مرة أخرى... هل يتحقق حلم السيد الوزير؟

في الآونة الأخيرة تكاثفت اجتماعات وزير الصناعة مع المؤسسات الصناعية والشركات التابعة لها، والغاية من هذه الاجتماعات المتوالية، كما يبدو، الاطلاع المباشر والتقييم لأوضاع هذه المؤسسات الصناعية  من حيث الخطط الإنتاجية والاستثمارية، والتي قال وصفها وزير الصناعة بأنها لا تسر.

إن المتتبع لسير النقاشات التي كانت تدور، وما كتبته الصحف المحلية أيضاً، يلاحظ مباشرة الوضع الخطير الذي يكتنف عمل هذه الشركات والمؤسسات (خسائر بالملايين ـ خطوط إنتاجية متوقفة ـ مخزونات  كبيرة ومنها تالف ـ  نقص في المواد الأولية ـ نقص في السيولة)، وانعكاس ذلك على أوضاع العمال وحقوقهم المختلفة والتي يجري المطالبة بها بكل مناسبة، ولكن دائماً (على الوعد يا كمّون).
في المذكرة التي قدمها الاتحاد المهني لنقابات عمال المواد الغذائية إلى الاجتماع  أشارت مقدمتها إلى المذكرة توضح المعاناة المشتركة على مستوى نقابات الصناعات الغذائية ونقابات عمال التبغ كافة.
هذه المعاناة كما ذكرت المذكرة تتجلى في الشركات من خلال:

1. نقص في المادة الأولية
2. نقص في السيولة المالية
3. آليات الشركات
4. وضع المخازين المنتهية الصلاحية وغير الصالحة للاستهلاك البشري.
5. الخطوط الإنتاجية للعديد من الشركات.
6. تكاليف الإنتاج العالمية ،وبالتالي عدم القدرة على التسويق والمنافسة.
أما فيما  يخص العمال فقد عرضت مذكرة الاتحاد المهني النقاط التالية:


1. الوجبة الوقائية لعمال شركات السكر، حيث يتعرض العمال لأكثر من 30 مادة كيميائية ولجميع العمال الآخرين في الشركات، حيث يأخذ الوجبة قسم من العمال والقسم الأعظم لا يحصل على وجبة وقائية على ضآلة قيمتها (16 ل.س).
2. طبيعة العمل لخريجي المعاهد الصناعية والثانويات الصناعية، والذين تخرجوا بعد عام 1985
3. فتح سقف الحوافز الإنتاجية.
4. تشميل العاملين بمؤسسة التبغ، والذين يتعرضون لغبار التبغ، بالمرسوم 346 ونظراً لتعرضهم لمواد مسرطنة ،وإضافة أسمائهم إلى جدول المهن الشاقة والخطرة.
إضافة إلى مذكرة الاتحاد المهني، قدم مدراء المؤسسات والشركات وجهات نظر عدة عن أوضاع الشركات وما آلت إليه ، (وكل منهم قدّم العذر الذي يبرئه من تحمل المسؤولية المحددة تجاه هذه الشركة، أو تلك، وكأن الاجتماعات هذه قد خصصت لتقديم صك البراءة لكل مدير من المدراء ،دون أن تحدد المسؤولية الحقيقية التي أوصلت هذه الشركات إلى هذا الخراب العظيم الذي تعيشه، وبالتالي فإن هذه  الاجتماعات لم تخرج بإجراءات وتوصيات صارمة، تضع النقاط على الحروف وتحدد المسؤوليات وتجري المحاسبات، لأن ما جرى في هذه المؤسسات والشركات بخص الاقتصاد الوطني بمجمله،وبالتالي سينعكس ذلك بالضرورة على مصالح الشعب السوري وعلى مستوى معيشته، وأيضاً على قدرة البلد على الصمود والمواجهة.
فهل يجوز أن نترك الأمور على عواهنها كما يقال.
طرح وزير الصناعة في مقابلة له مع صحيفة تشرين يوم الخميس 2/تشرين الثاني /2006 عدة تساؤلات مهمة، ولكنها غير كافية لتحديد من هو المسؤول عن خراب الشركات، وكيف الخروج من عنق الزجاجة.

والأسئلة التي طرحها الوزير هي:
● من المسؤول عن تراجع أداء الشركات؟ هل هم المديرون العامّون للشركات فقط؟
● ما الفائدة من وجود مجالس إدارة ومؤسسات، إذا كانت لا تؤدي  دورها المطلوب؟ وهل إلغاؤها أفضل من بقائها؟
وكانت إجابته عن تلك الأسئلة التي طرحها:أن مديري المؤسسات واللجان الإدارية مسؤولون عن التقصير، و وجد أن دور المؤسسات ضعيف تجاه شركاتها.
ونحن بدورنا نطرح سؤالاً: لماذا بقيت تلك المؤسسات والإدارات إلى الآن تؤدي دورها الضعيف والذي أدى بدوره إلى خراب البصرة؟
إن الإجابة عن ذلك كما نعتقد لها علاقة بأشياء عدة، لم تأت عليها الاجتماعات التي جرت وهي:
أولاً ـ سياسة الحكومات المتعاقبة تجاه القطاع العام، والنظرة إليه باعتباره قطاعا قد انتهى دوره، وبالتالي تركه يسير إلى المآل الذي يريدونه له، وهذا يفسر واقع الشركات من حيث قدم خطوطها الإنتاجية ،وعدم قدرتها على تشغيل المعامل بطاقتها الإنتاجية، وعدم وجود مواد أولية تمكن المعامل من الإنتاج المتواتر،و التكاليف العالية، وهدر الطاقة والعجز المالي وفقدان السيولة اللازمة للتجديد والتطوير التي تحتاجه هذا الشركات.
ثانياً ـ السياسة المتبعة في تعيين المدراء والمسؤولين الأساسيين عن مفاصل العملية الإنتاجية والمالية والتسويقية، والتي تخضع لاعتبارات لا علاقة لها بالكفاءة والخبرة والوطنية والحرص على الاقتصاد الوطني، بل لها علاقة بأشياء أخرى؟!!
ثالثاً ـ حلقات الفساد في المفاصل الأساسية، والتي تعتبر القطاع العام بقرة حلوب لابد من استنزافها والإثراء غير المشروع على حسابها دون مسائلة أو حساب  على الرغم من وجود آلاف التقارير عند الرقابة والتفتيش عن حالات نهب وفساد، ولكن الفئران أولى بها.
وأخيراً: نقول للسيد الوزير: إن الوطن مليء بأبنائه الخيرين، ونعيد  ماقالته الزاوية الحادة في قاسيون: وهو أن يتحقق حلم السيد الوزير وقناعته بأن المحاسبة يجب أن تطال الجميع من أجل إيقاف الفساد، وأن الرجل المناسب يجب أن يكون في موقعه المناسب مع عدم التدخل من جهات أخرى.

معلومات إضافية

العدد رقم:
285