عيد العمال والشعارات الطّنّانة
يمر عيد العمال هذه السنة على العمال والطبقة العاملة في أسوأ حالة وصلت إليها نتيجة السياسات الاقتصادية الليبرالية للحكومات السورية المتعاقبة منذ عام 2005 والتي شنت هجوماً شرساً على أصحاب الأجور اقتصادياً وقانونياً وسياسياً حين حرمتهم من المشاركة الديمقراطية في انتخاب ممثليهم الحقيقيين في منظمات العمل، وحرمتهم من استخدام الأساليب الدستورية في الدفاع عن حقوقهم، وأولها: حق الإضراب.
عيد العمال والشعارات الطّنّانة
بعيداً عن الخطب والشعارات والخطب، ماذا فعل أو ماذا قدم أصحاب هذه الشعارات للطبقة العاملة على مدى سنوات؟
نهب العمال بدأ قبل انفجار الأزمة واشتد بعدها
الخطابات والشعارات الطنانة- التي تطلقها منظمات العمل في كل عام دون اتخاذ أي أجراء حقيقي يُوقف تدهور الأحوال المعيشية للعمال- تعكس حقيقة أن هؤلاء ليس لديهم ما يقدمونه للطبقة العاملة، وليس لديهم أي برنامج حقيقي ورؤية واضحة للنهوض بالطبقة العاملة، ولا يمتلكون أية إرادة في الدفاع عن العمال، وليس لديهم سوى بعض الكلمات المعسولة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، وتُحمل المؤامرة الكونية والخارج وزر الأحوال السيئة للعمال، دون الإشارة طبعاً إلى دور قوى الفساد في الداخل، وتماهيها مع الخارج وعقوباته لفرض الحصار والتجويع على الشعب، والتي مهدت عبر سياساتها قبل عام 2011 لانفجار الأزمة السورية عبر الهجوم على حقوق الطبقة العاملة، وعلى سبيل المثال لا الحصر: جاء إصدار قانون العمل رقم 17 لعام 2010 والذي سمح بالتسريح التعسفي، مما تسبب في تسريح مئات الآلاف من العمال، وأعطى رب العمل حرية واسعة في تنظيم عقد العمل، وأبعد الرقابة القضائية المسبقة على علاقة العمل، مخضعاً إياها لمبدأ الحرية التعاقدية.
ناهيك عن تجميد عمل اللجنة الوطنية للأجور وعدم دعوتها للاجتماع، رغم مرور أحد عشر عاماً على صدور قانون العمل، والذي نص على تشكيلها لدراسة الحد الأدنى للأجور، ورغم تدهور الأجور بسبب ارتفاع سعر الصرف وانخفاض القوى الشرائية للأجور والرواتب.
وبقاء المحكمة العمالية معلقة لغاية عام 2013 بعد مرور 3 سنوات على إدارة قانون العمل ورغم انطلاقتها هذه إلّا أنها تمتاز بالمماطلة في الفصل في القضايا المعروضة عليها، وهي ما دفعت العمال إلى الابتعاد عنها، ومحاولة تحصيل جزء يسير من حقوقهم عبر التفاهم مع أرباب العمل وتقديم التنازلات.
أين أموال العمال؟؟
عدا عن التسامح والتفريط بأموال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وعدم متابعة ديونها المستحقة على القطاعين العام والخاص، والتي تتجاوز 40 مليار ليرة سورية منذ سنوات وإلى اليوم لم يتم تحصيلها، وقيم تلك الديون باتت غير ذات فائدة إذا ما سددت اليوم بسبب تراجع قيمة العملة وانهيار سعر الصرف، كل هذا وضع المؤسسة في وضع حرج، وباتت على حافة الإفلاس نتيجة الاستهتار بأموال المؤسسة.
حرمان العمال من حقوقهم الدستورية
لا ننسى تجريد الطبقة العاملة من ممارسة حقوقها الدستورية، وحجب مواد الدستور التي تنص على حقوق الطبقة العاملة في العدالة الاجتماعية واستقلالية النقابات والتعددية السياسية التي نصت عليها المادة الثامنة الجديدة، والتي من المفترض أن تضمن عدم السيطرة الحزبية على نقابات العمال ومنظماتهم، وتجريم حق الإضراب رغم النص عليه بشكل واضح وصريح في الدستور في المادة الرابعة والأربعين، ومحاولة منع العمال من اللجوء إليه عبر ترهيبهم بالسلطات العامة، واعتماد وزارة العمل على تفسير نصوص قانون العمل بما يؤمن مصالح أرباب العمل على حساب الطبقة العاملة.
منظمات عمل حيادية!!
لكن للأسف، نجد أن منظمات العمل هي من تقوم بدور الحيادي بين أرباب العمل والعمال، وهذا ينافي جوهر مهمتها الأساسية المتمثل في الدفاع عن حقوق العمال وتمثيلهم، وإخفاء جوهر العمل النقابي النضالي عن منظمات العمل، وتمييع دورهم عبر إبقاء السيطرة الحزبية والأمنية على قيادة المنظمات النقابية وبشكل غير دستوري، لجعلها أداة بيد السلطة، وهي لا تمثل سوى وجهة نظر السلطة التي وضعتها، ومن هنا جاءت منظمات العمل بشعار نحن والحكومة شركاء وجعلها شريكة في الهجوم على حقوق العمال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1016