاصطفافات والثنائيات الوهمية التي فرضت على الشعب السوري وحصر فيها قبل انفجار الأزمة وأثناءها من (موالاة/ معارضة) أو انقسامات طائفية وقومية، بل ومناطقية والتي نشرها وغذاها المتشددون من كلا الطرفين مستخدمين شتى الوسائل للتغطية على الانقسام الحقيقي (ناهب ومنهوب) كل هذه الانقسامات زالت اليوم أو على الأقل جرى تخفيفها نتيجةً لظهور الانقسام الحقيقي في المجتمع بين أصحاب الربح وأصحاب الأجور حيث نمت قضية الأجور الهزيلة في سورية وعي الشعب عامة والطبقة العاملة خاصة، وأظهرت لهم النهب الحقيقي الذي يتعرضون له من أصحاب الربح تحت شعارات وهمية.
سياسات مدروسة وليست مجرد فساد
فالسياسات المتبعة اليوم تعبر عن حالة اقتصادية وسياسية ناهبة للشعب حيث حبس الثروة الوطنية عن 90% من الشعب السوري وحرمانهم منها ومن مجرد الدفاع عن حقوقهم المشروعة من خلال السيطرة على النقابات وخاصة نقابات العمال والمنظمات المهنية وتكبيلها وحصر الثروة الوطنية بـ 10% أو أقل من تجار الأزمة الذين راكموا مليارات الدولارات من معاناة الشعب خلال الأزمة، وجميع القوانين التي تصدر تمهد لهذه الفئة من المجتمع فقط السيطرة على مفاصل الاقتصاد ونهب الثروات الوطنية، والبعض ينسب ما وصلنا إليه للفساد، وأن بالإمكان محاربته والتخلص منه قاصدين من وراء ذلك الإبقاء على جوهر هذه السياسات دون تغيير حقيقي وجوهري لصالح 90% من السوريين متناسين أن الليبرالية نفسها هي التي أسست للكارثة التي نعيش فيها منذ عام 2005 ولم يتم التراجع عنها، وأن أي تغيير حقيقي ينبغي فيه القطع الكامل مع الليبرالية الاقتصادية، وبناء نظام اقتصادي قائم على العدالة الاجتماعية وتقوية القطاع العام والحفاظ عليه لما يمثله من دور في توزيع الثروة بما يعني بالمحصلة إجراء تغيير جوهري في بنية النظام السياسي الموجود حيث يجب أن تعود السلطة فيه للشعب ولنقاباته ومنظماته وأحزابه السياسية ليدافع عن نفسه أمام وحوش الليبرالية القدامى والجدد الذين أوصلوه إلى الكارثة الإنسانية التي يعيش فيها.
الانقسام الحقيقي
الوحيدون هم أبناء الشعب السوري الذين كانوا ضحية الصراع بين قوى الفساد، وهم الوحيدون الذين دفعوا فاتورة الحرب وإذا كانت العمليات الحربية أو العسكرية توقفت اليوم في أغلب أرجاء البلاد فقد طفا على السطح الوضع الاقتصادي وكيف انقسم الشعب السوري بين أقلية غنية وأكثرية مفقرة بين ناهب ومنهوب بين عامل لا يحصل على الحد الأدنى من المعيشة وبين رب العمل الذي يشفط الربح كله من المواطن الذي تفرض شتى أنواع الضرائب بحقه دون أن يقدم له أية خدمات اجتماعية في المقابل بل والعكس يتم رفع الدعم تحت حجج شتى وبين المستثمر الذي تفرض من أجله قوانين الاستثمار والتشاركية وتفتح له أبواب مؤسسات ومعامل القطاع العام لينهبها على بسهولة ومن أجل تسهيل ذلك تقدم له شتى أنواع الإعفاءات الضريبية والمالية.
واليوم وبالتدريج يتضح للجميع أنهم كانوا ضحية تفرقة قوى الفساد والوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيش فيه من هم بالداخل حيث فرض عليهم التفكير بالطريقة أخرى وبدأ يطغى الوضع المعيشي وخاصة قضية الأجور على كل الأحاديث حيث وجد أصحاب الأجور أنفسهم أمام عدو واحد هو الناهب للقمة عيشهم بغض النظر إن كان من هذا الصف أو ذاك.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1079