تأمين النقل لعمال السويداء.. فهل من مجيب؟

تأمين النقل لعمال السويداء.. فهل من مجيب؟

يقال للعامل: أعمل بوطنيتك، وليس هناك من إمكانية لزيادة أجرك، لأن الموارد قد تبخرت وذهبت، والعامل يعرف أنها ذهبت إلى جيوب الكبار من الفاسدين والمحتكرين المتاجرين بلقمة عيش الفقراء، ومنهم العمال، والمطلوب منهم شدّ الأحزمة على بطونهم وبطون أطفالهم.

بينما المتكرشين الذين اغتنوا من لقمة الشعب يُعفون من الضرائب، وتؤجل ديونهم إلى أجل لا ندري إن كان مسمى أو غير مسمى، ويستغرب هؤلاء عندما يقول العامل: إن راتبه لا يكفي أجور مواصلات له ولأسرته، وبحسبة بسيطة لتكاليف أجور النقل لعامل يقطن في الريف القريب المحيط بمدينة السويداء، إذا تقدر أجرة السرفيس ذهاباً وإياباً بـ ٤٠٠ ل س، أي ما يعادل ١٠٠٠٠ ل س، باعتبار أيام الدوام ٢٦ يوماً، وتكاليف أجور النقل لعامل يقطن في الريف البعيد ١٤٠٠ ×٢٦= ٣٦ ألف ليرة سورية، أما تكاليف النقل لعامل من سكان مدينة السويداء فيضطر إلى ركوب سرفيسين باليوم ٤٠٠ ل س، مما يجعل مطالبة عمال السويداء بتأمين النقل الجماعي لهم أو إعطائهم بدلاً نقدياً عن النقل لرفع الأعباء المادية عن كاهلهم مطلباً مُحقاً ومشروعاً في ظل الوضع المعيشي الكارثي وارتفاع الأسعار الجنوني، الذي لا يحتاج إلى معاجم أو قواميس نحوٍ لشرح مفرداته البالغة الوضوح، ببساطة تأمين النقل الجماعي للعمال يعني لكل عامل عودة أكثر من نصف الراتب إلى جيبه لتغطية جزء من تكاليف الغذاء له ولأطفاله.

قاسيون، جالت على المعامل والمواقع الإنتاجية، ورصدت آراء العمال والنقابين حول موضوع النقل الجماعي ومبررات تأمينه لعمال محافظة السويداء.
إحدى العاملات في مؤسسة المياه قالت: قريتي تبعد عن مركز عملي في مدينة صلخد حوالي 5 كم، وأدفع يومياً ٤٠٠ ل س أجرة سرفيس، وأحياناً بسبب الازدحام في أوقات الذروة اضطر لركوب تكسي، وبالتالي دفع مبلغ ٥٠٠ ل س يعني شهرياً بحط من راتبي من ١٠ إلى ١٥ ألف ليرة بالحد الأدنى، شو بدو يتحمل الراتب، الله يعين الموظف، أقساط وقروض من وين بدو يجيب ليكمل يومه.
أحد عمال الخدمات الفنية في السويداء قال: أسكن في قرية ملح، وعملي في مدينة السويداء، أدفع يومياً ١٤٠٠ أي حوالي ٣٦ ألف ليرة سورية شهرياً، وأعتقد أن أولادي أحق بهذا المبلغ من باصات النقل، والعديد من زملائي من نفس القرية قدموا استقالاتهم من عدة دوائر حكومية بسبب أجور النقل المرتفعة.

قاسيون التقت أحد العمال المستقيلين بسبب ارتفاع أجور النقل حيث قال:
أنا أسكن قرية الهويا في الريف البعيد لمحافظة السويداء، قدمت استقالتي من عملي منذ سنتين بسبب دفع مبلغ ٣٥ ألف ليرة سورية شهرياً لقاء أجور نقل ومواصلات، في ظل أن الحد الأدنى للرواتب الحالية ٤٧٧٠٠ ل س: أي: أكثر من نصف راتب العامل يذهب تكاليف نقل ومواصلات فقط «عنجد كيف عايشين ما بعرف، كل الدنيا والقرارات ضد الفقير» وأنا الآن أعمل بالزراعة في قريتي، «وأصبحت قادراً ووفرت بالحد الأدنى معظم أنواع الخضريات يلي كنت أشتريها ومربي دجاج كمان لأنو الراتب يا دوب يكفي شراء الخبز لأسرتي المكونة من سبعة أفراد».

كارثة مالية

إحدى عاملات فرع المحروقات بالسويداء قالت: نحن مؤمنون بالنقل على حساب الفرع كون لدينا مخصصات سنوية لنقل العاملين من ميزانية الإدارة العامة، تخيل لو أننا نذهب إلى الدوام على حسابنا كانت كارثة في ظل رواتبنا الهزيلة، التي لا تسمن ولا تقي من جوع.
أحد عمال معمل التقطير في السويداء قال: يتم التعاقد مع باصات من القطاع الخاص لتأمين العمال من قراهم إلى المعمل، كونه يتم لحظ مبالغ مالية لتغطية نفقات نقل العاملين إلى المعمل وجميع المعامل في المحافظة، مثل: معملي السجاد الآلي والأحذية التابعة لوزارة الصناعة لديها مخصصات من ميزانيتها لهذا الموضوع.

عامل من شركة ريان بلاست قطاع خاص قال: أنا أسكن في قرية عرمان في الريف البعيد عن مدينة السويداء، وأعمل في شركة ريان بلاست منذ ١٧ سنة، ولدينا باص ينقلني أنا وزملائي من قرى مدينة صلخد إلى الشركة الكائنة في مدينة السويداء، وباقي العمال القاطنين في الأرياف التابعة لمحافظة السويداء يتم نقلهم ذهاباً وإياباً على حساب الشركة.
أحد النقابيين في نقابة الدولة والبلديات قال: في المؤتمر النقابي السنوي في عام ٢٠١٨ تضمن التقرير المقدم للمؤتمر ملاحظة لمكتب النقابة، مفادها: أنه لاحظ استقالة ٢٣٣ عاملاً خلال سنة بسبب ارتفاع أجور النقل التي يدفعونها من رواتبهم، وطالب التقرير بتأمين النقل الجماعي لعمال الدولة، لتخفيف العبء الكبير عن كاهل العمال، والحد من الاستقالات، وحتى تاريخه لم يتم تنفيذ هذا المطلب المحق.

إدارة موحدة

أعلمنا نقابي بأنه تقدم باقتراح إعداد دراسة لإنشاء إدارة موحدة لنقل العاملين، أسوة بمدينة دمشق، تكون هذه الإدارة الموحدة تحت إشراف ومتابعة نقابة النقل البري في اتحاد عمال السويداء، بحيث يتم جمع المبالغ المخصصة لتغطية تكاليف نقل العمال في هذه الدوائر، يضاف إليها المبالغ والتبرعات المقدمة من مجلس المحافظة، ومساهمات اتحاد عمال السويداء، ليتم التعاقد مع باصات من القطاع الخاص، بعد تحديد أعداد العمال وأماكن سكنهم وكيفية نقلهم وأضاف النقابي: أنه بإمكان اتحاد عمال السويداء بحث الموضوع مع مجلس مدينة السويداء لتخصيص عدد من باصات النقل الداخلي المستثمرة من قبل المجلس على الخطوط الداخلية لمدينة السويداء، وفرز باص لكل ريف مدينة من مدن السويداء لينقل العمال، هذا لصالح جميع الدوائر والمؤسسات والمعامل العاملة في مدينة السويداء والمدن الأخرى التابعة لمحافظة السويداء.
يذكر أن رئيس اتحاد عمال السويداء صرح لإحدى الصحف المحلية، بأن قضية نقل العمال في السويداء تشكل عبئاً كبيراً على كاهل العمال في ظل الظروف المعيشية الصعبة وارتفاع أجور النقل في المحافظة، مما يضطر العامل لصرف أكثر من نصف راتبه على المواصلات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1007
آخر تعديل على الإثنين, 01 آذار/مارس 2021 02:29