القانون 17 غير دستوري ... ومدمر للقوى المنتجة!
يُعد قانون العمل رقم 17 الصادر عام 2010 من الناحية الدستورية قانوناً غير دستوري لتعارضه الواضح مع أحكام الدستور الجديد الصادر عام 2012 هناك مواد في قانون العمل رقم 17لا تحتاج إلى فقهاء القانون لإثبات أنها تتعارض بشكل واضح مع الدستور، ومنها:
المادة رقم 96 من القانون المذكور، والتي تعارض الدستور معارضة صريحة وواضحة ففي الفقرة (ز) نصت على ما يلي: (يمنع على العمال جمع النقود أو التبرعات أو توزيع المنشوارت أو جمع التواقيع أو تنظيم الاجتماعات داخل مكان العمل دون موافقة صاحب العمل)!! أي: يحظر على العمال تنظيم أي اجتماع داخل مكان العمل مهما كان نوعه أو طبيعته، وهذا يعني تجريم تنظيم العرائض أو التوقف عن العمل أو الإضراب عن العمل للمطالبة بتحسين الواقع المعيشي، وتأمين الشروط والظروف المناسبة في بيئة ومكان العمل، وقد تم استثمار هذه المادة لفصل الكثير من نشطاء العمال الذين يطالبون بحقوقهم دون أية تعويضات !!
كما تعد المادة 64 من القانون نفسه مكملة الدور الوظيفي للمادة السابقة الذكر، والتي أعطت التوقيع بالقلم الأخطر لصاحب العمل من خلال السماح له بالتسريح التعسفي للعمال، وتحويل هذه المادة إلى سيفٍ مسلطٍ على رقاب العمال ليضمن ولاءهم وكم أفواههم عن المطالبة بحقوقهم المسلوبة من قبله، وهي تسلب العمال أي حق يعطيهم إياه القانون حتى لو نص قانون العمل على هذه الحقوق، التي يدّعي المشرع بأنه أعطاها للعمال في هذا القانون تبقى حبراً على ورق بسبب هذه المادة، وبهذا تعتبر هذه المادة معارضة للدستور نصاً وروحاً فهي تأخذ من العمال بالشمال ما أعطته باليمين .
حق الإضراب حق دستوري
نصت في المادة (44) من الدستور الحالي على حق الإضراب عن العمل كحق دستوري، وأكدت أن القانون ينظم ممارسة هذا الحق بينما قانون العمل رقم 17 لم ينص على حق الإضراب، بل وذهب أبعد من ذلك إلى إعطاء صاحب العمل حق التسريح التعسفي من خلال المواد 64 - 65 وقد تعرض الكثير من العمال الذين نظموا أو اشتركوا في الإضرابات في القطاع الخاص للمضايقة والملاحقة الأمنية دون مبرر قانوني، وبالتالي يعتبر هذا القانون غير دستوري، والأحكام التي تصدر وفقه باطلة بطلاناً مطلقاً، وبالتالي لا يترتب عليها أي أثر قانوني مما يستوجب إعادة النظر فيه وتكييفه وفق أحكام الدستور.
ونصت المادة 40 من الدستور على حق العمل والأجر العادل الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيّرها، وبناء عليه، تصبح كل مطالبات العمل بزيادة الرواتب والأجور لتتناسب مع الحد الأدنى للمعيشة حقاً مشروعاً وليس صدقة، وبالتالي المشروعية القانونية لكل أشكال الاحتجاج التي ينفذها العمال لنيل هذا الحق الدستوري، ولأن الدستور الأب الشرعي لكل القوانين والتشريعات وليس العكس.
كما أعطى القانون 17 الحق لأرباب العمل في تحديد مواعيد الإجازات السنوية بما يتناسب مع ضرورة استمرار الإنتاج وعدم توقفه، الأمر الذي أدى لأخذ إجازات العمال السنوية مدفوعة الأجر واقتطاعها دون وجه حق، تحديداً أثناء التوقف عن العمل بسبب ضعف الأسواق وقلة المواد الأولية التي لا ذنب للعمال بها ولا هم السبب فيها، وبالتالي أخذ حقهم القانوني في الاستفادة من إجازاتهم السنوية مدفوعة الأجر.
وبالرغم من مرور 7 سنوات على صدور الدستور الحالي، والمخالفة الدستورية الواضحة من قبل الحكومة لمضمون النص الصريح للمادة 154 من الدستور، المتضمن ضرورة تعديل التشريعات النافذة والصادرة قبل إقرار هذا الدستور خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات ميلادية، ولم تقم السلطات التشريعية بدراسة مدى دستورية قوانينها وتعديلها، وخصوصاً تلك المتعلقة بمعيشة العمال وحقوقهم، والأخطر من ذلك أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والقضاء السوري ما زالوا ينفذون مواد ذلك القانون مع أنهم يملكون الصلاحية الكاملة لرفض تنفيذها.
إن الدستور في مادته 13 يحدد أهداف السياسة الاقتصادية للدولة، هي تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة، ورفع مستوى معيشة السوريين وتأمين فرص العمل. وهنا السؤال الأهم: هل حقق القانون 17 أهداف الدستور الآنفة الذكر أم ساهم في تسريح الآلاف من العمال الذين أصبحوا بلا فرص عمل أو أجور عادلة، وبالتالي تدمير القوى المنتجة ؟!!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 905