الأهداف (المسيسة) في قانون النقابة
أديب خالد أديب خالد

الأهداف (المسيسة) في قانون النقابة

نصت المادة 17 من قانون التنظيم النقابي على حق العمال في تشكيل نقابة في أية مهنة من المهن، وحدد القانون بشكل مسبق أهداف هذه النقابة!! حيث تدخلت هنا المادة الثامنة القديمة من الدستور السوري السابق وجعلت هدف أية نقابة هو: تنفيذ برنامج حزبي بغض النظر عن الهدف الحقيقي من وراء تأسيس أية نقابة، وبالتالي باتت هذه الأهداف غير مشروعة وغير دستورية، ومحل نظر، بعد تغيير الدستور عام 2012 وإلغاء المادة الثامنة.

أهداف غير واقعية
كما يلاحظ من أهداف النقابة المنصوص عليها في القانون، أنها خصصت للعاملين في القطاع العام، وهذا كان مبرراً في تلك الفترة، حيث كان العمال في القطاع العام هم الثقل الأكبر في الطبقة العاملة، والقطاع العام هو الرائد في العملية الإنتاجية، ولكن اليوم تبدلت هذه الصورة حيث انتقل الوزن للقطاع الخاص، وبات عمال القطاع الخاص هم الثقل الأكبر في العملية الإنتاجية، وبالتالي جميع أهداف النقابة التي نص عليها القانون باتت غير واقعية، ولا تتماشى مع الأوضاع الحالية للعمال، على سبيل المثال: نأخذ ما نصت عليه الفقرة (ه) من المادة (17) التي تحدثت على أن هدف النقابة هو إدخال الأساليب التقدمية والمباراة الاشتراكية في العمل، وهم يعملون في معامل القطاع الخاص، وفي ظل نظام اقتصادي ليبرالي؟!! فعن أية اشتراكية يتحدث القانون هنا؟ ناهيك الكلام عن رفع مستوى وعي العمال المهني والطبقي والاشتراكي والقومي والإنساني، والعمال لا يرون على أرض الواقع أي اقتصاد اشتراكي، بل على العكس من ذلك المزيد من الهجوم على حقوقهم بحجة الانفتاح والليبرالية والخصخصة، ونقاباتهم ترفع شعار نحن والحكومة شركاء! ألّا تكون النقابات هنا تخالف أهدافها التي نص عليها قانون التنظيم النقابي.
حقوق النقابة الضائعة
في المادة 18نصت على تمتع النقابة بالشخصية الاعتبارية وحقها في تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة وما تحتاجه لتحقيق أغراضها، ولكنها لا تملك الاستقلالية بتقرير شكل العمل داخل التجمعات العمالية، من حيث تشكيل صناديق بطالة، أو صناديق تساعد العمال في أجورهم الضعيفة عكس قانون التنظيم النقابي في دول أخرى التي تعطي صلاحيات أوسع للنقابات بهذا الخصوص.
حق إجراء المفاوضات
كما لها الحق في إجراء المفاوضات وإبرام العقود الجماعية مع أصحاب العمل باسم العمال، ولكن في المقابل يُحرّم قانون العمل أية حقوق دستورية تعتبر وسيلة ضغط بيد النقابات على أرباب العمل، وبالتالي من أي موقع ستفاوض النقابات وهي في موقع ضعيف جداً، حيث المفاوضات ستكون بين طرفين غير متكافئين بالسلطة والنفوذ، حيث يملك أرباب العمل النفوذ السياسي والاقتصادي الذي يمكنهم من تأريض أية مطالب للنقابات في ظل تقييد النقابات ومنعها من الدفاع عن مصالح أعضائها، فحق إجراء المفاوضات والذي نص عليه قانون التنظيم النقابي تم سحبه من النقابات بطريق غير مباشر.
حق التقاضي
كما أعطى القانون النقابات حق التقاضي أمام جميع المحاكم والجهات ذات الاختصاص القضائي، بالنسبة لمصالحها وبالنسبة للمصالح الفردية والجماعية لأعضائها، أو لجميع العمال من ممارسي المهنة، ولكن جرى تمييع هذا الحق بإنشاء المحكمة العمالية لعمال القطاع الخاص، حيث تبقى الدعاوى فيها لسنين طويلة دون حل، وبالحق الذي أُعطيَ لرب العمل برفض تطبيق قرارات المحكمة وتسريح العامل من عمله وفقاً المادتين 64 و65 من قانون العمل، وفي القضاء الإداري المختص بالنظر بقضايا العمال في القطاع العام، فقد جرى- عدة مرات- تجاوز قرارات هذه المحكمة ومنع تطبيقها بقرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء، وبشكل يُعد تعدياً من صلاحيات السلطة التنفيذية على صلاحيات السلطة القضائية، وهذا ما جعل العمال يحجمون عن التوجه للقضاء لمعرفتهم المسبقة بنتائجه، وهنا جرى أيضاً سحب حق التقاضي من العمال ومن النقابات بطريقة غير مباشرة.