العمال والبيان الحكومي

العمال والبيان الحكومي

قدمت الحكومة المرسوم رقم 221 لعام 2020 وهو بيانها الحكومي أمام مجلس الشعب في الأسبوع الماضي، والذي حاول بيانها أن يغطي الكثير من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلخ.. غير أننا لن نستفيض هنا بكل ما جاء في هذا البيان الحكومي، ولكن ما يهمنا في هذا المقال ماذا سينوب الطبقة العاملة من الحكومة في بيانها هذا؟ وما هي الاستحقاقات التي يجب أن تحصل عليها من حقوق مختلفة تشريعية ومعيشية وديمقراطية وغيرها من الحقوق المشرعة دستورياً ودولياً؟ وهي مازالت منقوصة، أو التي فقدتها خلال تعاقب الحكومات السابقة بعد تبني اقتصاد السوق «الاجتماعي» ولا تستطيع الحصول عليها.

أولاً: من الملاحظ أن البيان الحكومي ممتلئ بالعموميات، دون الإشارة إلى خاصية الواقع السوري اليوم وأفق الخروج من الأزمة الوطنية عبر الحل السياسي. وبالتالي ظهر البيان على شكل موضوع إنشائي استعرض فيه أغلب المجالات، وذلك دون أن يحدد ما سيقدَّم أو ما سينجَز وما هي الآجال الزمنية لتحقيق أية مهمة قادمة. ودون أن يجيب عن أي سؤال من الأسئلة المعروفة سياسياً وعلمياً لإعداد أية خطة أو برنامج عمل مثل: كيف؟ ومتى؟ وذلك لمعرفة الفجوة في الوضع القائم وما يجب أن يكون عليه الوضع، بعد فترة محددة من الزمن، ولم يتطرق لأي من المؤشرات الإحصائية والمعايير المختلفة، ويبدو ذلك هروباً من أية مسؤولية لاحقة للحكومة، وبالتالي فَقَد مفهوم البرنامج.

الضرورات الملحة

وإذا كانت الخطط والبرامج التي سوف يتم وضعها بناءً على الإمكانات والموارد المتاحة بحسب البيان. والسؤال هنا الذي يطرحه العمال: أليست هناك الكثير من الضرورات الملحة التي تتطلب أعمالاً وحلولاً؟ ومما يهم العمال في هذه المرحلة هو الحفاظ على القوة الشرائية لليرتهم، وسد الفجوة الكبيرة بين الرواتب وأجور العاملين والمستوى المعيشي ومتطلباته الضرورية.
وهنا في البيان الحكومي لم تظهر هذه المفردة، حيث يقول البيان «إن الحكومة ستبحث عن الوسائل المؤدية إلى زيادة الدخل من أجور وحوافز للعاملين، ولكن حسب الإمكانات المتاحة»، وهل هذه الإمكانات تستطيع أن تلبي أدنى متطلبات المعيشة للعمال، فلا يمكن أن تتحسن أجور العمال إذا لم يتم ربطها مع تطور متطلبات الوضع المعيشي، أما إعادة توزيع الثروة المنتجة بشكل عادل فهذا ليس من ضرورات البيان، وبالتالي لم ير العمال أية إشارة ضوء، قد تؤدي إلى تحسين الوضع المعيشي لهم.

الاستثمار الأمثل للعمالة المتوفرة

كما لم يلحظ البيان الحكومي أية إشارة حقيقة لتطوير القوانين والتشريعات العمالية بما يضمن حقوقها في ضمان العمل وحقوقها الديمقراطية.
تحدّث البيان عن «الاستثمار الأمثل للعمالة المتوفرة» فهل يقصد فيه العمالة الموجودة حالياً على رأس عملها اليوم، أم العمالة المتواجدة في سوق العمل، وهي لا تستطيع الحصول على فرصة عمل مناسبة تليق بقدرتها وإمكاناتها، أو التي يمكن أن تدخل لاحقاً إلى سوق العمل، وماذا يعني «إرساء سوق عمل فعّال».
وكان من المفترض على البيان أن يضع استراتيجية واضحة ومستقبلية للقطاعات الإنتاجية الأساسية: القطاع الصناعي والقطاع الزراعي اللذان يتطلبان يداً عاملة كبيرة تلبي متطلبات سوق العمل، وفق برامج محددة، وبآجال زمنية معروفة، لمعالجة معيقات الصناعة في قطاع الدولة والقطاع الخاص على حد سواء، أما الاعتماد على المشاريع الأسرية والمشاريع الصغيرة، فهي لا تستطيع أن تبني اقتصاداً قوياً وأن تعطي قيمة مضافة حقيقية للدخل الوطني، وخاصة في ظل هذا التطور العلمي والتكنولوجي الكبير، وبطبيعة الحال فهي غير قادرة على تلبية حاجات طالبي العمل في سوق العمل.
البيان الحكومي لا يختلف عن بيانات الحكومات السابقة منذ تبني اقتصاد السوق، وهو لا يرقى لمستوى الوضع المعيشي المتدني الذي تعيشه الطبقة العاملة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
985
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 14:53