مؤتمرات نقابية ولكن؟

بدأ انعقاد المؤتمرات النقابية منذ منتصف الشهر الأول حسب القرار المتخذ وقبلها تبدأ دوّامة التحضير لهذه المؤتمرات بجمع الوثائق والأوراق والبيانات الدالة على العمل الذي قامت به النقابات على مدار العام في المواضيع المختلفة،

والقارئ لبعض التقارير المكتوبة والموزعة من قبل النقابات يجد كمّاً لا بأس به من القضايا والمطالب التي تم طرحها في العام الذي سبق، قد جاء على ذكرها ويرددها النقابيون في مداخلاتهم التي يلقونها في مؤتمراتهم لينتهي المؤتمر كما بدأ دون نتائج أو قرارات تخرج هؤلاء النقابيين من دوامة الإعادة المستمرة لمطالبهم في نفس المكان، وأمام نفس القيادات النقابية و«السياسية» التي تسمع تلك المطالب، ولكن ماذا بعد؟ هل تحلّها المذكرات والكتب التي تُسَطَّر إلى الجهات المعنية بالحل، وهي كثيرة خلال العام، ولكن أيضاً في أحوال كثيرة لا حياة لمن تنادي، وإلا ما هو مبرر إعادتها وبح الصوت بها دون بصيص أمل بالحل لها؟
من خلال التجربة الطويلة للنقابات مع المطالب والمذكرات التي تُسَطَّر لأولي الحل والعقد في هذه الشؤون، لا بدَّ أن يكون هناك سؤال يراود الكثير من النقابيين المكررين لمطالبهم في كل المؤتمرات التي يحضرونها: أليس هناك شكل آخر تسمع به الجهات المعنية والتي بيدها حل لمطالبنا؟.
لقد تفاقمت وتكاثرت القضايا المطلبية والحقوقية للطبقة العاملة، والعمال يئنون من ألم الحاجة والعوز بسبب ضعف أجورهم وتناقص قيمتها الحقيقية، وهذا الواقع يُعّبَّر عنه بأشكال مختلفة سواء في المؤتمرات أو خارجها في المعامل وأماكن العمل الأخرى، وهي الحديث الذي لا ينقطع بين العمال دون أن يجد صدى عند غيرهم، والأنكى من هذا أن الصدى الوحيد الراجع إلى العمال هو ما تقدمه الحكومة من تبريرات لا أكثر منها، ولكنها تبقى تبريرات لا تقدم للعمال ما يغير من واقعهم المعيشي بشيء سوى مزيد من الفقر والحرمان.
إن المؤتمرات لمن يحضرها سيجدها مكاناً لاستعراض المأسي والحرمانات المختلفة التي يعاني منها العمال، أي: إنها لا تملك قرار التغيير المطلوب اتخاذه من أجل تأمين ما هو مطلوب تأمينه من أرباب العمل بما فيهم الحكومة، والسبب واضح وبَيّن، العمال لا يشكلون وزناً ضاغطاً- إلى هذه اللحظة- يغير من ميزان القوى الطبقي المختل إلى حد كبير لصالح قوى رأس المال– قوى السوق.