نقاش في قانون التنظيم النقابي!
نبيل عبد الفتاح نبيل عبد الفتاح

نقاش في قانون التنظيم النقابي!

البدء في نقاش قانون التنظيم النقابي يشارك فيه العمال على نطاق واسع بات ضرورة عملية ميدانية تستدعي النقابين كلهم والقوى كلها التي تؤكد في برامجها ومواقفها انحيازها وارتباطها بالطبقة العاملة، وتؤمن بالتغير الجذري لصالح الطبقة العاملة.

 قبل الخوض في هذا النقاش المتعلق بقانون التنظيم النقابي، لا بد من إعطاء بعض الإشارات فيما يتعلق بالطبقة العاملة ونضالها النقابي. فالنقاش يجب الانطلاق فيه من المصالح الحقيقية وقوانين الصراع الطبقي، الذي تخوضه الطبقة العاملة ضد مستغليها، وكيف سينعكس مضمون قانون التنظيم النقابي على آليات النضال النقابي والعمالي؟
إن مصدر فقر الطبقة العاملة، والمضطهدين كافة، ينبع من أصل الشر في جوهر الاستغلال الذي تعبر عنه السياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة، وعبر أشكال توزيع الثروة، وليس فقط من الاعتداء على حقوق العمال.    
عندما عرفت الطبقة العاملة القيمة، عرفت أن العمل هو العنصر الأساسي في العملية الإنتاجية. فالعمال لا يملكون سوى بيع قوة عملهم مقابل الأجر الذي يحدده أرباب العمل، وهم يناضلون دائماً لكي تكون هذه الأجور كافية لتلبية متطلبات معيشتهم وتحسينها. فكان الصراع بين العمال وأرباب العمل الذين يستثمرون العمال لزيادة ثرواتهم من خلال استغلال قوة العمل.
لقد عرف العمال أشكالاً عديدةً لهذا الصراع مع رأس المال، منها: الاحتجاج والاعتصام والإضراب. واستطاع العمال تشكيل التنظيم النقابي الخاص بهم، فالنقابات هي منظمات العمال الجماهيرية الطبقية التي تجمع العمال باختلاف أجناسهم وانتمآتهم، دون أي تمييز. بهدف الدفاع عن مصالح العمال وتحقيق مطالبهم والتعبير عن إرادتهم. إضافة إلى التعلّم وتعليم العمال النضال والتضامن الطبقي.
لقد بين التاريخ النقابي العمالي: أن نقابات العمال الحقيقية والأقوى، هي تلك التي أنتجتها الإضرابات العمالية، وأن الانتصارات التي حققتها النقابات كانت دائماً مرتبطة بقدرتها على استخدام أدوات نضالها الأخرى أيضاً من اعتصامات واحتجاج ومظاهرات. وتزداد قوة النقابات كلما حافظت على العناصر التالية: الاستقلالية، والديمقراطية، والجماهيرية. والاستقلالية تعني: استقلالية النقابات عن جهاز الدولة وأصحاب العمل والأحزاب، وحمايتها من التدخل في شؤونها، وهي الضمانة لسير نضالها الطبقي، أي: أن تكون النقابات معّبراً حقيقياً عن مصالح العمال بعيداً عن أي نفوذ معادٍ للعمال. وبالتالي، من حقها وضع قانونها وأنظمتها الداخلية انطلاقاً من الهيئة العامة (القواعد العمالية) التي وحدها تملك القرار في انتخاب ممثليها وقيادتها دون وصاية أو شرط مسبق. فالهيئة العامة هي صاحبة السلطة الأساسية في التنظيم النقابي، من خلال مؤتمرات الهيئة العامة في كل تجمع عمالي. وبالتالي، أول مسألة لابد أن تكون واضحة في الفاتون هي: صلاحية الهيئة العامة (القواعد العمالية) وحقها في انتخاب ممثليها (اللجنة النقابية) بكل حرية، وليس بطريقة القائمة المغلقة، التي باتت تبعد العمال عن التنظيم النقابي، وكذلك حقها في سحب الثقة من هذه اللجنة أو بعض أعضائها، وبغض النظر في أية هيئة أخرى أعلى أن وجدوا، لابدّ للمؤتمرات السنوية أن تبدأ من الهيئة العامة، وهي التي تبحث بالقضايا كلها الخاصة منها، والعامة، وتعيد تقييم أداء ممثليها في الهيئات العليا مما يجعلهم أكثر قدرة وصلابة في الدفاع عن حقوق العمال، وأكثر معرفة باستخدام أدوات نضال العمال المختلفة. والمسألة الأهم: يجب أن يناقش القواعد العمالية قوانينها كافة وإبداء ملاحظاتها فيه، وأخذها بعين الاعتبار، فأصحاب الحق أدرى بحقوقهم، وهم المعنيون بهذا القانون في البداية والنهاية.
 منذ صدور المرسوم التشريعي رقم 84 الناظم للعمل النقابي، والذي تم تعديله أكثر من ست مرات، لم يكن للعمال دور واضح فيه، والتعديلات كلها التي مرت عليه كانت تفرض من خارج الطبقة العاملة، مما جعل هوة تفصل بين التنظيم النقابي والقواعد العمالية، وتتضح أكثر فأكثر كلما ازداد الوضع المعيشي للعمال سوءاً، بسبب درجة النهب العالية التي تتعرض لها أجورهم وحقوقهم.   

معلومات إضافية

العدد رقم:
835