(بدل قانون العاملين.. أربعة)

(بدل قانون العاملين.. أربعة)

قدمت وزيرة التنمية الإدارية الدكتورة سلاف سفاف رؤية وزارة التنمية الإدارية لتطوير الوظيفة العامة، وتحديث القوانين الناظمة لها، عبر الاستعاضة عن قانون العاملين الأساسي بأربعةِ قوانين، قانون الخدمة العامة والذي يحدد نوع الوظيفة العامة، ويتضمن: نظام المراتب الوظيفية والقواعد العامة في القطاع الإداري، ومبادئ وأسس أنظمة العمل، والعاملين بالقطاع الاقتصادي، إضافة إلى تحديث سلالم الأجور والحوافز والتعويضات. وقانون إدارة الموارد البشرية من التعيين إلى التقاعد، وحقوق وواجبات العاملين الوظيفية، ومعايير تقييم الأداء الوظيفي، وقواعد التوصيف الوظيفي إضافة إلى أسس ومبادئ التدريب، وقانون التنظيم المؤسساتي، ويتضمن: إحداث الجهات العامة وقواعد التنظيم المؤسساتي، وقانون مبادئ وقيم الوظيفة العامة، وواجبات الموظف السلوكية ومسؤولياته العامة.

المشكلة ليست في القوانين
الوزارة وضعت حلولاً من وجهة نظرها، حيث رأت أن المشكلة الأساسية في القطاع العام، هي قانون العاملين الأساسي بالدولة، وقررت بموجبها ضرورة إصدار أربعة قوانين بدلاً من قانون العاملين الأساسي، ولكن الوزيرة لم تقدم شيئاً جديداً، بل جُلّ ما قامت به أنها خلطت العديد من الأمور بقانون العاملين الأساسي، وفصلت بين أبواب قانون العاملين الأساسي لتضع لكل باب قانوناً خاصاً به، بما يعقد قوانين العمل ويشعبها أكثر، ويصبح من الصعب على الموظف أو العامل الإلمام بقوانين العمل أو حتى معرفة حقوقه وواجباته بسبب وجود أربعة قوانين عمل، فمن المفترض أن تكون القوانين الخاصة بالعمال قوانين صريحة وواضحة وغير متشعبة.
لماذا فصلت الوزيرة بين العمال في القطاع العام الإداري، والقطاع العام الاقتصادي الإنتاجي، ففي النهاية هم عمال يعملون في قطاع واحد ويتقاضون نفس الأجور والرواتب، ونفس شروط وظروف العمل، فلماذا التفريق بينهم؟؟ طبعاً للقطاع العام الإنتاجي شروطه الخاصة به والتي تنظمها عادة الأنظمة الداخلية للمعامل والمنشآت، وما علاقة قانون العاملين الأساسي بهذه الشروط الخاصة؟
الفساد وفساد الأجور
وزارة التنمية الإدارية لم ترَ في مشروع الإصلاح الإداري أن المشاكل التي يعانيها القطاع العام هي بسبب الفساد الكبير الذي يدير دفة القطاع العام ويوجهه نحو مصالحه، ولم ترَ في مستوى الأجور والرواتب التي يتقاضاها الموظف العام أية مشكلة، مع أنها السبب الأساس لتسرب الموظفين من القطاع العام، وعزوف الكثيرين عن التقدم لمسابقاته، أما مشاكل القطاع العام الاقتصادي الإنتاجي فهي تعود للسياسات الاقتصادية للحكومات السورية المتعاقبة، التي فرطت بالقطاع العام الإنتاجي وأفسدته وقادته إلى الخسارة، واليوم لم تقدم الدولة أي دعم للقطاع العام الإنتاجي ولم يجرِ ضخ الأموال به بل يجري العمل على تخصيصه وبيعه تحت حجة خسارته مع أنه مُخسّر وليس خاسراً.
وبدلاً من تقسيم قوانين العمل يجب إصدار قانون عمل واحد لجميع العمال في سورية، ينص على حقوق العمال الأساسية، فهم يتقاضون نفس الأجور ويخضعون لمستوى أسعار واحد ولأن نضالهم واحد والتفريق بينهم لتشتيت أهدافهم لن يفيد في شيء، سوى إلحاق الضرر بالعمال وهضم حقوقهم.
التجميل لن يفيد
تبقى وزارة التنمية الإدارية بكل مشاريعها التي تقدمها تطرح حلولاً تجميلية للقطاع العام دون الخوض في جوهر المشكلة، ألّا وهو (الفساد والليبرالية) الثنائي الذي هدم القطاع العام، فهما السبب في تراجع القطاع العام وخسارته ومهما تغاضت الوزارة عن هذه الأسباب الجوهرية فهي ستبقى تنتقل من فشل إلى آخر، فالوزارة ومنذ إنشائها لم تقدم أي شيء على أرض الواقع، ولم يلحظ المواطن وجودها إلّا من خلال إعلاناتها في الطرقات.
وإذا كان تعديل قانون العاملين الأساسي في الدولة يُطرح منذ سنوات ولم يعدل حتى الآن، فكم ستحتاج الوزارة لإصدار أربعة قوانين بدلاً عنه؟؟