لماذا حق الإضراب للطبقة العاملة؟ /1/
نحن اليوم في عالم تكثر فيه المتغيرات والتحولات، في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية، وهذه التحولات أصبحت متلاحمة ومترابطة ترابطاً عضوياً. والسؤال عن حقوق العمال التي تسلب منهم، هل هو بسبب التطور التكنولوجي وخاصة في مجال الاتصالات والمعلومات؟ أم إنه التوجه نحو الاقتصاد الليبرالي، وتحرير التجارة وتقليص دور الدولة في العملية الاقتصادية، وأن التحولات الاقتصادية السياسية على الساحة المحلية كانت هي الأساس في فقدان هذه الحقوق؟ لقد تغيرت النظم والسياسات الاقتصادية، وكان للعمل النقابي العمالي النصيب الأكبر من هذا التغيير، حيث بات التغيير في الحركة النقابية هو المؤشر والدليل الحي على جوهر التحولات هذه وماهيتها.
العمال دائماً يسألون كيف يمكنهم الحصول على حقوقهم في حالة قيام أصاحب العمل بهضم حقوقهم؟ وما هي الطرق والأدوات التي تمكنهم من الحصول على حقوقهم التي ضمنتها لهم الشرائع الدولية والوطنية والتي منها حق الإضراب؟ ومن المعروف أيضاً أن العمال لا يضربون بلا سبب ولا يمكن أن نجد نزاعاً عمالياً بين العمال وأصحاب العمل بدون سبب، ومن أهم أسباب إضراب العمال، هو النزاع حول الأجر، أو الخلاف حول وقت العمل، أو من أجل تحسين شروط وظروف العمل، وكذلك أيضاً عدم صرف المستحقات المالية المختلفة من التعويضات الإضافية وطبيعة العمل الشاقة للعمال من قبل أصاحب العمل، وتعسف أصاحب العمل مع العمال، خاصة في عدد ساعات العمل التي أقرتها القوانين الناظمة، والتأخير بصرف الأجر، وشعور العمال بعدم الأمان نتيجة ازدياد حالات الفصل التعسُّفي بدون مبررات مقنعة.
فما هو إذاً حق الإضراب؟ هو امتناع العمال في هذه المنشأة أو تلك أو مجموعة منهم عن العمل بطريقة منظمة ولمدة محددة، ومرتبط بالمطالبة ببعض حقوقهم المفقودة. ويعتبر الإضراب أحد أهم الأدوات التي يستخدمها العمال للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم. لكن متى يلجأ العمال إلى الإضراب؟ يلجأ العمال إلى الإضراب بعد أن يكونوا قد استنفذوا كافة وسائل المطالبة والحوار والمفاوضات الودِّية، ومن ثم يتوقفون عن العمل بشكل جماعي ويشرعون بالدخول في الإضراب.
أنواع الإضراب:
يمكننا أن نقسم الإضرابات حسب الغاية منها إلى:
إضرابات دفاعية وهي بغية الدفاع عن الحقوق التي أقرتها القوانين الوطنية النافذة والمسلوبة من قبل أرباب العمل.
إضرابات هجومية وهي بغية المطالبة بالحقوق المنقوصة في قوانين العمل النافذة، والتي أقرها الدستور والشرائع الدولية الخاصة بحقوق العمال.
ج- إضرابات تضامنية وهي تضامن مع أقرانهم العاملين في القطاعات الأخرى من العمل سواء المحلية منها أو الدولية.
د- الإضرابات السياسية: النقابات تستطيع أن تتخذ القرارات وتشارك في صنع الأحداث، وتؤثر بذلك في الطبقة العاملة، وكذلك في المجتمع. إن أرادت ذلك لأنها الأوسع وأيضاً الأعمق تأثيراً، فمجال العمل النقابي العمالي هو أكثر المجالات حساسية للتحولات، التي تحمل فرصاً كبيرة وتحديات غاية في الخطورة. كما يأخذ الإضراب أشكالاً وطرقاً متعددة، وذلك حسب نوع المطالب وظروف العمل العامة، ومدى تقدير ومعرفة النقابات بدرجة الاستجابة لهذا المطلب أو ذاك ومن هذه الأشكال أو الطرق.
الامتناع عن العمل: ويكون ذلك بحضور العمال إلى مكان العمل مع الامتناع عن تأديته، أي يجلس العمال المضربون في أماكن عمل من دون إحداث أي شغب، وقد أطلق على هذا النوع من الإضراب في العرف الفرنسي بالإضراب الصامت.
الإضراب المتتابع: ويتم فيه التوقف عن العمل بشكل مجموعات وبصورة متتابعة ومدروسة، فتتوقف مجموعة من عمال المنشأة لمدة معينة، ثم تعود إلى العمل، لتبدأ مجموعة أخرى في التوقف وهكذا، أي لا يضرب كل العمال في المنشأة مرة واحدة حتى لا يتعطل العمل كلياً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 947