بصراحة: إصلاح الدستور.. وحقوق العمال
مؤتمر سوتشي الذي عقد مؤخراً، كان من ضمن النقاط الرئيسية التي اتخذ فيها قرار تشكيل لجنة من أجل إصلاح الدستور، بخطوطه العريضة، وقد يصل الأمر إلى تغييره كلياً وإعادة كتابته من جديد بما يحقق ممارسة الشعب السوري لسلطته الحقيقية
ليس هذا فحسب، بل الأمر المفترض أيضاً هو: الأدوات التي ستمكن الشعب من ممارسة سلطته، عبر الرقابة المباشرة على جهاز الدولة، والانتخابات بمختلف أنواعها، وقدرته على إيصال ممثليه الفعليين دون وصاية من أحد، وخاصة التدخل الذي يمارسه جهاز الدولة، والمال السياسي، بالإضافة لممارسة حقه في التعبير والتظاهر والإضراب السلمي، والنشاط السياسي المنصوص عليها دستورياً، ولكن المحرمة على الشعب والطبقة العاملة حالياً بفعل قانون العطالة الذي تقوم به المادة الثامنة من الدستور القديم، ما قبل دستور 2012.
لقد جرى إقرار العديد من قوانين العمل، التي أظهرت الممارسة العملية انحيازها لصالح أرباب العمل، سواء كانت الحكومة، كرب عمل أو القطاع الخاص، وتم تمريرها في مجلس الشعب، بالرغم من أن خمسين بالمائة من أعضائه هم عمال وفلاحون، كما ينص الدستور الحالي، ومع هذا التمثيل جاءت القوانين بخلاف مصلحة العمال والفلاحين.
المادة العاشرة من الدستور تنص على ضمان الدولة لاستقلالية المنظمات الشعبية والنقابات المهنية، ولكن ما يجري في الحقيقية، هو: خرق للدستور وتجاوز لمبادئه السياسية، التي جاءت في مقدمته، وما نعنيه هنا كيف يجري التدخل المباشر في إقرار شكل الانتخابات النقابية، ومضمونها، لتأخذ شكل التعيين، وهذا مخالف لقانون التنظيم النقابي 84 ومخالف للدستور حسب المادة العاشرة منه.
المادة أربعون تقول:«لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده، على أن لا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات المعيشة» وتغيرها. وأريد أن أسأل هنا: هل يكفي الحد الأدنى للأجور«16750 ل س» الحالي لمتطلبات المعيشة وتغيرها؟
المادة 44: «للمواطنين حق الاجتماع والتظاهر سلمياً، والإضراب عن العمل في إطار مبادئ الدستور، وينظم القانون ممارسة هذه الحقوق».
يحرم على الطبقة العاملة وغيرها ممارسة هذا الحق الدستوري، كطريقة من طرق الدفاع عن مصالحها وحقوقها، مع العلم أن قوى الرأس مال تمارس حريتها المطلقة في استغلال ونهب حقوق الطبقة العاملة، وفي مقلب آخر تمتنع النقابات عن تبني ما هو مشرع دستورياً، نتيجة سريان مفعول المادة الثامنة القديمة، وتصبح الطبقة العاملة فاقدة لأهم أسلحتها المشروعة في الدفاع عن مصالحها.
ما نود أن نقوله في هذه العجالة: إن ذكرنا لبعض مواد الدستور التي هي قياساً بالسابق متقدمة عنه، ولكن هذا شرط غير كافٍ ولا يغير من واقع الحال شيئاً مهما كانت النصوص جميلة، إن لم يرافقها ما يُمكّن الشعب ومنه الطبقة العاملة من تحقيق سلطتها، ومنها مستوى حرياتها السياسية والديمقراطية الفاقدة لها منذ عقود طويلة، فهل سيتذكرون تلك الجموع الغفيرة في إصلاحهم للدستور؟