كيف تأسست نقابات حلب؟
محرر الشؤون العمالية محرر الشؤون العمالية

كيف تأسست نقابات حلب؟

تعود جذور الحركة النقابية للطبقة العاملة في حلب إلى ثلاثينات القرن الماضي، حيث كانت حلب تجمعاً عمالياً مهماً على مستوى البلاد في جو من النهوض الوطني ضد الاستعمار، وبرز عمال طليعيون أسسوا وقادوا العديد من النقابات.

نقابات الطينة والبناء

تأسست نقابة المزرقين «الطينة» عام 1955، ويتحدث رئيس النقابة الرفيق محمود نصري أبو غسان عن قصة تأسيسها في لقاء مع جريدة قاسيون:
«أنا من مواليد حلب القديمة 1935، وعملي في مهنة الزريقة (الطينة). كان والدي نقابياً في نقابة عمال المطاحن، وفي عام 1955 عملت مع بعض العمال، ومنهم الرفيق عبد الرزاق رابعة وأخي محمد على إحياء نقابة عمال المزرقين (الطينة)، وكنا نسهر الليالي وندور في أحياء المدينة نطرق أبواب العمال لدعوتهم لإحياء النقابة وحضور الانتخابات، ورغم كل التعب الذي كنا نعانيه كنا سعداء بما نقوم به لمصلحة العمال، وأصبحت رئيساً لتلك النقابة في انتخابات حرة ونزيهة.
كنتُ أصغر رئيس نقابة في ذلك الوقت، وكان للحزب نفوذ وتأثير كبير فيما لا يقل عن 30% من عدد النقابات القائمة. ونتيجة للنضال النقابي الواسع تحققت الكثير من المطالب العمالية، وكان النضال يجري على مستويين (المراجعات والمذكرات) ورفع الدعاوى من جهة، واستخدام حق الإضراب لتحقيق تلك المطالب من جهة أخرى. وتقدمت بطلب انتسابي للحزب في أوائل 1957، ودافعي الأساسي هو الظلم الاجتماعي الذي كان يعانيه معظم العمال من أرباب العمل والرأسماليين الكبار.
ومع الزمن كبرت المهمات والمسؤوليات، فعلى الصعيد النقابي تدرجتُ في المهام من رئيس نقابة المزرقين إلى أمين سر نقابة البناء في عام 1966 ولفترة طويلة إلى عضو مكتب تنفيذي في عام 1970 في اتحاد عمال حلب. ورئيس المكتب النقابي المركزي».

نقابة عمال النسيج

كان الرفيق أنطون جبرة مؤسس نقابة عمال النسيج في حلب أول عامل في العالم يحصل على درجة بروفيسور في علوم الاقتصاد والسياسة، ودرس في المعهد النقابي العالمي في برلين منتصف خمسينات القرن الماضي، وضمت نقابة عمال النسيج في حلب حوالي 8000 عامل في صفوفها نهاية الخمسينات وبداية الستينات.
ومن النقابيين الشيوعيين في نقابة عمال النسيج النقابي القديم ربيع محبك وكان مؤسساً للخلية الشيوعية الأولى في منطقة العرقوب، وهي أولى خلايا الحزب في حلب، والرفيق خالد حمامي سكرتير فرعية عمال الغزل والنسيج في العرقوب حتى عام 1959، والرفيق محمد سالم الدهش سكرتير فرعية عمال الغزل والنسيج في العرقوب في السبعينات.

نقابة المحركات الانفجارية

يقول الرفيق إدوار خوام في لقاء مع جريدة قاسيون:
«كان على رأس التنظيم النقابي في حلب جميل ثابت، وكان لقاؤنا بالرفاق عبد الجليل جرجنازي وعبد الوهاب خلوف وأحمد عبيدو وتيودور سليمان، وما هي إلا شهور قليلة حتى استطاع الرفاق تأسيس وقيادة نقابة عمال المحركات الانفجارية إلى جانب نقابة الطباعة وعمال البناء. وقد انتخبت رئيسا للاتحاد المهني لهذه الحرف».
يقول الرفيق عبد الجليل جرجنازي:
«تقدمت في شهر أيلول عام 1959 للفحص الذي أعلنت عنه مؤسسة الإنماء الاقتصادي ونجحت، وتمّ تعييني عاملاً بأجرٍ يومي مقداره 6 ليرات سورية.
عام 1963 اختارني عمال مؤسسة الإنماء لتمثيلهم في نقابة المحركات الانفجارية، وفي أقل من شهر أصبحت عضواً في مكتب النقابة الذي ترأسه طارق شاكر، وكنت نائباً له ومعي أربعة رفاق شيوعيين في المكتب. وفي أواخر عام 1963 أصبحت رئيساً لمكتب النقابة.
أما مقر النقابة فكان في باب النصر، قريباً من مركز نقابة عمال الطباعة. كنّا نداوم في مركز النقابة حتى وقتٍ متأخرٍ من الليل، إذ يحضر العمال حاملين شكاواهم ومطالبهم، التي نتابعها في اليوم التالي مع أرباب العمل. وقد تبين لنا أن الأخيرين لا ينفّذون الكثير من بنود قانون العمل (ساعات العمل، الطبابة، التسجيل في التأمينات الاجتماعية، الحدّ الأدنى للأجور..)، بل كان منهم من (يرفع فلقة) لبعض عماله، فاندفعت إلى جمع بعض الفتوة والذهاب للانتقام من رب العمل، بيد أن بعض إخواني العمال تدخّل لمنعي من الإقدام على ذلك، ونجحوا بعد أن حصلت على وعدٍ من ربِّ العمل بعدم تكرار ذلك وتحسين معاملته للعمال.
وقد نظمنا اتفاقاً مع أرباب العمل يقضي بإغلاق المحلات العاملة في المحركات الانفجارية بعد عمل ثماني ساعات، أما إذا رغب صاحب العمل في فتح محله لوقت أطول، فعليه استخدام عمال آخرين.
طبّقت النقابة الاتفاق بمساعدة الدولة ولاقى ارتياح العمال والأهالي. وفيما بعد، تدخلت مديرية العمل والشؤون الاجتماعية، وكذلك محافظ حلب، ولكننا أصررنا على تطبيق الاتفاق.

نقابة عمال الكهرباء

من أبرز النقابيين الشيوعيين في نقابة عمال كهرباء حلب الرفيق مصطفى خيرو رئيس النقابة، والرفيق عبد الله بيطار سكرتير النقابة اللذان اعتقلا زمن الوحدة.
والرفيق عمر سباعي الذي درس الهندسة في فرنسا، وأثناء الدراسة تدرب في معامل «رينو» حيث تعرف هناك على الفكر الشيوعي من خلال العمال الشيوعيين الفرنسيين الذين كانوا يعملون في الشركة نفسها. وعمل في الخمسينات في شركة كهرباء حلب، وعندما سُرح تعسفياً من عمله عام 1959 أعلن عمال كهرباء حلب الإضراب. إضافة إلى الرفيق علي حمادة ممثل الحزب في مكتب نقابة عمال كهرباء في السبعينات والثمانينات.

نقابة عمال النقل

بدأ الرفيق علي حمادة حياته المهنية في مؤسسة النقل الداخلي بحلب في الخمسينات، وانتخب إلى مكتب النقابة، وكان مناضلاً عنيداً في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، وكانت له مواقف معروفة. وتحت إشرافه جرى تأسيس فرقة فنية لمؤسسة النقل، عمل الشيوعيون من خلالها وساهموا بتقديم حفلات على مسارح حلب.

نقابات أخرى

كما أسس الشيوعيون العديد من النقابات الأخرى، وكان الرفيق عمر قشاش رئيساً لنقابة عمال الطباعة، والرفيق سعيد السواس رئيساً لنقابة عمال الميكانيك «السيارات» والرفيق عبدو بكور في اتحاد عمال حلب، وأسس الشيوعيون نقابة للعمال الزراعيين في جبال عفرين عام 1964 ونقابة للعتالين في ريف حلب وغيرها من النقابات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
966
آخر تعديل على الأربعاء, 20 أيار 2020 14:00