ما يجب أن ندركه اليوم..
الطبقة العاملة السورية لا تنطلق بتقييمها للأمور من منطلق ذاتي بل من منطلق موضوعي. فتقييم عمل حركتنا النقابية من قبل عمالنا قضية هامة يجب أن لا نتحسس منها، لأن الطبقة العاملة تقوى بقوة حركتها وتضعف بضعفها،و هي تدرك أن الحركة النقابية تلعب دوراً هاماً في الدفاع عن حقوقها، ونعرف أن الظروف الموضوعية تتطلب في مرحلة من المراحل الانطلاق من المصلحة الوطنية على حساب المصلحة الطبقية، فالحفاظ على الاستقلال الوطني هو من أهم أركان العمل النقابي في بلادنا، فالحركة النقابية نشأت على أرضية النضال الوطني ولعبت دوراً هاماً في النضال ضد الاستعمار بكل أشكاله السياسية والاقتصادية.
وعندما ينتقد عمالنا هذه القضية أو تلك فهم لا يضعون في حسبانهم مواقف الأعداء الطبقيين المتربصين بحركتنا والذين يريدون استغلال مثل هذه الانتقادات للنيل من سمعة حركتنا النقابية.
إن قوة أي تنظيم تنبع من قوة قبوله للانتقادات التي غايتها تطويره والانطلاق به إلى الأمام، فالحركة النقابية ليست بحاجة لمداحين يعيشون على حسابها لاستغلال مواقعهم النقابية للإساءة لتاريخ هذه الحركة. فالفاسدون والمفسدون لا تخشى الحركة النقابية من تقييمهم وهي تعرفهم جيداً وعمالنا يعرفونهم بشكل جيد.
إننا لا نخجل من مواقفنا في الحركة النقابية ولا نخجل من الدور الذي لعبته والذي ستلعبه هذه الحركة مستقبلاً، فعلى الصعيد الوطني كان للحركة النقابية دور هام في الوقوف بوجه المخططات الإمبريالية والصهيونية التي كانت تهدف إلى إركاعنا منذ الاستقلال حتى الآن.
وعلى الصعيد الاقتصادي فللحركة النقابية دور هام في دراسة الواقع الاقتصادي والتنبيه للمخاطر التي يتعرض لها. فبدءاً من مؤتمر الإبداع الوطني إلى العديد من المذكرات التي رفعت إلى الجهات الوصائية والتي عملت على معالجة الوضع الاقتصادي ووضع التصورات والحلول له، إلا أن هذه المذكرات كانت تصطدم باللامبالاة من الجهات التنفيذية. إن الدفاع عن القطاع العام وحمايته والوقوف بوجه الخصخصة سمة من سمات حركتنا النقابية ليس على المستوى الداخلي بل على المستوى العربي والعالمي.
أما على الصعيد الاجتماعي فقد قدمت الحركة النقابية عبر شبكة المستوصفات العمالية خدمات كبيرة ليس للعمال فقط، بل لكل المواطنين وبأسعار رمزية وكانت تغطي تقصير الحكومة في هذا المجال وكذلك الحال بالنسبة لدور الحضانة والجمعيات الاستهلاكية التي لعبت دوراً هاماً في التخفيف من معاناة العمال الاقتصادية والاجتماعية. إلا أننا عندما طرحنا قضية استقلالية الحركة النقابية كنا ندرك بأن هناك مهمات ينبغي على الحركة النقابية مواجهتها في المرحلة المقبلة، وهناك استحقاقات لابد من تقديمها لعمالنا، فقوى السوء التي تعمل على تفتيت القوى السياسة في البلاد لم ينته دورها بل ستعمل على تفتيت الحركة النقابية من خلال مواقع ستصل إليها مستغلة وجودها ومراكزها في المواقع السياسية والتي ستكون منافذها إلى داخل الحركة النقابية من أجل إضعافها والنيل منها ومن ثم تفتيتها كما فتتت أحزابها سعياً لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب مصالح الحركة والوطن بشكل خاص، ومن هذا المنطلق قلنا بأن تقييم الكادرات النقابية بعيداً عن مبدأ الكوتا والمحاصصة قضية هامة، إلا أن البعض اعتبر ذلك تدخلاً في الشؤون الخاصة ولكن الحركة النقابية ملك لعمال سورية وليست حصراً على قوى سياسية محددة.. ولهذا فتقييم الكادر موضوعياً ضرورة تتطلبها المرحلة المقبلة. بكل ما تحمله من أخطار على البلاد. فالكادر يجب أن يحمل الحركة النقابية لا أن يعيش على حسابها..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 181