المؤتمرات النقابية مقبلة..

المؤتمرات النقابية مقبلة..

خلال الأيام المقبلة تستعد النقابات لعقد مؤتمراتها السنوية المزمع بدؤها في أوائل كانون الثاني من العام المقبل، وهي الأولى لهذه الدورة النقابية، من خلال التحضير لتقاريرها السنوية المعتادة، وملء بعض الشواغر لديها، ومن المفترض أن تُقيّم عملها، وما حققته من حقوق ومكاسب للعمال خلال هذا العام من عمر الحركة النقابية. وكذلك بعض أعضاء المؤتمرات يُدلون بما يشعرون، وما يعانيه العمال من وضع معيشي أقل ما يقال عنه أنه مزرٍ، في ظل قوانين عمل رديئة في القطاعين الخاص والدولة، وآخرون يضعون على الجرح ملحاً بصمتهم، منتظرين لحظةً تكون مناسبة لفعل شيء ما، يستطيعون من خلالها الحصول على بعض من حقوقهم. 

تعتبر هذه المؤتمرات وقفة ومحطة لإعادة دراسة وتقيم الواقع الذي تعيشه الطبقة العاملة، ومحاولة لمعرفة المستجدات الجديدة التي طرأت على الطبقة العاملة، ومدى الضرر الذي لحق بالعمال، ووضع قضاياهم الأساسية في سلم أولويات عملها المقبل للدفاع عنها في كافة ميادين العمل.

إن العمل النقابي يستمد قوته من شرعية مطالبه المختلفة من تشريعية وديمقراطية، وفي مقدمتها: الأجور العادلة، لتحسين مستوى المعيشة الذي وصل إلى غاية من البؤس والسوء، وغيرها من الحقوق، سواء الأمن الصناعي والصحة والسلامة المهنية والضمان الاجتماعي والضمان الصحي، وتقاس قوة النقابات من خلال استعدادها للتضحية لتحقيق أهدافها التي هي في الوقت نفسه مبرر وجودها، لقد سطرت الحركة النقابية عبر تاريخها النقابي، بطولات نقابية وعمالية عبر نضالاتها المطلبية، دفع العمال والنقابيون فاتورة النضال النقابي هذا من دمائهم وقوت أسرهم، في سبيل تحقيق مطالبهم العادلة ليعيشوا بكرامة وحرية، ووضعوا المبادئ الأساسية في النضال المطلبي بكل الأشكال المشروعة، من اعتصامات واحتجاجات، بما فيها الإضرابات من أجل تحقيق الأهداف في العيش الكريم والعدالة في التشريعات والقوانين، والوصول إلى حركة نقابية مستقلة.

الحركة النقابية اليوم في أضعف حالاتها، من حيث الحريات والنضال المطلبي، مقارنة بالواقع والحالة الاقتصادية والمعيشية البائسة التي يعيشها المواطنون، وخاصة الطبقة العاملة، التي أدت إلى زيادة الفقر والبطالة، وكثرة الأمراض الاجتماعية من سرقة وسطو وغيرها، هذا إضافة إلى تخبط الإجراءات الحكومية في إدارة البلاد، نتيجة انتهاجها سياسات اقتصادية واجتماعية بعيدة عن مصالح عموم المواطنين والطبقة العاملة، وتسويق التبريرات على حساب مصالح وكرامة المواطن، وبالأخص الفئات الأضعف: العمال، مستغلة ضعف الحركة النقابية، التي لا تعطي أولوية لقضايا الأجور وزيادتها لتصل إلى مستوى المعيشة.

إن استمرار الصمت واللامبالاة هذا اتجاه هذا الواقع المزري الذي وصلت إليه الطبقة العاملة، وتبرير هذه السياسات والإجراءات التي تمارسها الحكومة، أصبح لا يجوز استمرار هذا الصمت عليها، لما له من أثار وتداعيات وانعكاسات تشكل خطراً حقيقياً على استقرار المجتمع وأمنه الاجتماعي والاقتصادي، وتهدد مستقبل البلاد.

إن أي عمل نقابي ناجح لا يمكن الحكم على نجاحه إلّا من خلال قدرته على تحقيق أهدافه، وقيامه بالدور الذي وجد من أجله، محققاً مبرر وجوده في الدفاع عن مصالح العمال المعيشية والمهنية والتشريعية، فهي ممثل وصوت العمال، أي: النقابات التي تكافح باسمهم.

إن دور النقابات الأساسي، هو الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة وحماية حقوقها كافة، ويعتبر هذا المحدد لبرامجها وأهدافها. فالمرحلة المقبلة من حياة البلاد تتطلب من التنظيم النقابي أن يكون لديه ذلك البرنامج الذي يعتمد بشكل أساسي على مصلحة الطبقة العاملة في حماية حقوقها كافة، وبالأخص: الأجر العادل الذي يعتمد أساساً له الحد الأدنى لمستوى تكاليف المعيشة، وأن يتسلح بأدوات نضالية حقيقية مختلفة متجاوزاً تلك المذكرات التي أضعفته، وأن تعود النقابات إلى قاعدتها الأساسية، وهي: الطبقة العاملة، وخاصة في القطاع الخاص الأكثر قوة وعدداً، إضافة إلى عمال قطاع الدولة قبل فوات الأوان، وإفساح المجال للعمال- في هذه المؤتمرات القادمة بشكل ديمقراطي حقيقي دون وصاية من أحد- للتعبير عن هواجسهم ومطالبهم، حيث لديها فرصة مهمة اليوم، فهل تستطيع فعل ذلك؟ وهي تستطيع إذا امتلكت الإرادة واستقلالية قرارها؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
996
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 14:49