نحنا وين والحكومة وين
إذا جمعنا التصريحات التي يدلي بها أركان الحكومة الذين لهم علاقة بشأن حاجات الناس ومتطلباتهم، لوجدنا أنها تحتاج «ملزمات» حسب قول أهل الخبرة بالطباعة، وتلك التصريحات النارية بشأن ضبط الأسعار وتخصيص فرق من الجوالة لمراقبتها والتأكد من حسن سير التوجيهات المعطاة بإغلاق ومخالفة محال البيع التي تبيع بأسعار مرتفعة، ومواصفات متدنية وتبيع البضائع المهربة.
إن تلك الوعود والتصريحات على كثرتها لم يعد المواطن يصدقها، ومع هذا جميعها ذهبت أدراج الرياح، ولا علاقة لها بالواقع الذي يعيشه العباد، ويؤشر إلى استمرار تردي أوضاعهم المعيشية، وإلى عدم قدرتهم على تأمين ولو جزء أساسي من تلك الحاجات، خاصةً وأن تلاحق المواسم «عيد ومدارس ومونة» جميعها أمور تحتاج إلى تدبير، ولا يمكن تأجيلها، والحكومة أوجدت تدبيراً مجتزءاً من خلال قرض القرطاسية للعاملين في الدولة فقط، مع العلم أن هذا القرض القرطاسي لا يفي ولا يغطي المستلزمات المطلوبة مدرسياً، وهذا عكس ما صرح به الوزراء في اجتماع مجلس النقابات، بأن القرض المنوي تقديمه يكفي مستلزمات لخمسة طلاب من عائلة واحده، ولكن ما الحل أمام جميع المعترين والمغلوب على أمرهم في حل أمورهم تلك، وهم الأغلبية الذين لا يعملون في مؤسسات الدولة؟ في الغالب يتم خَصْورة الكثير من الحاجات الضرورية على أهميتها لصالح أمور أخرى أكثر أهمية بالنسبة لهم ولأطفالهم ومنها: تأمين المستلزمات المدرسية، يعني على طريقة «بدنا ندبر حالنا لحتى الله يفرجها» ومتى يأتي الفرج؟ والمراد به، تحسن أوضاع الناس وخروجهم من هذه الحالة التى أوصلتهم لها سياسات لعبت دوراً أساسياً في إفقارهم، ولعبت دوراً متميزاً في اغتناء القلة القليلة، التي راكمت ثرواتها من ثروات البلاد ولقمة العباد التي هي حق لهم وحُرِّمت عليهم.
الدراسات الصادرة حول الوضع المعيشي كلها تؤكد: أن الأجور التي وعدت الحكومة بزيادتها مراراً وتكراراً وقدمت اقتراحاتها بهذا الخصوص التي كسابقاتها أي: الزيادات على الأجور ستكون من جيوبنا ولقمة أطفالنا.
تحتاج الأجور إلى زيادة بمقدار ستة أو سبعة أضعاف الأجور الحالية، ولكن أصحاب الحل والعقد في هذا الشأن يؤكدون المرة تلو الأخرى: ألّا زيادة على الأجور إن لم تتوفر موارد للزيادة، وهذه الزيادة إن تمت ستكون مضرة بالاقتصاد، فكيف ستستقيم أمور الناس إذاً؟ ومنهم العمال مع القول: أنّ الحكومة تسعى لتحسين الوضع المعيشي وأجورهم لا تسد الرمق.
الحكومة تلعب معنا لعبة البيضة والدجاجة أيهما أسبق؟ مع أن الأمور واضحة، الموارد الحقيقية في جيوب من سرقها ونهبها، والأخذ من هذه الجيوب فيه ثواب وأجر عند الشعب، الذي غالبيته فقير الذي فقره جاء من ذاك النهب، هل وصلت الفكرة عزيزتنا الحكومة؟
اتحاد عمال دمشق أشار إلى ما نتحدث عنه على صفحته الرسمية قائلاً :« تثبت المؤشرات الاقتصادية للأسرة السورية المنكوبة بشتى أنواع وأشكال المحن، حالة دخول أحوال الناس المعيشية مرحلة حرجة، ترفع الغطاء عن حقيقة تذبذب الأداء الحكومي، وبطء استجابته لمتطلبات الواقع الحياتي المحاصر بشتى التحديات، حيث مازال شريان الوعود ينزف بالكثير من الانفراجات العابرة من بوابة السراب، التي لم يصل نعيمها الافتراضي إلى المواطن».
إن القول وحده لن يوصل الناس إلى حقوقهم، وقد طفح كيلهم بما يسمعونهُ فهل يفعلونها من أجل حقوقهم ويقولون: كفى لجوعنا وفقرنا؟ ...سنعيش ونرى!