مجلس الاتحاد العام  هل يرسم السياسات النقابية القادمة؟

مجلس الاتحاد العام هل يرسم السياسات النقابية القادمة؟

يعقد الاتحاد العام لنقابات العمال مجلسه العام يوم الأحد والاثنين القادمين، والذي قد يكون الاجتماع الأخير في الدورة الانتخابية الحالية التي شارفت على نهايتها حيث سيجري التحضير للدورة الانتخابية الجديدة.

يقدم المكتب التنفيذي تقريره عن الفترة الواقعة بين اجتماعين، وكذلك اتحادات المحافظات، والمعتاد بهذه الاجتماعات حضور أركان الحكومة ليجيبوا عمّا يطرحه أعضاء المجلس في مداخلاتهم، والتي غالباً ما تكون مداخلات تعكس الواقع الإنتاجي في المنشآت الإنتاجية، وكذلك الواقع المعيشي للعمال وجملة المطالب والحقوق العمالية، التي يجري تدويرها من اجتماع لآخر دون إيجاد الحلول الكفيلة بتحقيق تلك المطالب تحت حجج مختلفة، تقدمها الحكومة كَردٍ على تلك المطالب، وأهمها: نقص الموارد التي أصبحت الشماعة التي تعلق الحكومة عليها رفضها وتسويفها لتحقيق جملة الحقوق العمالية، وفي مقدمتها: زيادة الأجور التي تتآكل كل يوم بسبب الارتفاع المتواصل للأسعار، بالرغم من أن التصريحات النقابية، تقول: إن معظم المطالب التي قدمت للحكومة في اجتماع المجلس السابق قد نفذت، ولكن متى وكيف؟ علمها عند المصرّحين بها والحكومة.
انعقاد المجلس العام للنقابات الآن أي: لحظة حدوث التطورات الهامة الجارية في مسار الحل السياسي للأزمة السورية، وأهم المؤشرات في هذا الخصوص، الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية، والإعلان عن انسحاب قوات العدو الأمريكي من أراضينا، وكذلك يأتي انعقاد المجلس في ظل التصعيد الحكومي تجاه المطالب الأساسية لفقراء الشعب السوري، في الغاز والكهرباء والمازوت وسعر الصرف وارتفاع الأسعار وضَعْف الأجور وفقدها لقيمتها الحقيقية، وعدم قدرتها على تلبية الحاجات الضرورية، هذا من جانب، والجانب الأخطر في اللين الحكومي مع قوى رأس المال بألوانهم وأشكالهم المختلفة، الذين باتوا قاب قوسين أو أدنى من الاستيلاء حتى على الهواء الذي هو مشاع.
إن إنعقاد المجلس في ظل كل هذه التعقيدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية يضع القوى الوطنية، ومن ضمنها الحركة النقابية أمام مسؤولياتها الوطنية تجاه الدفاع عن القضايا الأساسية لحقوق أغلبية الشعب السوري في ثروته المنهوبة، ومنها قطاع الدولة، والدفاع عن حقه في قول كلمته، أي: حرياته السياسية والديمقراطية.
إن إنعقاد المجلس هو محطة هامة للحركة النقابية والطبقة العاملة السورية، إذا ما تمكن من تقديم إجابات عن التساؤلات العديدة التي يطرحها الواقع الصعب الذي يعيشه الاقتصاد الوطني، ليس بسبب الأزمة فقط مع أهمية الصعوبات الطارئة الناجمة عن الأزمة، ولكن أيضاً بسبب سياسات مستمرة تزيد من صعوبات الوضع الاقتصادي، وتجعل من إمكانية استنهاضه عبر العملية الإنتاجية أمراً في غاية الصعوبة، لأن هوى الحكومة وأصحاب القرار ليس في الإنتاج، ولكن في اتجاهات أخرى تعزز من مركزة الثروة في أيدي قلة من السورِّيين على حساب الأغلبية الفقيرة، التي تتجسد مصلحتها الحقيقية والجذرية في توزيع عادل للثروة المنهوبة بأشكال وألوان شتى.
انعقاد المجلس هام من أجل بلورة رؤية وخطاب مختلفين تجاه السلوك الحكومي بما يتعلق بحقوق ومصلحة الطبقة العاملة، ولم يعد نافعاً للحركة النقابية الاستمرار في اعتماد مقولة نحن والحكومة في مركب واحد وشركاء، لأن مركب الحكومة يختلف عن مركب العمال، وبالتالي الاعتماد على نفس الأدوات السابقة من أجل التحصيل والدفاع عن الحقوق والمصالح لم تجد نفعاً طوال العقود المنصرمة، لا بل أوصلت الطبقة العاملة إلى حافة الجوع في الوقت الذي يستثمر الكثيرون في جوعهم، ويعتبرونهم أبطالاً، والبطولة حسب منطق هؤلاء تقتضي التحمل وشد الأحزمة إلى ما لا نهاية.
انعقاد المجلس يكتسب أهميته الآن من أجل بلورة موقف واضح وقوي من جملة مشاريع القوانين التي تتبناها الحكومة، ويجري تقديمها لمجلس الشعب لأجل إقرارها، وهي قوانين تحمل في مضمونها مخاطر جدية على الاقتصاد الوطني، مثل: قانون التشاركية، وقانون المنظمات غير الحكومية الذي يحمل في طياته تغييراً للبنى المجتمعية التي تحتاج للتغيير حقاً، ولكن ليس وفق  النهج الليبرالي الذي تعتمده الحكومة.
اجتماع المجلس أخيراً، لا بدَّ أن يعطي المؤشرات للشكل والمضمون الذي ستجري على أساسه الانتخابات النقابية القادمة، والمفترض أن تكون خارج دائرة المادة الثامنة المعمول بها حتى اللحظة.