مطالب العمال «عالوعد يا كمون»


قراءة متأنية للتقارير النقابية التي قدمت إلى المؤتمرات، نجد أن هناك العشرات من المطالب العمالية المطروحة، كانت قد طرحت في السابق البعيد والقريب، ولم تجد طريقها نحو الحل، مما استدعى أن يطرح العمال تساؤلاتهم عن جدوى حضورهم للمؤتمرات، طالما أنهم وفي كل مؤتمر تتجدد أمامهم الوعود والعهود، بأن مطالبهم قيد التنفيذ اللاحق، شرط أن تكون ظروف الحكومة مؤاتية، وخاصة ناحية الموارد؟
هذا الشرط كان يُطرح قبل الأزمة، وكان يُطلب من العمال طولة البال والصبر على الحكومة، لعل يأتيها عقل (الرحمن) وتنظر بعين «الرأفة» تجاه المطالب العمالية.


يكمن جذر المشكلة في أن الحكومة و(الحكومات)، تقوم بتسويف المطالب العمالية، الصغيرة والكبيرة، ليس هذا فقط، بل وتفرض على الطبقة العاملة تقديم التنازلات المستمرة.
بعض هذه التنازلات تمس الجوهر في المطالب والحقوق العمالية، وفي مقدمتها قضية الأجور، ابتداءً من الحد الأدنى لها، وليس انتهاءً بضرورة ربطها بالأسعار وبالحد الأدنى لمستوى المعيشة، حيث من المفترض أن يكون لدى النقابات مؤشر دائم ومتحرك للأجور، يجب ألّا تقبل بالتنازل عنه أو النزول دونه، تحت أية ضغوط يمكن أن تمارس من قبل الحكومة، سواء على الطبقة العاملة أو الحركة النقابية وقياداتها.
ما كان سائداً بالأمس، وما زال حتى اليوم، هو الاستمرار في تقديم التنازلات، طالما الوِد والشراكة ما بين الحكومة والنقابات قائماً.
الشراكة والوِد تعني :
أولاً: التوافق في المصالح الأساسية والاختلاف في الجزئيات، مع جميع الحكومات وتقديم المبررات اللازمة لها، كيما تبقى المطالب العمالية معلقة بيد الحكومات.
ثانياً: حالة التوافق هذه، والمبررة من بعض القيادات النقابية، تجعل إمكانية المواجهة بين رأس المال وقوة العمل (حكومة، أرباب عمل، عمال) غير واردة من وجهة نظرهم، وبالتالي ستبقى الأدوات النقابية هي أدوات بيروقراطية مكتبية، لا تقدم ولا تؤخر من أمر الحقوق والمطالب في شيء، وهذا ما أثبتته وقائع التسريح التعسفي للعمال، وغيرها من القضايا الأخرى التي لها الأهمية  نفسها على مستوى المطالب والحقوق العمالية.
ثالثاً: في سياق التغيرات، الاقتصادية والحقوقية، القادمة حتماً مع التغيرات السياسية، ستندفع الطبقة العاملة السورية باتجاه مبادراتها الخاصة للدفاع عن حقوقها وتحقيق مطالبها، ليس الاقتصادية والديمقراطية، بل والسياسية أيضاً.