عمالة الأطفال في السويداء
إن الأزمة التي تمر بها البلاد عرضت الكثير من الأطفال لمخاطر العمالة نتيجة الفقر والتهميش، وغياب الرعاية الأسرية والبطالة والأمية والطلاق، إضافة إلى الكثير من الأسباب التي ساعدت على تكرار المشهد كل يوم في الشوارع والأسواق، وعلى الإشارات المرورية. إنّ مزاولة الطفل للعمل في سن مبكرة تشكل تهديداً مباشراً لسلامته الصحية والنفسية، إضافة إلى المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال من ترك الدراسة والتشرد والتسوّل والتعرض لمختلف الإنحرافات والأخطار ، إنّ مسؤولية هؤلاء الأطفال تقع على مديرية الشؤون الاجتماعية، ومديرية التربية، وشرطة المدينة، والمجتمع الأهلي والمحلي.
عندما تدخل المنطقة الصناعية في السويداء أو سوق الخضار «الحسبة» أو تقوم في جولة في شوارع المدينة، تستوقفك حالة انتشار الأطفال في المقاسم الصناعية ومداخل السوق ومخارجه بين العربات وفي الشوارع، والملاحظ أن معظم أطفال المهجرين في السويداء يعملون بمجالات صعبة وأعمال شاقة لا تتناسب مع أعمارهم، رغم وجود قوانين تمنع عمل الأطفال ودخولهم إلى مناطق العمل دون سن 15سنة، والكثير من ذوي الأطفال لا يلتزمون بالقوانين فيقومون بتشغيل أطفالهم لساعات طويلة في أعمال شاقة.
وهؤلاء العمال الصغار تتراوح أعمارهم بين 7-17 سنة معظمهم يدخنون السجائر ويتبادلون الألفاظ البذيئة، البعض منهم عمله فقط في الصيف بقصد تعلم مهنة معينة حيث يقومون بأعمال لا تتلاءم مع طبيعة أجسامهم وأعمارهم.
وعند سؤال قاسيون أيّاً منهم عن سبب عمله جاءت الإجابة سريعة: نعمل لكي نعيش، ونساعد أسرنا في تدبير المعيشة.
في المنطقة الصناعية من المحافظة، والتي لا يكاد يخلو محل فيها من وجود طفلين أو أكثر.
التقت قاسيون مع مجموعة من الأطفال العاملين في مواقع عمل مختلفة، ومع ذوي أحد الأطفال القاطنين ضمن المنطقة الصناعية المأهولة بالسكان
«أم محمد» من سكان محافظة درعا والمقيمين حالياً في السويداء، إن ابنها البالغ من العمر 14 عاماً بدأ بالعمل منذ قرابة سنتين بعد وفاة والد الطفل ونزوحهم إلى السويداء نتيجة المعارك في درعا.
وأضافت: إن ابنها يعمل في المنطقة الصناعية في السويداء بتصليح السيارات، وذلك مقابل 1000 ليرة سورية فقط في الأسبوع، مشيرة إلى أن حاجة العائلة للمال أجبرت طفلها على العمل بسبب الوضع المعيشي وغلاء الأسعار.
الطفل «علي» الذي يعمل في محل لبيع الخضار والفاكهة عمري (14) عاماً وأعمل منذ سبع سنوات، لدي ستة إخوة وأنا من الدير نسكن في السويداء لا أعرف القراءة ولا الكتابة، أجرتي في الأسبوع 1500 ل.س، أعطيها مصروفاً لأمي وإخوتي الصغار، لأن والدي صاحب مشكلات ولا يتعرف على مصروف البيت.
الطفل خليل البالغ من العمر 13 عاماً، والذي يعمل في نقل البلوك قال: إن الحالة المادية لأهلي هي التي دفعتني لترك المدرسة والالتحاق بالعمل مبكراً.
نحن سبعة أخوة، وأنا أكبر واحد فيهم، والدي يعمل ناطوراً في إحدى البنايات وراتبه لا يكفينا لذلك أنا أعمل وأساعد أهلي في المصروف.
أنا لا أحب الدراسة كثيراً.. وقد تعلمت التدخين.
بين مئات المحال وعمال الميكانيك والتصويج وكهرباء السيارات، شَوق تُمسك بيد أوراق اليانصيب، وباليد الأخرى جدول السحب السابق، في نهاية الطريق ماجد صبي، بيده عدد من أوراق اليانصيب.. شقيق شوق التي يكبرها بعامين أو ثلاثة أعوام عمره (11) عاماً، قال: «والدي ميت أعمل أنا وأختي في بيع ورق اليانصيب مستأجرين بيت ب 30 ألف ليرة سورية وبدنا مصاريف معيشة، طلعنا من المدرسة لنكمل ونعيش، التعليم ما بيطعمي خبز ولا بيدفع آجار البيت».
أبو علاء: صاحب ورشة حدادة تحدث عن السبب وراء رغبة أصحاب العمل بتشغيل الأطفال بقوله: «الولد أخف وأسرع.. وبيسمع الكلمة وبيخاف»، وأن الولد يضع الشاي ويلبي الطلبات الأخرى من المطعم والبقالة.. إضافة إلى أن راتبه قليل.
اللافت والمثير للاهتمام عدم وجود إحصائيات دقيقة حول هذه الظاهرة وعدم تنفيذ جولات تفتيشية من قبل الجهات المعنية على جميع الفعاليات الصناعية ومتابعة الأطفال العاملين والتأكد من حصولهم على تصريح من الولي بالعمل ومن لا يمتلك التصريح يتم تنبيه وإنذار صاحب المنشأة التي يعمل بها لعدم استخدامه مجدداً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 914