العمال سيقررون أي طريق يسلكون
المتابع للوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، حول سعي الحكومة لزيادة مواردها، يعتقد للوهلة الأولى أن الحكومة سُتقدم على خطوات حاسمة نحو أصحاب الجيوب المليئة «حيتان المال» لزيادة مواردها التي تآكلت بفعل عوامل عدة منها: الفساد، والنهب، والتهرب الضريبي المقدر بالمليارات، والهدر الكبير في الإنفاق الجاري،
والمضاربة بسعر الصرف، بالإضافة إلى ما صنعته الأزمة، وما نتج عنها من حصار اقتصادي جائر قامت به الدول الاستعمارية وأدواتها في المنطقة، من أجل الضغط بالدرجة الأولى على فقراء الشعب السوري كي يرتفع منسوب الاستياء والتذمر مما هو واقع على الأرض، بالإضافة إلى الدور الخطير المكمَل للحصار الخارجي، الذي يقوم به تجار الأزمات من احتكار للمواد الأساسية الضرورية للمعيشة اليومية، الذي تسبب بارتفاع جنوني، ويومي للأسعار، كل هذه العوامل مجتمعة، قد رسمت خارطة الحياة اليومية للفقراء المليئة بالحزن والأسى والحرمان، والجوع، والتشرد، واليأس، لتزيد الحكومة الطين بلة بتوجهاتها ومساعيها المحمومة وإصرارها على سحب آخر قرش من جيوب الفقراء، وترك الفاسدين والناهبين والمحتكرين يصولون ويجولون دون رقيب أو حسيب يقول لهم «ما أحلى الكحل في عيونكم».
السؤال عن الكحل الذي في عيون الأغنياء، يعني: السؤال عن مصدر ثرائهم الذي تراكم في السنوات السابقة للأزمة واستمر في تراكمه في ظل الأزمة ليشكل هذا الثراء غير المشروع مصدر خطر حقيقي ليس على الفقراء ومستوى معيشتهم فقط، بل على الوطن برمته شعباً وأرضاً، وهو ما يفسر إلى حد بعيد الدور الذي يقوم به حيتان المال، وقوى الفساد الكبير في الداخل والخارج لعرقلة حل الأزمة لتدوم مصالحهم المشتركة، واقتسام الكعكة كلٌّ حسب وزنه، وقربه من المشاريع التي يطرحها أعداء الشعب السوري كحلٍ لها، ولو كان ذلك على حساب الدم والوطن السوري الذي نزف لسنوات.
إن الحل السياسي الضامن لوحدة الوطن أرضاً وشعباً، هو ما ينشده الشعب السوري بأغلبيته الساحقة هذا أولاً.
ثانياً: الحل السياسي سيفتح الطريق واسعاً من أجل سورية الجديدة، التي لابد أن يكون للفقراء ومنهم الطبقة العاملة السورية الوزن الأساس المفترض أن يقرِّروا فيه أيّ اقتصاد يريد الشعب، وأية حريات سياسية وديمقراطية ينشد، لتمكنهم من خوض معركتهم الوطنية والطبقية في مواجهة قوى الفساد الكبير، من أجل بناء سورية المتطورة والمقاومة، والعادلة في توزيع ثروتها لمصلحة فقرائها.