«اعتبرونا كيلو سكر» وأرفعوا الأجور

«اعتبرونا كيلو سكر» وأرفعوا الأجور

في رده الغاضب على رب العمل قال أبو وحيد بعفويته المعتادة «يا أخي يا أخي عاملونا متل أي سلعة بها لسوق ورفعوا سعرنا، لك انتوا مو هيك معتبرينا ؟ مو عم تشتروا تعبنا؟ ولا تعبنا ما دخلو بالغلا؟ اعتبرونا كيلو سكر، علبة سردين، ظرف دوا التهاب، والله عيب» تلك العبارات كانت كفيلة بطرده مع زملائه من مكتب رب العمل وأُلحق هذا الطرد بقرار طال انتظاره.

– صحنايا

خلال لقائهم الأخير في مكتب الإدارة مع صاحب الشركة وبعض المدراء، صعد العمال الممثلون لأنفسهم وزملائهم من خطاب مطالبهم وانتقلوا من التلميح للتصريح، مهددين بالتوقف النهائي عن العمل إذا ما استمر تجاهل مطلبهم الأساسي المتمثل برفع الأجور، ولم يأتِ هذا التصعيد إلا بعد أن ضاقوا ذرعاً بتجاهل مطلبهم المستحق طوال الشهرين الماضيين، ومما زاد الطين بلة هو ما حدث في اليوم الأول من الشهر حين امتنع أغلب العمال عن قبض أجورهم من المحاسبة كونها خالية من أية زيادة في محاولة منهم للضغط على الإدارة وإيصال احتجاجهم على «التطنيش» المتعمد، وفي اليوم الثاني استمروا بالعمل كالعادة منتظرين بهدوء تداعيات موقفهم السابق ويوم بعد يوم لم يتغير شيء ولم يحدث ما كان يتوقعه العمال من تداعيات بل استمرت الإدارة في تجاهلهم وكأن شيئاً لم يكن، فما كان من العمال إلا أن اتخذوا قراراً بتوقيف قسم «الدرزات» بالكامل واجتماعهم عند باب المصنع يشربون الشاي تحت شمس الشتاء ولم تكتمل نصف الساعة حتى تم طلبهم لمكتب الإدارة، وكان رد العمال بأنهم سبق وذهبوا إلى هناك بمطلبهم أكثر من سبع مرات ولم يستجب أحد له وهم غير معنيين الآن بالذهاب وإذا أرادت الإدارة رؤيتهم عليها أن تأتي إليهم، مما استدعى تدخل مدير المعمل والإنتاج لإقناعهم بالذهاب وبعد مفاوضات شاقة وافق العمال على إرسال ثلاثة منهم ولكن ليس فوراً بل قبل انتهاء الدوام بساعة واحدة وأصروا على بقاء القسم معطلاً كي تشعر الإدارة بعواقب تجاهلها لحقوقهم وهذا ما حصل تماماً حيث عمّت الفوضى دورة الإنتاج وتوقفت «الحبكات» وغيرها من الآلات، والتزم العمال بموعدهم ودخلوا مكتب الإدارة وهم عازمون على الرجوع بأفضل النتائج.

خطوة إلى الأمام

حاول صاحب العمل أن يدير الحديث بالاتجاه الذي يخدم مصالحه وتفنن في خلق الذرائع والحجج وبأنه بحاجة للوقت لدراسة الوضع المالي قبل أن يجري تعديلاً على الأجور ولكن ذلك لم ينجح كون العمال كانوا واعين للواقع بشكل كبير وأسقطوا حججه وذرائعه الواحدة تلو الأخرى ولم يجد رب العمل أمامه إلا أن يطلق لهم وعداً بتعديلات جيدة في السنة الجديدة وجاءه الرد بأنهم لا يمانعون الانتظار ولكن ليس خلف آلاتهم بل تحت شمس الشتاء أمام باب المصنع عندها طردهم من مكتبه ومن العمل فخرج العمال وهم يستهزئون بهذا القرار وما أن وصلوا إلى باب المبنى الإداري حتى لحق بهم مدير المعمل وبيده قرار موقع من رب العمل بزيادة 40% على أجور كافة العاملين في المعمل.

أعلى نمواً وأعمق عدالة

لم تكن العبارة التي حاجج بها العم أبو وحيد مجرد عبارة غاضبة أو أداة تفاوض بل كانت تكثيفاً لوعي طبقي وعمالي بامتياز، فمنذ أن تشكل النظام الرأسمالي تحولت قوة العمل إلى سلعة يشتريها أرباب العمل من أصحابها كل يوم بيومه، وإن كان مقدراً على العمال أن التعاطي مع هذه المعادلة المؤقتة كونها واقعاً موضوعياً فهذا يعني بأنهم يعون تماماً قانون العرض والطلب وبأن قوة عملهم هي سلعة ذات مواصفات وقيمة استعمالية خاصة ولكنها سلعة، وهي ليست معزولة ومستثناة من النظام العام للسوق الرأسمالي فحين ترتفع أسعار السلع في السوق دون أن ترتفع أجورهم سيتنبّهون لذلك وسيطالبون بزيادة أجورهم وبشتى الوسائل الممكنة والضرورية، حتى تنجز الطبقة العاملة برمتها مهمتها الكبرى واستحقاقها التاريخي بإقامة نظام جديد بالكامل جوهره وعنوانه «أعلى نمواً وأعمق عدالة».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1048
آخر تعديل على الأحد, 26 كانون1/ديسمبر 2021 00:26