باحث عن عمل ومنامة
خلال زيارتنا الأخيرة لمجمع الرضوان في منطقة الباردة بريف دمشق قابلنا عامل خياطة يبحث عن عمل ضمن معامل الخياطة الكائنة فيه، ورغم حصوله على غايته كونه يمتلك مهارة كبيرة بالعمل، إلا أن طلبه الإضافي الذي لم يوافقوا عليه جعله يستمر بالبحث عمّن يقبل به وهو أن يُسمح له بالبقاء والنوم ليلاً ضمن المعمل ومن المؤكد أن وراء ذلك سبباً ما أردنا الوصول إليه.
- ريف دمشق
أخبرنا العامل هيثم بأن السبب بسيط جداً حيث أنه يقطن في منطقة قطنا وهي بلدة بعيدة عن المناطق الصناعية وأماكن تواجد المعامل الكبيرة وبأنه يمتلك خبرة كبيرة «صقلها خلال وجوده لعدة سنوات في تركيا» تجعله غير مناسب للورشات المنتشرة في مركز المدينة التي تصنع منتجات منخفضة الجودة والتكلفة وهذا ما يجعله غير قادر على الاستفادة والاستثمار بميزته الأساسية كمهني محترف، أضف إلى ذلك انخفاض الراتب فيها عن المعامل الكبيرة الباحثة عن اليد العاملة الخبيرة، مما جعله يبحث عن شركات ومعامل كبيرة والتي رغم أنها تؤمن للعمال المواصلات اللازمة إلا أن منطقته السكنية لا يوجد بها غيره مما يجعله خارج هذه الخدمة، وهذا سبب تركه لعمله الأخير فبالإضافة إلى أجور المواصلات المرتفعة التي تبتلع جزءاً كبيراً من أجره هناك عامل الوقت المهدور على الطرقات التي ترتفع إلى حدود الخمس ساعات يومياً خاصة في ظل أزمة الازدحام المستمرة والشديدة، لذلك قرر أن يبحث عن عمل مع منامة ويضرب عصفورين في حجر واحد الأول سيكون قادر على زيادة ساعات عمله بدل أن يقضيها في وسائل النقل على الطرقات مما يعني ارتفاع دخله الشهري والثاني بأنه سيوفر على نفسه أجور المواصلات المنهكة لأي شخص، وقد اكتشف فائدة المنامة في مكان العمل خلال فترة الإغلاق التي مرت أثناء إجراءات الكورونا ويبدو أنها وضحت له كمية الوقت الذي يخسره بلا جدوى وارتفاع تكاليف المواصلات، وأكد هيثم بأنه سيجد ضالته خلال الأيام القادمة خاصة بأن أحد معامل الخياطة التابعة لأحد الشركات الكبرى في صحنايا التي أجرى فيها مقابلة عمل متمسكة به وبخبرته وهو واثق بأنها ستعاود الاتصال به للعمل لديها ضمن أحد شرطيه إما العمل مع منامة أو تأمين مواصلات مجانية من وإلى مكان سكنه، ويضيف هيثم «انطروا وشي وحتشوفو كيف نص العمال حيصيروا متلي بدهم شغل ومنامة لأنو 12 ساعة شغل ما بقا تكفي أبداً قد ما كان راتبك، والراتب ما بيحمل مصروف مواصلات صعبة وغالية».
ربما الحالة الخاصة لهذا العامل ليست بهذه الخصوصية، بل إنها آخذة بالاتساع كونها نتيجة موضوعية للواقع المعاش، وهذه الظاهرة توضح مدى تدهور الوضع العام للطبقة العاملة التي تخلت تدريجياً ومرغمة عن نمط حياتها الاجتماعية السابق، فالحاجة لزيادة ساعات العمل و استمرار تدهور قيمة الأجور وارتفاع نسبة البطالة والتهميش ستتلوها عشرات الظواهر المعبرة عن الواقع الحالي حتى يخرج للنور نموذج اقتصادي اجتماعي يبني اقتصاداً وطنياً قوياً وقادراً مرتكزاً على أوسع عدالة اجتماعية ينصف الطبقة العاملة والكادحين.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1050