زيادة الأجور وهذا أضعف الإيمان!

زيادة الأجور وهذا أضعف الإيمان!

أصبح الصراع مكشوفاً شكلاً ومضموناً بين الحرامية والمسروقين، وهذه السرقة التي تعبر عنها معادلة توزيع الدخل الوطني بين الأجور والأرباح، فعندما تحصل الأغلبية المسروقة من أصحاب الأجور على 11% من الدخل الوطني و89% للقلة السارقة من أصحاب الأرباح الكبرى، وعندما يصبح الحد الأدنى لتكاليف المعيشة 732 ألف ليرة سورية، بينما وسطي الأجور في الدولة لا يتعدى الـ 60 ألف ليرة سورية، كيف ستستقيم الأمور المعيشية في الفارق الهائل بين الرقمين الأجور والحد الأدنى للمعيشة؟

وفي ظل إصرار وتعنت الحكومة على عدم زيادة الأجور بحجة أنها مرتبطة بتوفر الموارد الموجودة أصلاً في جيوب كبار الحرامية الفاسدين والاكتفاء الحكومي بالأفق المحدود والضيق والسقف المتواضع ألا وهو تحسين متممات الأجور، كإجراءٍ يُستعاض به عن الزيادة المطلوبة، وهي تعلم علم اليقين: أن تحسين متممات الأجور من تعويضات و حوافز ومكافآت وطبابة غير ممكن في ظل شبه توقف للعملية الإنتاجية، والصناعة في أسوأ حالاتها بسبب تعقيدات السياسات الحكومية تجاه الإقلاع بالصناعة، وعن الدعم الضروري لتلك العملية بما فيها الصناعات التي يقوم بها القطاع الخاص، حيث تعاني الأمرّين من السياسات الحكومية والتعقيدات المرتبطة بالتشغيل، مثل: غلاء المشتقات النفطية وتأمين المواد الأولية وجميع تلك الأمور ترفع تكاليف المنتج.

قاسيون جالت في المواقع الإنتاجية ورصدت آراء العمال في موضوع تحسين متممات الراتب.
أحد عمال معمل الأحذية قال: المشكلة الأساسية هي احتساب كامل التعويضات على راتب عام ٢٠١٣ بناء على الفقرة السابعة من مرسوم الأجور لعام 2013 وليس على الراتب الحالي، بالنسبة لي راتبي سنة ٢٠١٣ كان ٢٩٨٠٠ طبيعة العمل لدينا ٣% يعني ٨٩٤ ل.س شهرياً وتعويض المسؤولية ٢٥٠ ل.س بالشهر، ومهمات السفر ١٩٠٠ ل.س لا تكفي أجور الطريق إلى دمشق، وقد تم تعديل نظام الحوافز الإنتاجية لدينا ولكن حتى الآن لم يفعل، ومؤخراً طالب التنظيم النقابي بتفعيل نظام توزيع الأرباح على العمال بنسبة ٢,٥% من الأرباح، وبدورها الإدارة العامة خاطبت وزارة المالية، وما زالت الأمور عالقة، ولم تعطِ وزارة المالية الموافقة على توزيع الأرباح، بحجة عدم توفر أموال لهذه النسبة، والموضوع ما زال متعثراً في دهاليز وزارة المالية حتى الآن.

أحد جباة مؤسسة المياه قال: استلمت دراجة نارية لتسهيل عملي كجابٍ ومخصصات البنزين للدراجة ١٥ ليتراً شهرياً لا تكفي، لبعد مكان العمل عن منطقة سكني، وأتقاضى تعويض المسؤولية وقدره ١٧٥ ل.س شهرياً وجولات حوالي ١٠٠٠٠ ل.س سنوياً، أما القسم الفني في المؤسسة فيتقاضى لقاء جولات كل ٣ شهور ما بين ٤٠٠٠ إلى ٦٠٠٠ ل.س بحسب راتب كل عامل في هذا القسم، «ويلي راتبه مسقف بياخذ ١١٠٠٠ سنوياً، والحوافز الإنتاجية متفاوتة حسب نظام النقاط ولا تتجاوز ١٠٠٠٠ ل.س سنوياً».
أمينة صندوق في ذات المؤسسة قالت: هل يُعقل أن أحصل على تعويض المسؤولية ١٥٠ ل.س مقابل كامل المسؤولية عن صندوق فيه ملايين الليرات، والله قصة تدعو للسخرية والضحك وبدها شوية إنصاف.

أحد العاملين على سيارات منظومة الإسعاف في مشفى السويداء قال: مقابل الاعتناء والصيانة لسيارة الإسعاف أحصل على مبلغ مالي مجزٍ قدره ١٥٠ ل.س، هذا فضلاً عن مسؤوليتي عن أي ضرر حاصل على هذه السيارة، وهل يعقل أن آذان الحكومة محشوة بالطين والعجين؟ لذلك لا تسمع مطالبة العمال برفع قيمة جميع التعويضات واحتسابها على الراتب الحالي، وهذا أضعف الإيمان.
إحدى العاملات في معمل السجاد الآلي قالت: التعويض العائلي مفصل على النحو الآتي ٣٠٠ ل.س للزوجة الولد الأول ٣٠٠ ل.س الولد الثاني ٢٠٠ والثالث ١٥٠ والرابع ٢٥ ل.س فقط، ولو جمعت كل هذه الفرنكات لا تكفي لشراء كيلو سكر واحد أو سندويشة فلافل، كما طالبت بتوحيد مدة الأمومة لكل الولادات، وشرحت المعاناة المزمنة مع عدم وجود دُور حضانة لاستيعاب أولادنا في العمل، الأمر الذي يتطلب أعباءً مالية إضافية، ويجب تشميل العاملات بالمهن الشاقة بالمرسوم ٣٤٦ لعام ٢٠٠٦ لما لعملهن من آثار سيئة على الصحة الإنجابية لدى المرأة العاملة والسماح لها التقاعد بعد ٢٥ سنة خدمة.

أحد المستخدمين في مدرسة ثانوية قال: هل يعقل أن نحرم من الوجبة الغذائية ومن كافة التعويضات، أنا أقوم بأعمال النظافة بما فيها تنظيف الحمامات في هذه المدرسة، لماذا لا يتم احتساب طبيعة عمل لنا أسوة بعمال النظافة في البلديات، كما يفترض أن تكون الشهور الثلاثة التي تتوقف فيها المدارس شهور راحة مأجورة، ولكن يتم الطلب مني الحضور للعمل في المدرسة أثناء هذه العطلة، أليس من حقي أن أستريح ثلاثة أشهر يا ناس!؟
أحد العمال في مؤسسة العمران قال: تعويض الاعتناء والصيانة للآليات مفصل على النحو الآتي: 300 ل.س للشاحنات 250 ل.س للباصات 150 لسيارات الخدمة، يعني كامل المبلغ لا يشتري قطعة قماش أو ليفة لتنظيف سيارتي المسلّمة لي.

بالنسبة الحوافز الإنتاجية، المفارقة بأن جميع الإداريين في المؤسسة يحصلون على الحوافز الإنتاجية كاملة، بينما العاملون في مراكز البيع إضافة إلى السائقين يحصلون على الحوافز في حالة تحقيق الحد الأدنى للمبيعات.
رغم أن طبيعة عملهم شاقة إذا قورنت بعمل الإداريين، وهذه الحوافز فصلية كل ثلاثة أشهر ولا تتجاوز 5600 ل.س.
وتعويض الاختصاص 5,5% على أساس راتب 2013 والطبابة هي عبارة عن وصفات طبية بناء على تشخيص الطبيب المتعاقد وضمن سقف محدد، تتم تغطيته من قبل ميزانية الإدارة العامة تحت مسمى مخصصات تكاليف الطبابة، وهذه المخصصات تختلف وتتفاوت من سنة إلى أخرى ولها سقف محدد لا يمكن تجاوزه.

أحد النقابين قال: منذ عدة سنوات ونحن نطالب برفع قيمة الوجبة الغذائية وكان جواب الحكومة التسويف الدائم والمماطلة، والآن تم رفع قيمة الوجبة لـ 300 ل.س، وهي غير متناسبة مع الأسعار الحالية، ولا تشتري إلا بيضة ونصف فقط، وبعض العمال في عدة مواقع غير مشمولين بهذه الوجبة الغذائية، مثل بعض عمال مديرية الصحة والخدمات الفنية والمستخدمين والحراس في التربية.
وقد التقت قاسيون عدداً من عمال فرع المحروقات والتطوير الزراعي والدواجن والسجاد الآلي، الذين طالبوا بتشميلهم بالمرسوم 346 لعام 2006 الخاص بالأعمال الشاقة والخطرة واحتساب تعويض مخاطر لهم.

أحد الجباة في مديرية النقل: طالب بكتاب لاحتساب نسبة الجباة من عائدات جبايتهم أسوة لعمال المصارف.
عامل في شركة ريان بلاست الخاصة قال: التعويضات تبدأ في الشركة من خمسة آلاف ليرة سورية شهرياً، وتتفاوت من عامل لآخر بحسب مكان وطبيعة العمل مثلاً، تعويض المسؤولية لأمناء المستودعات 5 آلاف ليرة سورية، وبالنسبة للمحاسبين ومدراء المبيعات والإنتاج والصيانة 7500 ل.س شهرياً، والحوافز تمنح لكل العمال دون استثناء بقيمة 5 آلاف ليرة سورية شهرياً، يضاف إليها حافز مكان عمل خاص بعمال الخلاطات والمناشر والمواد الأولية والصباغات، لتصبح مبالغ الحوافز لهم 9 آلاف ليرة سورية شهرياً، ولكل عامل وجبة غذائية تتكون من 200 مل من مادة الحليب بشكل يومي، والطبابة الكاملة لجميع العمال، ومع تغطية أجور التحاليل الطبية والصور الشعاعية وأجور معاينات العمال المرضى لدى الأطباء المتعاقدين مع الشركة، كما يتحمل المعمل تكاليف الأدوية بشكل شهري للعمال ذوي الأمراض المزمنة وباقي العمال.

متممات الأجر

إن الاكتفاء بتحسين متممات الأجور لا يسمن ولا يغني من جوع، ولابد من زيادة الأجور، وهذا أضعف الإيمان!
إن قضية الأجور قضية سياسية بالدرجة الأولى قبل أن تكون قضية موارد، حيث تعني الموقف من الناهبين والمنهوبين، فبقاء الأجور على ما هي دون زيادة حقيقية من جيوب الناهبين- حيث هناك الموارد التي تُمكن من زيادة حقيقية- يعني انحيازاً واضحاً للناهبين على حساب المنهوبين، وهذا الواقع يدركه العمال تماماً بحسهم الطبقي وبعملهم الفعلي خلف الآلات، ويعرفون أن طريق حصولهم على حقوقهم ليس بالتصريحات والخطب، ولكن له مسار آخر سيذهبون إليه في اللحظة التي تكون مواتية للذهاب إليه.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1008
آخر تعديل على الإثنين, 08 آذار/مارس 2021 16:16