بصراحة ... رفع أجور العمال لا يدخل في حساب التكاليف؟

بصراحة ... رفع أجور العمال لا يدخل في حساب التكاليف؟

تعلن الجهات الرسمية وغير الرسمية مراراً وتكراراً أن الإنتاج وتحسينه من أولويات عملها وسوف تسعى بما أوتيت من قوة وما أوتيت من موارد لتحقيق هدف زيادة الإنتاج وتطويره سواء عبرها مباشرةً أو عبر شركاء محليّين وغير محليّين، وتم إصدار العديد من القوانين التي تنص على الاستثمار في الجانب الإنتاجي الصناعي والزراعي وعلى رأسها قانون التشاركية والاستثمار.

هذا الكلام الذي تردده على مسامعنا الجهات المختصة في المسألة الصناعية والإنتاجية ويبقى هذا الكلام كلاماً طالما الواقع الإنتاجي والصناعي ينحدر نحو الأسفل بخطه البياني من حيث عدد المنشآت العاملة والتي تئن من وطأة التكاليف العالية لأسباب أهمها عدم توفر المواد الأولية التي بمعظمها مستوردة من الخارج، والصعوبة الأخرى التي تواجه من بقي من الصناعيين عدم توفر المشتقات النفطية، وإن توفرت فأسعارها عالية تزيد من تكاليف الإنتاج وبالتالي لا توجد سوق للتصريف إلا بشق الأنفس.
ماذا يعني هذا الوضع؟ أي ماهي نتائج التضييق والحصار على الصناعة بشقيها الزراعي والصناعي بالرغم كما يقال عن ضرورة دعمهما.
النتائج المباشرة لسياسة التطفيش يتحمل وزرها العمال المرابطون خلف آلاتهم فهم يخسرون من تلك السياسات القسم الأكبر من أجورهم بسبب التوقفات المتكررة للمعامل فبعض المعامل في قطاع الدولة تعلن عن رفع أسعار منتجاتها وفقاً للتكاليف الحالية المتضمنة ارتفاع أسعار المواد الأولية والمشتقات النفطية بسبب انقطاع الكهرباء المستمر عن تلك المعامل ولكن الشيء الوحيد الذي لا يحسب تكاليفه هو إعادة إنتاج قوة عمل العمال التي لا يمكن إعادة إنتاجها بسبب الأجور المتدنية جداً أي بكلام آخر إن حساب التكاليف الجديدة لا يدخل ضمنها رفع أجور العمّال أسوة برفع أسعار كل المواد الداخلة بالعملية الإنتاجية.
في القطاع الخاص يلجأ أرباب العمل على توزيع العمال على ورديات عمل مقابل نصف أجورهم أي يعملون بنصف طاقتهم الإنتاجية المفترضة التي تؤمن لهم أجراً كاملاً وربما حوافز ومكافآت.
هذا جانب وهو مهم من حيث التأثير على مستوى معيشتهم وعائلاتهم بحيث العامل يعمل على تقليص حاجاته الأساسية إلى الحدود الدنيا التي تبقيه على قيد الحياة مع عائلته ويلجأ في نفس الوقت إلى تشغيل أطفاله بمهن أقل ما يقال فيها أنها غير إنسانية ومتناقضة مع قانون حماية الأطفال الذي صادق علية مجلس الشعب مؤخراً.
الجانب الآخر من سياسات الحكومة تجاه الصناعة أنّ أرباب العمل يلجؤون إلى تصفية معاملهم والهروب خارج البلاد ليبدأوا رحلتهم الجديدة في تأسيس صناعتهم في بلاد المهجر ولا ندري إن كانت تعي الحكومة ذلك، ونعتقد أنها تعي تلك المخاطر الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي السياسية جرّاء ما يجري بحق الصناعة والزراعة والعمال من عمليات قسرية في النهاية تصب في صالح الناهبين وأمراء الحرب بسبب تركز الثروة بين أيديهم وإعادة تدويرها في مطارح لا علاقة لها بالاقتصاد الحقيقي.
الطبقة العاملة السورية دخلت مرحلة الجوع الحقيقي وستبحث عن مخارج لترد العدوان عن حقوقها ومصالحها وهي تعطي الإشارات بهذا الخصوص وعندها ستكسر كل قيودها لتنتزع حريتها لتكون سيدة قرارها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1035
آخر تعديل على الإثنين, 20 أيلول/سبتمبر 2021 23:52