اعتراف الحكومة لم يفاجئ أحداً
«اسحبوا هذا اللقب» منا هذا كان جواب الحكومة على إحدى المداخلات في اجتماع مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال مع الحكومة، حيث قال أحد المداخلين ( قلنالكم أنتو حكومة العمال والفلاحين بس ما في شي للعمال والفلاحين)، طبعا رد الحكومة لم يفاجئنا لأن سياسات الحكومة الاقتصادية المبنية على الليبرالية لن تكون منحازة للعمال وللفلاحين، بل على العكس تماماً ستكون بالضد من مصالح هؤلاء، ولكن اعتراف الحكومة أمام مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال يفتح الباب على مصراعيه، على عدة أمور، أهمها: هل ستبقى النقابات ترفع شعار نحن والحكومة شركاء في ظل اعتراف الحكومة بأنها ليست حكومة عمال وفلاحين؟ وهل ستتجه نحو استخدام الأساليب النضالية في تحصيل حقوق العمال؟ وإذا بقيت النقابات ترفع شعار نحن والحكومة شركاء فما هو موقف العمال من هذه النقابات؟
الاعتراف سيد الأدلة
اعتراف الحكومة هذا ربما قصدت منه التهرب من أغلب المداخلات التي ركزت على الوضع المعيشي للعمال وزيادة الأجور، ولكنه أوقعها في فخ اعترافها أنها بسياساتها الاقتصادية ترتكب مخالفة صريحة لمبادئ الدستور الذي نص على العدالة الاجتماعية، وضرورة ربط الأجور بالأسعار وحماية قوة العمل، والحفاظ على القطاع العام وإدارته لحساب مجموع الشعب، وهو ما يعني: المحافظة عليه وعدم السماح للحكومة بالتفريط به تحت أي ظرف كان.
اتباع الأساليب النضالية هو الحل
إذا كانت الحكومة اليوم تعترف بمخالفتها للدستور ولا تملك أجوبة على المداخلات التي تتعلق بالوضع المعيشي للعامل، وأغلب لقاءات الحكومة مع النقابات تُمنى بفشل ذريع، ما معناه اعتراف بفشل شعار (نحن والحكومة شركاء) الذي يتبناه البعض، فلابد للطبقة العاملة أن تلجأ إلى الأساليب النضالية والتي كفلها الدستور لنيل حقوقها، في ظل تعنت الحكومة ورفضها الصريح لتطبيق الدستور ورفع المستوى المعيشي للعامل وحماية قوة العمل، وهذا الحل الوحيد للطبقة العاملة لنيل حقوقها، ولم تنل الطبقة العاملة عبر تاريخها الطويل أي حق من حقوقها إلّا باتباع الأساليب النضالية السلمية ومنها: الإضراب الذي وحده سيقنع الحكومة بالسماع إلى مطالبهم بشكل جدي وغير ذلك بات طبخة بحص لا فائدة منه، ولو كانت الحكومة تعرف بأن الطبقة العاملة تملك تلك الأساليب التي تستطيع من خلالها فرض رؤيتها لما استطاعت أن تنال من حقوق العمال طوال هذه السنوات.
جميع هذه اللقاءات مع النقابات لا فائدة منها، حيث لا يسمع العمال من الحكومة سوى بعض الشعارات والأعذار الحكومية الخلبية، واللقاءات مع الحكومة ووزرائها كلقاء شيخ واعظ مع مريديه يملي عليهم نفس الدرس سنويا متحدثاً عن الصبر والتحمل وثوابهما في الآخرة، بعكس ما نراه في اجتماعات الحكومة مع منظمات أصحاب العمل، حيث يختفي الشيخ الواعظ ويظهر سوبرمان قادر على عمل أي شيء تطلبه منظمات أصحاب العمل منه حيث نرى السخاء الحكومي بكل أشكاله واستعدادات حكومية لتوفير الإمكانات المالية والقانونية وغير ذلك لتأمين مصالح قوى رأس المال لزيادة أرباحهم.
خدمة الوطن
حكرٌ على الفقراء فقط
مع كل هذا، الحكومة لا تتذكر الطبقة العاملة والعمال إلا وقت الدفاع عن الوطن، ولأنها تعرف أن العمال وحدهم لن يتأخروا عن هذا الواجب، ولكن نرى الحكومة تطلب من عمالها فقط أن يقدموا أرواحهم في سبيل الدفاع عن الوطن، في حين لم نسمع أو نقرأ أنها طلبت من منظمات أصحاب العمل أن تطلب من تجارها ومن منتسبيها أن يرسلوا أبناءهم إلى الخدمة العسكرية، أو تفرض عقوبات على التجار ممن هرب أولاده خارج البلد هرباً من خدمة الوطن!!
على كل حال اعتراف الحكومة لم يفاجئ أحداً فنحن نعرف مصالح من تمثل الحكومة، ولكنها وضعت من يرفعون شعاراً: نحن والحكومة شركاء في موقف حرج لا يحسدون عليه، نتمنى أن يتراجعوا عنه ليعيدوا ثقة الطبقة العاملة إلى النقابات كجهة مدافعة عن حقوقهم.