معاناة الحرفيين في عدرا الصناعية
أُقيمت المدينة الصناعية في عدرا بهدف جذب الاستثمارات وتوطين رؤوس الأموال، من خلال المشاريع الاستثمارية والمرافق الخدمية، بهدف تطوير الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته، ومنها: الصناعة وتأمين فرص العمل لليد العاملة، وليست مخصصة للحرفيين وللصناعات الصغيرة، وللعلم، عقد الاتحاد العام للحرفيين مؤتمراً له في مجمع صحارى، تقدم من خلاله بمجموعة من المطالب تخص الحرفيين وأوضاعهم، والحكومة كانت حاضرة للمؤتمر بممثليها، وسمعوا من الحرفيين ما يجب أن يسمعوه عن مطالبهم للخلاص، من وضعهم المأسوي الذي يعيشون فيه، ولا ندري إن كانت الحكومة ستستجيب لِما تقدم به الحرفيون، أم أن التطنيش والتسويف يكون هو الرد على تلك المطالب.
مدينة غير مخصصة
للصناعات الحرفية
تقع المدينة في محافظة ريف دمشق شمال شرق مدينة دمشق وتبعد عنها مسافة /35/ كم وحسب المخطط للمدينة الصناعية، فإنها أنشئت من أجل الصناعات الضخمة والشركات ذات الرأسمال الكبير، ولكن في ظل ظروف الحرب اضطر العديد من الحرفيين إلى الانتقال إليها، وهم أصحاب صناعات خفيفة، ورأسمالهم صغير نسبياً كصناعيي منطقة القابون الصناعية، الذين تم إدخال منطقتهم ضمن المخطط التنظيمي، وإلزامهم بنقل منشآتهم إلى مدينة عدرا الصناعية.
هؤلاء قدرتهم بسيطة جداً، فهم لا يستطيعون جلب أيد عاملة إلى معاملهم، ولا هم قادرون على تأمين وسائل نقل للعمال وحتى لأنفسهم، وتعد المدينة الصناعية بعيدة عليهم جداً، بسبب صعوبات المواصلات إلى المدينة، والوقت الطويل الذي تستغرقه للوصل إليها، وتكلفتها، مما يضطر العديد من عاملي تلك المعامل إلى الاستعانة بالسيارات الخاصة على الطريق (أوتوستوب) للوصول إلى أقرب نقطة إلى المدينة.
معاناة العمال
يضطر أغلب العمال للإقامة داخل المعمل طوال الأسبوع، والعودة إلى منازلهم يوم الجمعة فقط، لتخفيف نفقات المواصلات واختصاراً للوقت، وقد اشتكى العديد من العمال من هذا الأمر، وخاصة ممن كانت أعمالهم في مدينة دمشق حين علق أحدهم (أن العمل في مدينة دمشق كانت المسافة قريبة، ويمكننا العمل ساعات إضافية والعودة إلى منازلنا، كانت سهلة جداً، ولكننا اليوم بعيدون عن منازلنا وأسرنا، ولا نستطيع أن نعمل ساعات إضافية خوفاً من انقطاع المواصلات، حيث تتوقف الباصات إلى المدينة الساعة الرابعة عصراً) وبسبب ذلك يعزف كثير من أرباب العمل على تشغيل عمال يقيمون في دمشق (وأغلب المعامل الكبرى والشركات تؤمن مواصلات لعمالها إلى منطقة العباسيين فقط) ويعتمد أرباب العمل أكثر على النازحين المقيمين داخل المدينة الصناعية، وأغلبهم أحداث دون السن القانونية، الذين يعملون بأجور ضعيفة، أو المقيمون في التجمعات السكنية المجاورة، كمخيم الوافدين ومدينة عدرا العمالية.
أزمة محروقات وإتاوات
عدا عن ارتفاع أسعار البنزين لسيارات النقل والمواصلات، وصعوبة الحصول عليه، حيث يضطر صاحب سيارة النقل للعمل صباحاً والسهر على الكازية للحصول على مخصصاته التي لا تكفيه أساساً، مما يضطره إلى شراء البنزين من السوق السوداء، وبسعر 1000 ليرة سورية لليتر، كل هذا يسبب صعوبة في تسويق منتجات الحرفيين في الأسواق، وهؤلاء يعتمدون على الأسواق الداخلية التي باتت بعيدة عنهم، وليس على التصدير.
كما أن الحواجز على طريق المدينة الصناعية منعت كثيرين من الشباب من العمل في المدينة بسبب كونهم مطلوبين للخدمة الاحتياطية، عدا عن القيام بمداهمات داخل المعامل، كل ذلك أدى إلى انخفاض اليد العاملة في المدينة، كما أن الحواجز الأمنية مشكلة بالنسبة لأرباب العمل أيضاً بسبب الإتاوات التي تُفرض على الصناعيين، وكل حاجز له حصته من سيارات البضائع، حتى الصغيرة منها، والتي تكلف سائق السيارة الصغيرة ما يقارب خمسة آلاف ليرة سورية عن كل نقلة، وهو ما ينعكس على أسعار السلع بشكل عام، عدا عن سياسة الترفيق، حيث يُجبر رب العمل في حين أراد شراء آلة جديدة لمنشأته على دفع مبلغ مقطوع لقاء نقل آلته، ولا يقل هذا المبلغ عن خمسين ألف ليرة سورية حسب حجم الآلة!
دوريات الجمارك
ناهيك عن دوريات الجمارك وفرع المرور، التي تتمركز على الطرقات، والتي تقوم بفرض إتاوة على كل سيارة نقل تمر على الطريق، وحين مرورك على طريق المدينة الصناعية تشعر وكأنك تعبر إلى خارج حدود البلاد، بسبب الحواجز الضخمة التي أقيمت هناك.
سرقات الكابلات
ويتضرر أرباب العمل من انقطاع الكهرباء في المدينة الصناعية من يوم الخميس الساعة الثانية عشرة ظهراً وحتى يوم السبت الساعة التاسعة صباحاً، مما يؤدي إلى توقف العديد من المنشآت إلا من توجد لديه مولدات ضخمة، ويعمل بنظام الورديات، كما أنه هناك حالات سرقات تتم للكابلات الكهرباء الواصلة إلى المعامل ليلاً أثناء انقطاع الكهرباء.
مخصصات المحروقات
عدا عن فقدان المحروقات، وخاصة المازوت الصناعي، ولم تقم إدارة مجلس المدينة بإيجاد حل لهذه الأزمة، وتأمين مخصصات المحروقات للمعامل، ويضطر أرباب العمل إلى شراء المحروقات من السوق السوداء، التي تتوافر فيها المحروقات، ولكن بسعر ضعف السعر الحكومي، حيث وصل سعر ليتر المازوت إلى 1200 ليرة سورية، كل هذا طبعاً ينعكس على كلفة الإنتاج، ويسبب ارتفاعاً بأسعار السلع والبضائع.
وأغلب أرباب العمل من الحرفيين باتوا يعملون بهامش ربح ضئيل جداً، يؤمنون من خلاله معيشتهم فقط، دون أية أرباح حقيقية بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، وعدم استقرار أسعار الصرف، مما أدى إلى مشاكل حقيقية وصعوبات باتت تعترض الحرفيين وتهدد مستقبلهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 996