وزارة العمل... ضدُّ العمل!!

قد نتفهم -ولا نقبل- محاولة إدارات الشركات الخاصة ابتلاع حقوق العمال، لحرصها على مصالحها الخاصة وأرباحها، لكن أن تقف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وعلى رأسها الوزيرة، لأجل مصلحة شركة خاصة، ضدّ حقوق العمال التي حصلوا عليها بحكم قضائي مبرم، فهذا ما لا يمكن تفسيره إلاّ بأن وراء الأكمة ما وراءها، وهذا يتطلّب وقفة جدية، والتساؤل: أين مكمن الفساد؟؟

ملخص القضية أن ثلاثة عمال، هم: خالد تيسير الأحمد، ويوسف الغضبان، وحسين موسى الأحمد، يعملون في شركة «إم بي للحفر عبر البحار» (شركة نفطية) موقع دير الزور، طُردوا تعسفياً من الشركة، ووفقاً للقانون استحقوا الحصول على 80% من أجورهم.
وفي 22/3/2003 صدر عن وزيرة العمل السابقة غادة الجابي الكتاب رقم ع/2/3220 الذي يحدد شروط وقف أجور العمال المُسرَّحين:
1- وقف أجور العمال يتمُّ عن طريق رئيس لجنة تسريح العمال.
2- كما يجب على صاحب العمل أن يثبت انتهاء عقد العمل للحفّارة، وتقديم براءة ذمة من التأمينات الاجتماعية.

   وطالب العمال المسرحون بأجورهم نظراً لعدم انطباق هذه الشروط على حالتهم، فتقدّمت الشركة بدعوى قضائية في مواجهة دعوى العمال. ووفقاً لكتاب الوزارة المذكور، طلبت محكمة الاستئناف العمالية بدير الزور من مؤسسة التأمينات بيان براءة ذمة شركة «إم بي» بالكتاب رقم 12 / 2004، فكان ردّ المؤسسة بأن الشركة مذمومة للمؤسسة عن عقود أخرى، فصدر قرار المحكمة القطعي رقم 27 تاريخ 7/10/2004 بردّ  دعوى الشركة، وأحقية العمال بصرف جداول الأجور. ولم تنفذ مؤسسة التأمينات بدير الزور القرار، وادعى فيها السيد جمال أبو الخير أن القرار غير واضح ويحتاج إلى تفسير، وتقدم العمال بطلب قانوني للمحكمة للتفسير، فأكدت المحكمة أن القرار واضح ولا لبس فيه. وبهذا تكون المؤسسة قد خالفت كتاب الوزارة السابق، الذي ينصُّ على عدم وقف الأجور إذا لم تكن الشركة بريئة الذمة، بينما هي مذمومة ولا تزال تعمل،  وأيضا خالفت قرار المحكمة!!
وقُدّم القرار إلى قاضي التنفيذ المدني بدير الزور الذي سطّر كتاباً إلى المؤسسة للتنفيذ، لكنها لم تنفذ!؟
   وتوجّه العمال إلى وزيرة العمل الحالية بشكوى بتاريخ 13/7/2008 وطلب لتنفيذ القرار، فلم تستجب!! وجددوا شكواهم مرة ثانية بطلب آخر، قُدم بتاريخ 13/10/ 2008 ولم تستجب الوزارة أيضاً!؟ مع العلم أن من لا ينفذ الأحكام القضائية يعرض نفسه لدعوى جزائية، حيث تقول المادة 361 من قانون العقوبات السوري العام: «كل موظف يستعمل سلطته أو نفوذه مباشرة أو غير مباشرة ليعوق أو يؤخر تطبيق القوانين، أو تنفيذ قرار قضائي، أو مذكرة قضائية، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين».
   ولغاية تاريخه، مازال القرار في أدراج السيدة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارتها، وما تزال حقوق العمال ضائعة، ومعاناتهم تزداد يوماً بعد يوم، في ظلّ الوضع الاقتصادي والمعيشي السيئ الذي يزداد سوءاً كل يوم، بسب سياسة الفريق الاقتصادي في الحكومة، والتي تعتبر وزيرة الشؤون الاجتماعية إحدى أهم أعضائه.
وفي الختام نقول: من ينصف هؤلاء العمال، إذا كان القائمون على تنفيذ القانون لا ينفذونه، بل ويخالفونه متعمدين؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
386
آخر تعديل على الجمعة, 16 كانون1/ديسمبر 2016 16:44