انتصار كبير ضد الخصخصة ورفع الدعم
محمد الفراتي محمد الفراتي

انتصار كبير ضد الخصخصة ورفع الدعم

انتصرت انتفاضة الفلاحين والعمال الزراعيين في الهند بعد عام كامل من النضال الدؤوب المستمر والصبور الذي فرض على الحكومة التراجع عن قوانين التجويع ورفع الدعم عن الزراعة والمواد التموينية. وضربت الحركة الهندية لشعوب العالم مثالاً عملياً: كيف يكون النضال وكيف يكون الانتصار.

أدوات الانتصار الهندي

التنظيم والجبهة الموحدة: الدرجة العالية في التنظيم أحد الشروط الأساسية التي مكنت عمال الزراعة من الانتصار. فالإضراب حدث بقيادة 500 منظمة فلاحية ونقابة عمالية وتعاونية زراعية وحزب سياسي، واستطاعت الحركة توحيد جميع القطاعات في جبهة موحدة استطاعت حشد 250 مليون شخص خلال أكبر إضراب في تاريخ البشرية. ولعب الحزب الشيوعي الهندي الماركسي دوراً قيادياً في تشكيل الجبهة التي ضمت نقابات العمال العشرة الأساسية لتنسيق خطوات النضال.
الدرس الأساسي للحركة الهندية: النضال يحتاج إلى الصبر والنفس الطويل، والتقدم المستمر بثبات وإن كان بطيئاً. ورغم أن الانتصار الهندي تحقق خلال عام واحد فقط، تشهد تجارب أخرى أن محطات النضال قد تستمر عقوداً، فالطبقة العاملة السورية استطاعت انتزاع أول قانون عمل بعد 21 سنة من النضال 1925-1946 على سبيل المثال. وعرف الفلاحون أن احتجاجهم في الشارع قد يطول، فاستعدّوا لخوض الإضرابات طويلة الأمد حتى رضوخ الحكومة لمطالبهم. وأحضروا شاحنات وعربات تخزين المواد الغذائية وشيدوا أماكن النوم ودورات المياه والمطابخ المؤقتة على الطرقات، وجمعوا ما يكفي من الإمدادات الرئيسية للبقاء ستة أشهر في الشارع.
واجهت السلطات الهندية انتفاضة الفلاحين بتحصينات وخنادق وأسلاك شائكة. وقاومت الحركة قمعاً هائلاً من حكومات المركز والولايات، وانتصرت بعد سقوط العديد من الشهداء. ولم تستطع الحكومة شن حرب إعلامية فعالة أو تقسيم الحركة دينياً أو قومياً.
خطّا الإضراب والتفاوض: حاصرت الحركة العاصمة الهندية بعشرات الآلاف من الجرارات والسيارات وآلاف والفلاحين والخيالة الذين يحملون السيوف ونظموا الاحتجاجات في مختلف المدن. وفي نفس الوقت كان خط التفاوض مع الحكومة مستمراً بثبات لا يتراجع. وفشلت العديد من جولات المفاوضات، ولكن الشارع كان كفيلاً بعودتها.
الريف والسلطة الزراعية: بالإضافة إلى الدفاع عن حقوق الفلاحين وعمال الزراعة، كانت الحركة تدافع عن حقوق حكومات الولايات في السلطة الزراعية التي حاولت الحكومة المركزية نسفها بالقوانين الجديدة. فالحركة الشعبية أجادت النضال بين الشارع وجهاز الدولة في وقت واحد.

مطالب الحركة الزراعية

في تشرين الثاني 2020، حدث الإضراب العام ضد القوانين الثلاثة. فالقانون الأول سلم كامل تجارة المنتجات الزراعية للشركات الأجنبية والمحلية. وشرع القانون الثاني إقامة العقود المباشرة بين الفلاحين والشركات الرأسمالية ومنع الفلاحين من إقامة دعاوى قضائية ضد الشركات. أما القانون الثالث فألغى الدعم عن الأرز والقمح والبقوليات والسكر والزيت والبصل والبطاطا. لتأمين احتكار الشركات للمواد التموينية وتشريع نهبها الشامل.
وصاغت الحركة الزراعية مطالبها: إلغاء القوانين الثلاثة المناهضة للفلاحين و29 قانوناً مناهضاً للعمال، وسحب تعديل قانون الكهرباء لعام 2020 الذي خصخص الطاقة، والذي سيؤدي لارتفاع هائل في تكاليف ضخ المياه والاستخدام المنزلي للكهرباء في الريف والمدينة. دفع 7500 روبية (حوالي 100 دولار أمريكي) لكل عائلة لا تشملها الضرائب الحكومية. تأمين 10 كيلو غرامات من الأغذية شهرياً لكل أسرة محتاجة.
توسيع نطاق قانون «المهاتما غاندي» لضمان العمالة في المناطق الريفية، ليشمل 200 يوم عمل سنوياً، ورفع الأجور، وتوسيع نطاق القانون ليشمل عمال المدن. وقف خصخصة القطاع العام، ووقف تحويل مؤسسات الدولة إلى شركات خاصة. سحب قانون التقاعد المبكر القسري لموظفي القطاع العام. وتعديل قانون التقاعد لصالح العمال. وأخيراً، أكدت النقابات أن هذا الانتصار مجرد جولة تحضيرية للجولات القادمة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1048
آخر تعديل على الأحد, 26 كانون1/ديسمبر 2021 00:24