سهيل قوطرش سهيل قوطرش

المؤتمرات النقابية.. تقييم ومراجعة دور الحركة النقابية

الدفاع عن الحقوق المكتسبة  للطبقة العاملة باستخدام الوسائل التي تمكنها من صون مواقفها بما فيها حق الإضراب في وجه القوى التي تحاول أن تقوض اقتصادنا الوطني
الوقوف بوجه أي تسريحات كانت ومهما كانت مسوغاتها..
سُلَّم متحرك للأجور.. يتلاءم مع مستوى المعيشة
استقلالية الحركة النقابية
في معرض الحديث عن دور الحركة النقابية في أي بلد من بلدان العالم لابد من التوقف عند ماهية طبيعة هذه المنظمة وهل حقاً تمثل مصالح الطبقة العاملة، أم أنها تعبر عن مصالح الطبقات والفئات الحاكمة، البرجوازية بكل شرائحها، وتعمل على تمييع النضال الطبقي تحت لافتات وشعارات طبقية براقة.

لقد أثبتت التجارب أن استقلالية الحركة النقابية قضية هامة في نضال الطبقة العاملة في سبيل حقوقها. فالنقابة تمثل طيفاً واسعاً من ابناء الطبقة العاملة بكل مشاربها الفكرية والسياسية والاجتماعية يجمعهم هم واحد هو الدفاع عن مصالحهم الطبقية ويرتبط نضالهم الطبقي بنضالهم الوطني وينطلقون في الدفاع عن موقفهم   الوطني من منظار طبقي، بحيث حيث لا يوجد أي تناقض ما بين الوطني والطبقي فما دامت السياسة الوطنية ارتبطت بمصالح العاملين بأجر الذين يمثلون خط الدفاع الأول في الاستقلال  الوطني.

الدفاع عن مصالح العاملين
وعندما نتكلم عن استقلالية القرار النقابي، لا يعني هذا المطالبة بابتعاد الحركة النقابية عن محيطها الوطني فهي مرتبطة وبأشكال مختلفة بالأحزاب والقوى الوطنية الموجودة، ولهذا يجب أن تكون الوعاء الذي من خلاله تنصهر فيه كل القوى من اجل الدفاع عن مصالح العاملين بأجر بدون أن تتحول هذه المنظمة إلى أداة لتحقيق أهداف حزبية ضيقة على حساب المصلحة العامة للعاملين بشكل عام.
وقد أثبتت التجربة بأن الانطلاق من منظور أن الحركة النقابية والحكومة فريق عمل واحد، أضرَّ بمصلحة الحركة والدور المناط بها، وهذا ما وجدناه على أرض الواقع في تجربة الحركة النقابية في بلدان المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفييتي السابق، والتي تتنافى بشكل مطلق مع المقولة اللينينية التي تدعو إلى استقلالية الحركة النقابية، والتي تعتبر الحركة النقابية «مدرسة للحركة الثورية» تساهم من خلالها  الطبقة العاملة في الدفاع عن مصالحها المرتبطة أساساً بالمصلحة الوطنية العليا. فهذه المقولة أداة لنفي دور أحد طرفي المعادلة على حساب الطرف الآخر، وتكون الحكومة ممثلة بإداراتها الطرف الأقوى في نفي الطرف الآخر لأسباب نعرفها جميعاً لا مجال للخوض بها الآن.

الشعار.. والواقع الموضوعي
وانطلاقاً مما سبق، من الهام جداً أن تتحول المؤتمرات النقابية في هذه المرحلة إلى عنصر فعال من عناصر التطوير والتحديث، وذلك من خلال تحويل هذا الشعار إلى مواقع العمل الفعلي، وللاتحاد العام لنقابات العمال في بلادنا تجربة هامة وغنية في هذا المضمار، انطلاقاً من مؤتمر الإبداع الوطني والاعتماد على الذات، والذي ساهمت الحركة النقابية في الدعوة والتحضير إليه،  مبادرة منها في تحويل شعار الاعتماد الذات إلى واقع موضوعي يتحمل الجميع مسؤولية تشخيص الواقع الاقتصادي ووضع السياسات اللازمة لمعالجته يما يتلاءم مع المصلحة  الوطنية العليا، حيث عانت البلاد ماعانته من سوء الإدارة الاقتصادية بكل مستوياتها، والتي انعكست بشكل سلبي على الوضع العام في البلا،د مما أدى إلى ازدياد نسبة التضخم بشكل عام وإلى الركود الاقتصادي وارتفاع نسبة المخازين والتي انعكست سلباً على تطور العملية الإنتاجية وساهم بشكل مباشر بتخفيض إنتاجية العامل بشكل عام نتيجة للسياسات الاقتصادية التي وضعت أنذاك بما يتوافق مع وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين عبر ممثلين في بلادنا والذين ساهموا في وضع نتائج مؤتمر الإبداع الوطني والاعتماد على الذات في أرشيف الحكومة وحكموا على التطور الاقتصادي لبلادنا بالموت  البطيىء حيث كانت نتائج تطبيق سياساتهم الاقتصادية ليس تحصين الاقتصاد الوطني، كما كانوا يزعمون، بل إنهاك الاقتصاد  الوطني وإضعاف معدلات النمو، مما انعكس سلباً ليس على الوضع الاقتصادي  فحسب بل على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للعاملين بأجر بشكل عام ومهدوا بأشكال مختلفة لتفتيت المجتمع من الداخل وإحداث ردات فعل انعكاسية سلبية على مجمل السياسات الوطنية المتبعة والتي حاولوا ربطها بإفقار المجتمع نتيجة لهذه السياسات ارتبط بأذهان الناس أن الإفقار هو نتيجة للسياسة الوطنية المتبعة وضريبة ندفعها لهذه المواقف، وهم بنفس الوقت يزيدون من معدلات نهب الاقتصاد الوطني، ويساهمون بتعميق الفساد والرشوة تحت اللافتة الوطنية، ومن هنا يأتي دور الحركة النقابية التي يجب أن يكون /الترمومتر/ الذي من خلاله يمكن رصد مجمل الوضع الاقتصادي واكتشاف مواقع الخلل فيه. فالازدهار الاقتصادي إذا لم يقترن بتحسين الوضع المعاشي للجماهير الشعبية والحد من نسب البطالة يكون ازدهاراً خلبياً لا فائدة منه.

الحركة النقابية ملك للعمال
ولهذا يتوجب علينا أن نطور دور الحركة وعندما نقول ذلك لا نبغي المزاودة على أحد، كما لا نرغب في أن يزاود علينا أحد لأن الحركة النقابية ملك لعمال سورية قاطبة، ولا فرق بين هذا النقابي أو ذاك وبين هذا العامل أو ذاك إلا بما يقدم لخير هذا الوطن وعماله.
إن الحركة النقابية مدعوة اليوم إلى توسيع وتعميق نضالها وأساليبها في الدفاع عن الحقوق المكتسبة  للطبقة العاملة وذلك باستخدام الوسائل التي تمكنها من صون مواقفها بما فيها حق الإضراب كسلاح تستخدمه في وجه القوى التي تحاول أن تقوض اقتصادنا الوطني وتنال من حقوق عمالنا التي حصلوا عليها عبر نضالهم الطويل.
كما هي مدعوة اليوم إلى توسيع وتعميق نضالها لأنها باتت جزءاً من الرهان الشعبي، إلى جانب القوى السياسية الفاعلة في البلاد، والتي يجب أن تزج كل قواها في عملية التطوير والتحديث التي يجب أن تنعكس بشكل إيجابي على الجماهير الشعبية. فالصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها اليوم تتغذى من مكامن الخلل الموجودة لدينا كمنظمات وأحزاب وأفراد حيث استفادت القوى المضادة من وجودها وعملت على تعميقها لشق الصف الوطني ولإضعاف البلاد، للنيل منها.

مواجهة سياسات الخصخصة
فعلى الصعيد الاقتصادي، ينبغي على الحركة النقابية أن تقف بوجه كل السياسات التي تعمل على خصخصة قطاع الدولة بكل فروعه وإعادة النظر بطرح الأولويات في الإصلاح الاقتصادي  وتحديث القوانين بشكل عام وقضية هامة في عملية الإصلاح الإداري وذلك بتطوير هذه القوانين بما يخدم مصالح الطبقة العاملة و الجماهير الشعبية.
ـ عقلنة الإنفاق الحكومي وفضح أساليب النهب والفساد في مفاصل اقتصادنا الوطني والعمل على مكافحة الهدر بكل أشكاله والاستفادة من الطاقة الإنتاجية المتاحة.
ـ العمل لتطوير نظام الحوافز الإنتاجية بشكل يساهم في تحفيز المنتجين فعلاً وليس بتحفيز الذين يعيشون على حساب العملية الإنتاجية وهم عالة عليها.
ـ العمل من أجل تطوير وتعديل قانون العمل بما يتلاءم مع التطور الحاصل في القوى المنتجة مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة لعمالنا وتطويرها بما يخدم تطور العملية الإنتاجية.
ـ الوقوف بوجه أي تسريحات كانت ومهما كانت مسوغاتها والعمل بشكل جاد لتنفيذ مضمون القانون رقم /8/ لعام 2001.
ـ توسيع الرعاية الاجتماعية والصحية للمتقاعدين عبر المشاريع الاجتماعية للنقابات والعمل على إنشاء لجان نقابية للمتقاعدين للدفاع عن حقوقهم وكأنهم على رأس عملهم.
ـ العمل من أجل صرف الوجبة الوقائية لكافة العاملين لأنها حق قانوني لا يمكن المساس فيه.
ـ وضع سياسة أجور جديدة تستند إلى سلة استهلاك واقعية واعتماد السلم المتحرك للأجور ورفع الحد الأدنى للأجور بمما يتلاءم مع مستوى المعيشة والإقرار بحق العمال في تصحيح أجورهم وتحرير الجانب المالي من القانون الأساسي للعاملين في الدولة الذي عطل بموجب بلاغات وتعاميم سابقة لمجلس الوزراء اجهضت أنذاك المزايا الإيجابية للقانون وكرست سلبياته بشكل واضح وصريح.
من كل ما تقدم نرى أن مساهمة الحركة النقابية اليوم في الدفاع عن حقوق عمالنا وصون استقلالنا الوطني كان ولايزال وسيبقى الهاجس الحقيقي لعمالنا وشعار من شعارات حركتنا النقابية في مؤتمراتها وهي تعمل من أجل ذلك على صون وحدة الطبقة العاملة السورية وتدافع عن قطاع الدولة الذي يمثل العمود  الفقري لاقتصادنا الوطني.
إن المؤتمرات النقابية التي بدأت أعمالها في مطلع هذا الشهر ستكون المحك العملي لهذا الدور الإيجابي  الذي ينشده عمالنا من حركتهم التي يرون فيها صنوان للوحدة الوطنية يجب الحفاظ عليه وتطويره بما يخدم مصلحة العمل والعمال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
168