الصناعات الهندسية قاعدة التطور الاقتصادي
عادل ياسين عادل ياسين

الصناعات الهندسية قاعدة التطور الاقتصادي

عمر الصناعات الهندسية في بلدنا ليس طويلاً ومزمناً كالصناعات النسيجية والغذائية، ومع هذا نشأت صناعات هندسية مختلفة بحسب الحاجة والضرورة لكذا صناعات ستغطي حاجات كثيرة صناعية وحاجات استهلاكية.

تأسست المؤسسة العامة للصناعات الهندسية عام 1974 وتتبع لها 13 شركة في مختلف الاختصاصات، وتتواجد الشركات في مختلف محافظات البلاد، وتعمل الشركات في الصناعات الإلكترونية والصناعات المعدنية والميكانيكية والمنتجات الفولاذية والحديدية، وكانت هذه الشركات تلبِّي الحاجات الضرورية للاستهلاك، مثل صناعة البرادات والتلفزيونات والكابلات وإنتاج الحديد الخاص بالبناء وغيره من الحاجات التي كانت توفر على الدولة والمستهلك عناء الاستيراد.
نشأت الصناعات الهندسية بمعظمها من استيراد خطوط الإنتاج من الدول الغربية المختلفة، وكذلك استيراد موادها الأولية اللازمة لعمليات الإنتاج وقطع التبديل اللازمة للصيانة، وهذا الأمر جعل هذه الصناعات رهينة للعلاقات السياسية مع الغرب وإمكانية السماح باستمرار إمداد هذه الصناعة بما يلزمها من الاستمرار بإنتاجها والتي أصبحت أثناء الأزمة تعتمد بحصولها على ما يلزمها للإقلاع بالإنتاج واستمراره على قدرة الوسطاء على تأمين المواد اللازمة وعلى توفر القطع الأجنبي من أجل عملية الاستيراد وعلى رغبة الحكومات المتعاقبة في تأمين ما يلزم، هذا الأمر أوقع الصناعات الهندسية في إشكالات كثيرة أعاقت الإنتاج في بعض جوانبه وعطَّلته في جوانب أخرى.
الصناعات الهندسية يمكن أن تلعب دوراً مهمَّاً في تطوير نفس الصناعة والصناعات الأخرى التي تعاني- كما الصناعات الهندسية- مشاكل كبرى في المصادر التي اعتمدت من أجل إنشائها، وبقيت رهينة لهذه المصادر، ولم يُعمل على خلق بدائل حقيقية من أجل أن تكون هذه الصناعة هي مرتكز وقاعدة تتطور من خلالها الصناعات الأخرى، وبالتالي تكون منطلقاً لفك الحصار التكنولوجي الذي يفرضه علينا الغرب بتوريده لنا ما نحتاجه من أساسيات للنهوض الاقتصادي والتكنولوجي، والذي نتعامل معه كناقل لهذه التكنولوجيا دون الأخذ بالاعتبار موقف الغرب من الدول النامية وضرورة إبقائها تابعة له حتى بالهواء الذي تتنفسه، ولهذا الاعتبار كان من المفترض العمل على الاستفادة القصوى من الإمكانات المتوفرة لدينا من كوادر ومهندسين وخبرات لديها الكفاءة العلمية والعملية للقيام بمهمة إحلال بدائل حقيقية لتطوير الصناعات بمختلف أنواعها، وهذا الأمر كما نعتقد مرتبط بالسياسات التي تقود الصناعة وبأي اتجاه تقودها، وهل الصناعة بالنسبة لهذه السياسات أولوية أم الأولوية تكون لشيء آخر غير الصناعة وضرورة تطويرها وتأمين ما تحتاجه من متطلبات تجعلها أولوية؟ وهذا ما لم يحدث ليس في سنوات الأزمة، بل ما قبل الأزمة حيث كانت الصناعة تعاني من مشاكل كثيرة عبرت عنها التقارير الصادرة عن جهات مختلفة وزادت من الأمور سوءاً الأزمة، حيث أخرجت العديد من معامل الصناعات الهندسية خارج نطاق الإنتاج، مما جعل المؤسسة العامة للصناعات الهندسية تطلب بإعادة هيكلة الشركات التابعة لها وفقاً لمعيار الربح والخسارة التجارية، أي المؤسسة تطالب بتطوير الشركات التي يعد إنتاجها مسوقاً ويحقق ريعية، والشركات الأخرى يعاد هيكلتها، والتي تصنف بذات الجودة المنخفضة عبر إغلاقها أو دمجها أو استبدال نشاطها.
إن مقياس التجارة وحده أي الربح والخسارة ليس خياراً موفقاً، بل هناك اعتبارات أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار لها علاقة بالجانب السياسي والاجتماعي ودور شركات قطاع الدولة بهذه القضايا، لأن معيار الربح والخسارة يعمل عليه القطاع الخاص، وهو نشط بهذا القطاع، وإنشاء صناعات مهمة ومنافسة لشركات قطاع الدولة في الصناعات الهندسية ويؤمن مستلزمات إنتاجه التي تجعله منافساً قوياً في السوق كصناعة الكابلات ومعمل الحديد الموجود في عدرا، الذي يستحوذ على الخردة الموجودة في السوق، ويقوم بعملية تصنيعها بينما معمل حديد حماة يعاني من شح الخردة وتأمين الطاقة اللازمة لتشغيل الأفران على مدار الساعة، كذلك معمل بردى الذي كان يملك طاقة إنتاجية مهمة ويؤمن حاجات المواطنين من برّادات وأفران وغسالات بجودة عالية، الآن يعاني الكثير من أجل أن تعود صناعاته، بينما معامل القطاع الخاص التي تنتج منتجات شبيهة تعمل، فكيف سينافس معمل بردى بإمكاناته التي وضع فيها القطاع الخاص الذي يملك إمكانات إنتاجية وتسويقية مهمة؟
لقد تقدمت المؤسسة العامة للصناعات الهندسية بجملة من الاقتراحات من أجل الإقلاع بالعملية الإنتاجية وتطوير قدرات الشركات على الإنتاج والمنافسة، وهي:
إعفاء الشركات من الفوائد والغرامات المترتبة على القروض المأخوذة سابقاً.
الإعفاء من كافة الرسوم والضرائب على الآلات وقطع الغيار وعلى مدخلات الإنتاج.
إلغاء الرسوم الجمركية على مدخلات الإنتاج.
رفع سقف المكافأة التشجيعية.
تجديد واستبدال الآليات لنقل العمال.
تثبيت العقود السنوية ورفع قيمة الوجبة الغذائية للعمال.
تأمين استقرار التيار الكهربائي واستمراره طوال أيام الدوام الفعلي.
بينما الصعوبات التي تعانيها الشركات كما ذكرت المؤسسة، هي:
صعوبة تأمين المواد الأولية وارتفاع أسعارها لعدم الشراء المباشر من الشركات الصانعة، وهذا يؤدي إلى ارتفاع التكاليف.
صعوبة تأمين القطع التبديلية وارتفاع أسعارها إنّ وجدت محلياً.

ارتفاع الرسوم الجمركية على مدخلات الإنتاج.

ارتفاع أجور الشحن الداخلي.

انخفاض التوتر الكهربائي من الشبكة الرئيسة وانقطاعه أحياناً مما يتطلب تشغيل المولدات الاحتياطية.

صعوبة تأمين القطع الأجنبي من أجل استيراد المواد الأولية.

نقص حاد بالعمالة الفنية والخبيرة، وأنّ عملية الندب لم تجد نفعاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
953
آخر تعديل على الإثنين, 17 شباط/فبراير 2020 13:35