عمال بلا تعويضات منصفة
بعد دمج مؤسسة استثمار الغاب مع مديرية الزراعة في الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب، بقي التباين والتمييز قائماً بين عمال المؤسستين المندمجتين في جوانب شتى، منها على سبيل المثال لا الحصر الوصفة الطبية الشهرية وطبيعة العمل, فبعض العمال لا يتقاضون تعويضاً عن طبيعة العمل رغم ظروف عملهم التي تتطلب بذل جهد مضاعف في ظروف استثنائية، كالمراقبين البيطريين والمراقبين الزراعيين، فعمل هؤلاء الميداني أشد صعوبة مما يقوم به زملاؤهم في المكاتب المكيفة.
فالعمال الزراعيون يعملون في الحقول، تلفحهم الشمس الحارقة وغبار الأتربة صيفاً، وينال من عظامهم برد الشتاء وصقيعه، كما تزكم أنوف العمال البيطريين روائح الحظائر ونتانة المواشي التي تصيب البعض منهم بالأمراض المعدية المهلكة.
وما هو أخطر من ذلك طبيعة عمل عمال الإطفاء، المؤقتين منهم والدائمين، فالصراع مع النيران من أقسى الأعمال وأخطرها على العاملين في هذا المجال، والحقيقة أن الكثيرين منهم تعرضوا لإصابات عمل واختناقات، ومنهم من قضى نحبه في مواجهة النيران وإخمادها في هذا الموقع أو سواه من مواقع العمل، دون أن يخصص له أو لذويه من بعده أي تعويض.
إن ما تتعرض له هذه الشرائح من العمال لها من الآثار السلبية والارتدادات المحبطة على سير العمل الكثير الكثير، فلا نستغرب إذا كان بالإمكان إخماد حريق هنا أو هناك واستمر لفترة مضاعفة، أو إذا ما تقاعس عامل في هذا المكان أو ذاك عن أداء واجبه كما ينبغي، فالمحفزات والتعويضات هي بمثابة قوة دفع إضافية لزيادة إنتاجية العمل و تلاؤم العاملين ورضاهم عن منظمتهم، وإذا ما انتفى ذلك شعروا بالاغتراب.
هؤلاء العمال محرومون من تعويض طبيعة العمل، وهم يقومون بالجولات الميدانية بلا مقابل، ويعانون من التمييز المطبق عليهم فيما يخص قيمة الوصفة الطبية الشهرية، فمنهم من يستفيد من هذه الميزة بحدود 400 ل.س شهرياً، والبعض الآخر محروم منها، وهناك من الإداريين من يستفيد من طبيعة العمل والجولات، أما العمال الميدانيون فلا تطالهم هذه المنفعة، ولم يبق لهم من ميزة يستفيدون منها سوى بطاقة اللباس التي راحت بدورها تتآكل بفعل احتكاكها مع معوقات صرفها، بدءاً من المدة الزمنية المحددة لذلك، مروراً بالمواد المتوفرة لجهة صرف قيمة هذا الوصل وأسعارها المضاعفة، وصولاً إلى مكان الجهة الحصرية المخولة بصرف قيمتها. فمنذ عام 2007 تم تحديد المؤسسة الاجتماعية العسكرية في مدينة مصياف كجهة حصرية لصرف قيمة وصل اللباس للعمال الزراعيين والسائقين والمهندسين التابعين للهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب، فللمهندس الزراعي عمل ميداني 400 ل.س، وللمراقب البيطري 2350 ل.س، والمراقب الزراعي 400 ل.س، أما السائق فقيمة وصل اللباس السنوي هي 7400 ل.س، ورغم هذا التباين الواضح في قيم وصل اللباس لكل من الفئات السابقة، فإنهم يعانون الكثير من المشاكل حتى يحصلوا على قيمة بطاقة اللباس دون مبرر، فبعد أن كانوا يصرفون قيمة هذا الوصل من مدينة السقيلبية، وهي المكان الأقرب والأنسب للعمال الزراعيين، جرى تحويلهم إلى مدينة مصياف لغاية لا يعلمها سوى من أصدر هذه الأوامر، فمصياف تبعد عن مكان عمل بعض العمال نحو 100 كم، ومبلغ 400 ل.س في هذه الحالة لن يكفي أجور طريق، وهو ما جعل المستفيد من بطاقة اللباس يلجأ لبيع وصله بنصف القيمة ليظهر تجار وسماسرة هذا النوع من التجارة على وجه الماء العكر.
وإذا ما تم تجاوز التباين بقيم وصل اللباس بين العمال الزراعيين وبعد المسافة، وإذا ما أصر أحدهم على الحصول على حقه كاملاً، وتوجه إلى المؤسسة الاجتماعية في مصياف، حينئذ سيصطدم بنوعية السلع الموجودة وأسعارها الكاوية التي تزيد عن أسعار السوق الحر بنسبة تتجاوز 30% في معظم الأحوال. وعلى كل حال لن يجد العامل طلبه من المواد الاستهلاكية التي يحتاجها، هذا علاوة عن المعاملة السيئة التي يتلقاها العمال من موظفي الصالة، إذ يتم التعامل مع العمال المستفيدين من ميزة وصل اللباس كأنهم متسولون. هذا ما يقوله البعض ممن التقيناهم من العمال والمهندسين، وقد أبدوا استياءهم وامتعاضهم من تلك الإجراءات المعيبة، وتقدموا بهذه المطالب:
1- صرف قيمة وصل اللباس من أية جهة تابعة للقطاع العام، أو تسلمها نقداً..
2- زيادة قيمة وصل اللباس بحكم أن الجميع عمال وفنيون ميدانيون يخضعون لشروط العمل وظروفه نفسها.
3- تعويض العاملين عن الجولات الميدانية.
4- مساواة هذه الشريحة مع غيرها فيما يخص الوصفة الطبية الشهرية.
5- العمل على إنصاف عمال الإطفاء فيما يخص إصابات العمل وتعويض الوفاة لأن العمل على صرف قيمة وصل اللباس من أية مؤسسة استهلاكية أو هيئة عامة يسهل سير العمل، ويوفر يوم عمل مهدور على الطرقات, والأفضل هو صرف وصل اللباس نقداً، فذلك يقطع الطريق على التجار والسماسرة الذين يمتصون دماء العمال، وحينها لن يكون العمال عرضة للاستغلال في مثل هذه القضية، إذ يجبرون على شراء السلع الموجودة المتوفرة في المؤسسة الاجتماعية وبالأسعار التي يحددها من يعملون فيها..
العدل والإنصاف للعمال.. فبصون كرامتهم يصان الوطن.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 415