تعديل خالي الدسم
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

تعديل خالي الدسم

تداولت وسائل الأعلام خبراً عن أن مشروع قانون العمل قد أصبح في مجلس الوزراء لمناقشته وإحالته إلى مجلس الشعب لإقراره، دون نشر أية تفاصيل أخرى حول المواد التي ينوى تعديلها أو ما هو الجديد في المشروع، وقد تم عرض مشروع القانون على الاتحاد العام لنقابات العمال ولكن دون تقديم الأخير أية مطالبات جوهرية لتعديل القانون الحالي أو تقديم مقترحات جدية لرفع الظلم الذي لحق بالعمال نتيجة القانون الحالي وخاصة ما يتعلق بالمادتين الخاصتين بالتسريح التعسفي للعمال التي بموجبهما تم تسريح العشرات من العمال بموجب صكوك تستند لحق رب العمل بتسريحهم على أساس المادتين 64-65 من قانون العمل رقم17.

وبالرغم من الانتقادات الكثيرة التي طالت قانون العمل رقم 17 من أغلب الحقوقيين والنقابيين والمهتمين بشؤون العمال وحقوقهم، وللعلم أن نتائجه باتت واضحة وضوح الشمس على أرض الواقع، بسبب نتائجه الكارثية على الطبقة العاملة، إلا أن الحديث عن تعديل قانون العمل لن يكون جوهرياً على ما يبدو، ولن يتعدى عن كونه تعديلاً شكلياً، ربما لامتصاص موجة الانتقادات التي وجهت إليه، وبالتالي المحافظة على الوضع الحالي للطبقة العاملة، والإبقاء على سلطة رب العمل المطلقة، في تنظيم ظروف وشروط العمل.

موقف مخزٍ للنقابات

والنقابات المفروض بها أنها تمثل مصلحة الطبقة العاملة تقدمت بمقترحاتها لتعديل قانون العمل، ولكنها جاءت خالية الدسم كعادتها إرضاء للسلطة وتغييباً لمصلحة العمال، ولا تغير من وضع الطبقة العاملة، ولا تمس المشكلة الجوهرية في قانون العمل رقم 17، ولم تتم المطالبة بتطبيق نصوص الدستور المتعلقة بالعدالة الاجتماعية، وإقرار حق الإضراب للطبقة العاملة، وإلغاء مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في قوانين العمل، وإلغاء التسريح التعسفي الذي سرح من خلاله مئات الآلاف من العمال.
الإجحاف بالقانون الحالي كان بسبب إقراره التسريح التعسفي للعمال، واعتماده مبدأ العقد شريعة المتعاقدين في عقود العمل وفي كيفية احتسابه أجر العامل، وموضوع وقف العمل بالنسبة للمنشآت القائمة، ومشكلة المحاكم العمالية التي لم يستطع القانون إيجاد حلٍّ لها.
وبالرغم من عجز القانون الحالي عن إيجاد علاقة عمل متوازنة بسبب مشكلاته المختلفة حيث غلّب القانون الحالي مصلحة أرباب العمل على مصلحة العمال إلّا أن مشروع القانون على ما يبدو لن يغير بحال أوضاع الطبقة العاملة ولن يأتي بالجديد لها.
ولا يبدو أن مشروع القانون يأخذ بعين الاعتبار على أقل تقدير تعديل قانون العمل بما يتوافق مع أحكام الدستور عام 2012 الذي شرع استخدام حق الإضراب للطبقة العاملة.

هذه السياسات لن تنتج قوانين في صالح العمال

الواضح من السياسات الحكومية أنها تتجه نحو دعم القطاع الخاص باعتباره شريكاً أساسياً بعملية التنمية كما تدّعي، وتستخدم الحكومة إعادة الإعمار حجة لتمرير قوانينها، تلك القوانين التي تسهل عمل رجال الأعمال وتهيئ لهم البيئة الاقتصادية والتشريعية اللازمة عبر قانون التشاركية وقانون الاستثمار وقانون عمل يلائم مصلحة أرباب العمل على حساب العمال، وتقام المعارض ويتم صرف مبالغ ضخمة على حفلات ومهرجانات في مقابل اتباع سياسات تقشفية تجاه العمال بحجة ضعف الموارد.
فرفع الظلم عن العمال وإعطاؤهم حقوقهم المشروعة من رفع مستوى معيشة العمال وتغيير قانون العمل بشكل جذري لا يحتاج إلى هذا البحث ومشاريع القوانين، بل يحتاج إلى إرادة سياسية تؤمن بالعمال ودورهم الرئيس في عملية الإنتاج، وتطبق الدستور واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي وقعت على مضمونها سورية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1069
آخر تعديل على الإثنين, 09 أيار 2022 11:01