المطالب تؤخذ ولا تعطى
تابعت اللجان المنبثقة عن المؤتمر العام للاتحاد العام لنقابات العمال مساء أمس مناقشة التقارير والمشاريع القرارات التي أُقرت في اجتماع اللجان خلال اليومين الماضيين.
وقد شدد المجتمعون على عدة أمور منها ما يتعلق بشؤون العمل والقوى العاملة ومكافحة البطالة وتوفير ظروف عمل ملائمة للعمال، وخلق فرص عمل للوافدين إلى سوق العمل، وضرورة إحداث معهد للتعليم المهني والفني وتكثيف العمل النقابي وتسوية أوضاع العمال المؤقتين وتعديل المادة 137 من القانون الأساسي للعاملين بالدولة، وإلغاء ضريبة الدخل على الرواتب والأجور للعاملين في الدولة. وعدا عن مناقشة بعض الأمور الضرورية كتأمين الأدوية ومتابعة العمل في المشفى العمَّالي بحمص.
أما فيما يتعلق بشؤون التشريع والشؤون القانونية فقد أكد المجتمعون على العمل مع الجهات المعنية لإصدار تعديلات على قانون العاملين الأساسي بالدولة رقم 50 لعام 2004 ومتابعة العمل مع وزارة الشؤون الاجتماعية لتعديل أحكام قانون العمل والمتابعة بأعمال لجنة تعديل قانون التأمينات الاجتماعية وإصدار التعديلات المقترحة على قانون التنظيم النقابي، والتأكيد على إعادة ممثلي العمال في المحاكم المسلكية وإضافة ممثل عن العمال في المجالس العليا كالمجلس الأعلى للاستثمار والمجلس الأعلى للسياحة ومجلس التشاركية.
مقترحات خجولة
بالرغم من أهمية المقترحات المقدمة من قبل اللجان إلّا أنها تدور في فلك المقترحات الخجولة، ولم تقدم مطالب جوهرية ترقى إلى مستوى معاناة الطبقة العاملة، فلم تلتفت مقترحات اللجان إلى ضرورة تقيّد الحكومة بالنصوص الدستورية التي تخص الطبقة العاملة ولا إلى الهوة الكبيرة بين الأجور والأسعار، ولم تطالب الحكومة بالتراجع عن سياساتها الاقتصادية الليبرالية التي أفقرت الطبقة العاملة، ولا بتعديل جذري لقانون العمل وإلغاء التسريح التعسفي، ولم يتطرق التقرير إلى طريقة عمل المحكمة العمالية ومشاكلها، ولم تطالب بإلغاء المادة 137 نهائياً من قانون العاملين الأساسي بالدولة، ولا بتوقف الحكومة عن إعلان المسابقات للتوظيف على مبدأ العقود السنوية، ولا بإقرار حق الإضراب للطبقة العاملة كما نص عليه الدستور.
وجميع المقترحات التي قُدّمت أُلحقت بعبارة العمل مع الوزارات المعنية وهو ما يعني أنّ القائمين على العمل النقابي لا يملكون أية وسيلة لتطبيق مقترحاتهم أو فرضها على الحكومة، خاصة وأنَّ هذه المقترحات هي مطالب مُدورة من سنين سابقة، ولم تتحقق رغم بساطتها ورغم ذلك البعض ما زال مصراً على المضيِّ بشعار نحن والحكومة شركاء.
الجواب معروف مسبقاً!
كل هذه المطالب ورغم تواضعها ستواجه في الاجتماع مع رئيس الحكومة بالتسويف والمماطلة كما يحصل في كل مؤتمر وستختبئ الحكومة بحجج عدة، منها عدم وجود الموارد الكافية، فهذه الحجة التي تواجه بها مطالب الطبقة العاملة عادة عكس ما يحدث أثناء اجتماع الحكومة مع غرف التجارة والصناعة التي تفتح لهم خزائن الحكومة وتفتح أبواب مؤسسات القطاع العام على مصراعيه أمامهم.
هذه هي النتيجة الطبيعية لتطبيق المادة الثامنة القديمة، ولطريقة الانتخابات حسب القائمة المغلقة المعمول بها في نقابات العمال واعتماد مبدأ التعيين بدل الانتخاب في المواقع القيادية، وهو ما أدى إلى خفض سقف مطالب النقابات وانعدام أشكال الضغط الذي يجعل الحكومة تأخذ بعين الاعتبار ما تشكله الحركة النقابية من وزن سياسي واقتصادي واجتماعي، سيؤدي ذلك إلى أن تكون مصالح وحقوق الطبقة العاملة من أولوياتها، باعتبارها المنتج الحقيقي للثروة وتملك الأدوات اللازمة والضرورية لفرض مطالبها إن تخلصت مما يكبِّلها ويعيق مبادرتها باتجاه التعبير الفعلي عن مصالح وحقوق الطبقة العاملة بدلاً من الشكل السائد منذ عقود، والذي لم يجدِ نفعاً وبالتجربة، حيث تُسوّف الحكومة تلك المطالب التي يتقدم بها العمال والنقابات لعلمها المسبق بالخطوط الحمر التي لا تستطيع النقابات تجاوزها بسياق علاقاتها مع الحكومة، ولا تتمكن من جعل تلك المطالب والحقوق قاعدة انطلاق في مواجهتها للسياسات الليبرالية التي كان لها نصيب كبير في تفجُّر الأزمة والكارثة الإنسانية التي تعيشها الطبقة العاملة وشعبنا الفقير عموماً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 953