الحكومة... لا رواتب «للعمالة الفائضة»؟

الحكومة... لا رواتب «للعمالة الفائضة»؟

العمالة الفائضة مصطلح جديد تتداوله الحكومة في تصريحاتها وتقاريرها والمقصود به: العمال في الشركات والمعامل التي لا توجد لديها الموارد المالية الذاتية الكافية لتدفع أجور عمالها فتدفع وزارة المالية لهم رواتبهم بسبب توقف تلك الشركات والمعامل عن العمل.

إما لأن البعض منها قد تعرض لأضرار كبيرة لوقوعها في مجال المعارك العسكرية، أو لأنها مخسرة، ولم يعد لديها «حيل» على الإنتاج لتخلف خطوطها الإنتاجية وقدمها، أو لعدم وجود مستلزمات دوران عجلة الانتاج من مواد أولية ومشتقات نفطية وطاقة كهربائية وغيرها من المستلزمات الضرورية لعملية الإنتاج، وهذا أدى إلى توقف العمال عن العمل خارج إرادتهم ومصلحتهم، لأن الأساس هو العمل بالنسبة لهم كونه مصدر رزقهم الأول، والإنتاج يعني حوافز إنتاجية، ما يعني تحسيناً لجزء من حاجاتهم وعندما يتعطلون عن العمل يفقدون ما هم بحاجة إليه ليساعدهم على سد الرمق.
تصريحات... تصريحات!
وزارة المالية ومن خلال تصريحها الأخير، تبشر هؤلاء العمال أنها لن تدفع لهم أجورهم بعد الآن من قبلها والبالغة 345 مليون ليرة سورية، والعمال عددهم 4596 عاملاً موزعين على قطاعات مختلفة أهمها قطاع الصناعات النسيجية يليه قطاع الصناعات الكيميائية.
الشركات تدبر راسها
سبق لوزارة المالية أن أصدرت قراراً سابقاً بهذا الخصوص في نهاية العام المنصرم طالبةً من الشركات أن تدبر رأسها، وتعتمد على مصادرها في دفع أجور عمالها، والإنذار السابق كان محدداً له بداية العام الحالي كي ما تنفذه والآن يبدو أن الأمور نضجت أكثر للتنفيذ تحت حجة أن الموارد شحيحة، ولا قدرة للحكومة على استمرار تحمل تبعات الأجور «عالية » التكاليف عليها، والحل يكون على حساب الحلقة الأضعف أي: العمال الذين لا حول ولا قوة لهم في الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، والتي تستباح على عينك يا تاجر وكأن العمال هم أصحاب الحل والعقد في تشغيل معاملهم أو أنهم أصحاب قرارٍ في تأمين مستلزمات إنتاجهم، وبالتالي كأنهم من يتحمل مسؤولية ما جرى وما يجري الآن في شركاتهم، وعقوبتهم تكون بحرمانهم من أجورهم التي تعلم الحكومة تمام العلم أن شركاتهم وصلت إلى ما وصلت إليه بسبب سياساتها الاقتصادية والإدارية التي مكنت قوى الفساد من أن تعيث فساداً ونهباً، والعمال من هذا براء حتماً.
افتراق الواقع عن القول!
إن واقع المعامل من خلال التقارير المقدمة يدل على عدم وجود عمالة «فائضة»، والإعلانات التي تنشرها الشركات الإنتاجية، والتي تطلب فيها عمالاً للعمل بسبب النقص الحاد بعدد العمال اللازمين للإنتاج تؤكد بطلان المصطلح، هذا من جانب ومن جانب آخر كيف ستؤمن بعض الشركات وخاصةً الشركات الإنشائية منها جبهات عمل، وهي مقيدة بعشرات القيود التي تمنع عليها ذلك، إلا من خلال ما تقدمه الحكومة لها من جبهات عمل ضمن مشاريع لقطاع الدولة لتتمكن من أن تقوم بواجبها المالي تجاه عمالها دون حاجة وزارة المالية.
شركات مُخسَّرة والأفق مسدود!
يبدو من خلال التصاريح المختلفة لأركان الحكومة حول العمالة، وحول واقع الشركات التي قسمتها وزارة الصناعة إلى ثلاثة أقسام وفق تقريرها المعد والمقدم لرئاسة الحكومة، والذي جاء فيه أن هناك:
47 شركة خاسرة لا جدوى من تشغيلها.
24 شركة بحاجة إلى تطوير.
121 شركة يمكن تشغيلها ونقلها إلى الربح.
ويضيف التقرير أن هناك 20 شركة رابحة.
إن تلك التصاريح وإن اختلفت مصادرها فهي تعبر عن توجهات واحدة تجاه قطاع الدولة الإنتاجي وعمال هذا القطاع، أي: إنه قطاع قد انتهت «صلاحية عمله» المفترضة من وجهة النظر الحكومية، ولا بد من إيجاد تلك المخارج التي تريح الحكومة من أعبائه، وتبعات تلك الأعباء، لم لا؟ والقوانين أصبحت جاهزة للعمل بها ولكن هل ستمر هذه السياسات؟ سنعيش ونرى.
الحكومة تعلم تمام العلم أن شركاتهم وصلت إلى ما وصلت إليه بسبب سياساتها الاقتصادية والإدارية التي مكنت قوى الفساد من أن تعيث فساداً ونهباً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
813