الشركة العامة للبناء... مجرد تساؤلات؟
عمر السويداني عمر السويداني

الشركة العامة للبناء... مجرد تساؤلات؟

يصرح المسؤولون كثيراً حول جاهزية الشركات العامة لعملية إعادة الإعمار وهذا على لسان أحد الوزراء،ولكن وعلى أهمية الموضوع حول أن تكون الشركات التابعة للقطاع العام لها الدور الأكبر في إعادة الإعمار ،فإن واقع هذه الشركات يشير إلى عدم جاهزية هذه الشركات وأنه كل ما يقال حول وضع الخطط بهذا الخصوص هي مجرد حبر على ورق، فلا يوجد أي توجه نحو تجهيز هذه الشركات.

الشركة العامة للبناء والتعمير هي إحدى الشركات التابعة لوزارة الأشغال العامة والتي يجب أن تكون واحدة من الشركات المساهمة في إعادة الإعمار على الأقل، استناداً إلى تاريخها في المشاريع التي نفذتها وخبرة كوادرها التي تستنزف يوما بعد يوم .

الوقائع شيء آخر

الواقع يقول إن الشركة غير جاهزة ،هذا ما يقوله عمالها ومهندسوها والإجراءات المتخذة لا تكفي، وأحيانا قد تؤدي إلى دور سلبي. فمنذ بداية العام صدر قرار بدمج الأفرع في المحافظات حيث أصبح للشركة ستة أفرع هي (دمشق،المنطقة الجنوبية،المنطقة الوسطى،المنطقة الشمالية،المنطقة الشرقية،المنطقة الساحلية) هذه الخطوة تمت لتخفيف عدد الإداريين بنقلهم إلى قطاعات أخرى، وبالتالي التخفيف من كتلة الرواتب وتحميل رواتب الأفرع التي لا تنتج حالياً في ظل الأزمة والأوضاع الأمنية على الأفرع التي تنتج خصوصاً بعد القرار الذي صدر من رئاسة مجلس الوزراء باعتماد الشركات الإنتاجية على رواتبها من الإنتاج الذاتي.

الذي يجرب المجرب ....

أحد المهندسين قال: إن هذه الخطوة يمكن أن تعمل مرونة بأداء الشركة ولكن تاريخ هذه الشركة بالذات حافل بعمليات الدمج فالشركة العامة للبناء والتعمير هي ناتج دمج ثمانية شركات منذ الثمانينات حتى الآن، وكل عملية دمج كانت تؤدي إلى الرجوع بالعمل إلى الوراء وكل القائمين على العمل يدركون ذلك.فيجب أن تكون عمليات الدمج وإن كان الغرض من ذلك الإصلاح الهيكلي بالإدارة مدروسة بحيث تحفز العمل وليس الرجوع إلى الوراء، فكان من الممكن فتح جبهات عمل جديدة، وتوسيع القوى المنتجة من عمال وآليات وإزالة الفساد الكبير المتجذر في الشركة عندها من الممكن أن تفيد عمليات الدمج.

وإذا كانت الشركات التابعة لوزارة الأشغال العامة هي ناتج لتقسيم العمل بعد النمو الإقتصادي الذي حصل في سوريا في مطلع السبيعينيات، والناجم عن تدفق المال الخليجي ضمن سياسات التضامن العربي، وبسبب التراجع في النمو بعد هذه الفترة، بدأت سياسات الدمج المعاكسة لعملية تقسيم العمل والتي كانت تؤدي إلى تعطيل عمل هذه الشركات، والتأثير عليها بشكل سلبي، وما ترافق عليها من عمليات فساد أدت بهذه الشركات والشركة العامة للبناء واحدة منها إلى حالتها الراهنة.

عامل يصرح...

أحد العمال قال لنا: إذا نظرت إلى الآليات يمكن أن تقدر ما هي المشكلة،فأحدث آلية موجودة الآن موديل الثمانينات من آلات حفر ونقل وسيارات (إلا سيارات المدراء) والتي هي سيارات حديثة(موديل سنتا).والفكرة أنهم غير عاجزين عن تحديث الآليات، ولكن الآليات القديمة هي مصدر رزق من خلال الأعطال الكثيرة التي تتعطل والفواتير المرفوعة لتصليحها، والممكن من هذه الفواتير فقط شراء آليات حديثة.بالإضافة أن معظم العمال كبار بالسن، وأعمال البناء تحتاج إلى جهد عضلي وبالتالي لابد من فتح فرص العمل لليد العاملة الشابة للعمل وخصوصاً في ظل الوضع الحالي، ووضع إعادة الإعمار لاحقاً.

وقال أيضاً: يتهمون العمال بأنهم لا يعملون، وكيف من الممكن أن نعمل ضمن الراتب الحالي، الذي لا يكفينا أجار طريق، أو ربطة خبز، وبالمقابل لا يوجد هناك أية مكافئة أو تحفيز، يدفعك إلى لعمل فالمكافئات محصورة بقلة قليلة.

وإذا رغبت أن تأخذ قرضاً من الدولة عبر المصارف التابعة لها، وعندما يعرفون أنك من الشركة للعامة للبناء والتعمير، لا يقدمون لك القرض والسبب بذلك أن الإدارة المالية بالشركة تقوم بخصم من راتب العامل المقترض شهرياً، ولكن لا تقوم بالتسديد لهذه المصارف لينصدم العمال بعد فترة بتراكم المبلغ المقرر عليهم..والسؤال أين تذهب هذه الأموال فلا تكفيهم أموالهم التي ينهبونها عبر عمليات الفساد، ليأخذوا من أجور العمال.

وعند سؤاله عن الطبابة والتامين الصحي قال: إن «كل الدولة مشمولة بالتامين الصحي » إلا في شركتنا لا يوجد تأمين ولا يوجد أي مشفى يستقبل العمال كون الشركة لا تدفع، ولا يوجد وصل لباس، فقطاعات الدولة كافةً تأخذ وصلاً كل ستة أشهر.

هذا واقعنا، فكيف من الممكن أن تكون شركتنا مساهمة بإعادة الإعمار، تساءل هذا العامل ونحن بدورنا نتساءل هل من الممكن ضمن هذا الواقع أن نكون جاهزين لإعادة الإعمار؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
819